"منصة يمين وأخرى شمال"... مع استمرار أزمة "كورونا" في الكويت، التي دخلت عامها الثاني، تولد كل فترة منصة حكومية من إحدى وزارات الدولة ومؤسساتها، التي تسابقت لإنشاء منصة خاصة بها، اعتقاداً ورغبة منها لتسهيل آلية العمل لمراجعيها وموظفيها وغيرهم، لكن الواقع عكس ذلك تماماً! "متى، كويت مسافر، بالسلامة، شلونك، تيسير، وغيرها"، جميعها منصّات ظهرت مع دخول وباء كورونا إلى البلاد، ودون أدنى شك، فإن إنشاء المنصّات الحكومية في مثل هذه الأزمات، هو قرار واقعي وصحيح؛ يساعد في القضاء على كثير من المشكلات والمعوقات التي تواجه المراجعين لأي من تلك الجهات، حرصاً من هذه الجهات على اتباع الإرشادات الصحية وتقليل الزحام في الأماكن الحكومية، وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي، في محاولة للحد من انتشار الفيروس، لكن التساؤل المطروح، هل حققت هذه المنصات أهدافها التي أنشئت من أجلها؟ أم أنها كانت عبئاً على المواطنين والمقيمين وزادت معاناتهم؟! على سبيل المثال، منصة (كويت مسافر)، تطبيق أعلنته أخيراً الإدارة العامة للطيران المدني، لخدمة جميع المسافرين من الكويت وإليها، بالتزامن مع عودة فتح الرحلات الجوية التجارية، إذ يحتوي على العديد من الإرشادات والتوجيهات المعتمدة من وزارتي الصحة والداخلية، إضافة إلى تعليمات "الطيران المدني"، لتلبية متطلبات السفر مع مراعاة الظروف الوبائية الحالية، لكن مع الإعلان عن المنصة تم إغلاق مطار الكويت، ووقف الرحلات التجارية باستثناء المواطنين الراغبين في السفر أو العودة إلى الكويت، وهذا يؤكد أن المنصة لم تحقق أهدافها بشكل كامل! أما منصة (بالسلامة)، التي خصصت لاستقدام العمالة المنزلية، فلم تؤتِ ثمارها أو تحققت طموحات المواطنين الراغبين في استقدام هذه العمالة، وسط النقص الحاد والكبير الذي يعانيه السوق حالياً، لاسيما مع اقتراب دخول شهر رمضان الذي يشهد طلباً واسعاً على العمالة المنزلية بشكل لافت. وعلى الرغم من إعلان الحكومة أنه سيتم استقدام نحو 80 ألف عاملة منزلية، ممن يحملن إقامات عمل سارية داخل البلاد، غير أن الواقع عكس ذلك تماماً، فإجمالي ما تم استقدامه من العاملات حتى الآن، وفق ما ذكره عدد من أصحاب من المكاتب، لم يتجاوز 9 الاف عاملة فقط، إلى جانب شكاوى أصحاب المكاتب من قيام الشركة المعنية بالمنصة بمضاعفة أسعار تذاكر السفر الخاصة بهذه العمالة، مما أثر سلباً على المكاتب، وانعكس أيضاً على طلبات الاستقدام، التي انخفضت إلى ما دون 60 في المئة، ما يؤكد فشل المنصة في حل المشكلة التي ما تزال تراوح مكانها، وتستمر معها معاناة أصحاب المكاتب وراغبي التعاقد مع هذه العمالة. وفيما يتعلق بمنصة (تيسير)، التي أطلقتها الهيئة العامة للقوى العاملة لتوفير فرص عمل لـ (البدون)، والتي أعلنت الهيئة مراراً أن أعداد المسجلين فيها تجاوز الآلاف، فلم تكن أفضل حالاً من مثيلاتها، لاسيما مع الشروط التي وضعتها الهيئة للاستفادة منها، أبرزها أن يكون للمسجل بيان لدى الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير قانونية، وأن تكون بطاقته الأمنية سارية المفعول وغير منتهية، وأن يكون له رقم مدني، وجنسية محددة في المدنية، وهي مفارقة غريبة تحمل في طياتها الكثير من التناقضات، فالإعلان عن تسجيل الآلاف لا يعني بأي حال من الأحوال نجاح المنصة، أو تحقيقها الهدف المنشود، إذ إن آلاف "البدون" دون عمل منذ سنوات طويلة، وأي إعلان عن وظيفة يلقى إقبالاً بعشرات الآلاف، كما أن الأغلبية العظمى من هذه الفئة لا يحملون بطاقات أمنية سارية المفعول، فضلاً عن التناقض في جزئية (أن يحمل الراغب في التسجيل جنسية محددة)، وهي آلية لا تشجع على حل أي من المشكلات المرتبطة بهذه الفئة من قريب أو بعيد، وبالتالي عدم جدوى المنصة! أزمات ومطالب اللجوء إلى المنصات الإلكترونية والتطبيقات الذكية، في ظل المطالب بفاعلية أكبر للحكومة الإلكترونية خلال الأزمات، مطلب مهم ورئيس، لكن الأهم من ذلك كله، البحث في أسباب وأهداف إنشاء المنصات، والتأكيد على أن تكون ذراعاً مساعدة وفاعلة في حل مختلف القضايا التي تمس المواطن والمقيم، بدلاً من وضعها الحالي الذي يرهق كاهل الدولة ويكلفها مبالغ مالية إضافية دون فائدة!
مشاركة :