لا تزال الحضارة المصرية القديمة تُبهر العالم بأسرارها التي تأبى أن تتوارى بفعل الزمن ومرور آلاف السنين ؛ بل يزال العلماء بمختلف تخصصاتهم يستغرقون في البحث عن مفاتيح يمكنها فك تلاصم وحل ألغاز هذه الحضارة العريقة ، لا سيما فيما يتعلق بـ أسرار التحنيط الذي تُعَد أحد أبرز عبقريات المصري القديم؛ فعلى الرغم من الأعداد الهائلة للجثامين المحنطة المُكتشفة حديثًا إلا أن تقنيات وتفاصيل هذه العملية الطبية المعقدة، لا تزال واضحة على وجه الدقة. أُضيفت اليوم محاولة علمية جديدة لحل ألغاز كيفية قيام المصريين القدماء بعمليات تحنيط جثامين الموتى؛ إذ كشفت دراسة جديدة أجراها علماء بجامعة «كوبنهاجن» الدنماركية، أسرار مراحل تحنيط الوجه الأربعة. و استندت الدراسة التي نشرها موقع «ancient-origins» العلمي، إلى بردية طبية مصرية قديمة، يعود تاريخها، إلى 1450 قبل الميلاد، وكشفت عن تفاصيل التقنيات الكيميائية المتقدمة، لكل جزء من أجزاء الجسم، لافتة إلى تفاصيل عملية تحنيط وجه المتوفى التي تستغرق أربعة مراحل. هيرودوت يؤرخ جزءًا من اللغز عنى المصري القديم بفن التحنيط؛ إذ ارتبطت الديانة المصرية بعقيدة البعث والخلود معتبرة أن الحفاظ على جسد المتوفى سليمًا يعد بوابته للعبور إلى عالم الحياة الأبدية. و أرخ اليوناني، هيرودوت، في نصوص يعود تاريخها إلى القرن الخامس قبل الميلاد لبعض أسرار التحنيط عبر سرد الخطوات المعمول بها في الحضارة المصرية القدية لتفاصيل تحضير وحفظ جثث الممياوات، وكشف بعض أسرار التحنيط المتعلقة بأن المحنطون كانو يفرغون جسد المتوفى من أحشائه وكل أعضائه النابضة أو التي تحوي أغشية أو دماء، بدءًا من الدماغ التي يتم تفريغ محتوياتها عير تجويف الم وفتحتي الأنف، مرورًا بتعقيم تجويف الصدر والبطن،و الساقين، ثم وصولًا إلى نقع الجسد في محلول ملحي يحتوي خليط من رماد الصودا وبيكربونات الصوديوم لامتصاص ما تبقى من السوائل لضمان منع التعفن وتحلل الجسد، قبل لفه بالكتان قلا دفنه. أسرار جديدة لكن البردية المُكتشفة حديثًا كشفت عن العديد من الأسرار، المتعلقة بتحنيط الوجه تحديدًا وتقنيات تفريغ الدماغ البشري من محتوياتها عبر الأنف، والتفاصيل المعقدة المستخدمة في تحضير الموتى للحياة الآخرة . تحتوي المخطوطة التي يبلغ طولها ستة أمتار، والتي تحمل اسم «بردية لوفر-كارلسبرخ »، يرجع تاريخها إلى حوالي 1450 قبل الميلاد، على إرشادات لتذكير الطبيب المُحنط بالخطوات والعمليات التي يجب أن يتبعها أثناء إجراء عملية التحنيط وأكدت عالمة المصريات صوفي شيت ،الباحث المشارك و المسؤولة عن ترجمة البردية أن البردية المكتشفة تعد نصًا إسترشاديًا مُساعدًا يستخدمه المختصون لتذكر التفاصيل المعقدة لنوعية ومقادير الوصفات الكيميائية وكذلك أنواع الضمادات لمُخصصة لطل جزء من أجزاء الجسم. تفاصيل مراحل تحنيط الوجه الأربعة وحوت البردية تفاصيل حول مكونات الخلطات الكيميائية المستخدمة لتحنيط الوجه على وجه التحديد، والتي تحوي مواد عطرية نباتية وأخرى كيميائية يتم طهيها في سائل، مُغطى بقطعة من الكتان الأحمر تتشرب أبخرة تلك المواد الكيميائية معًا ثم إضافتها إلى شرنقة عطرية مضادة للبكتريا، وتكرار هذه العملية المعقدة لمدة أربع أيام، قبل وضع هذه القطعة على وجه المتوفى لتغليفه بها. وطقوس نتعرف عليها للمرة الأولى وفق للفريق البحثي بجامعة «كوبنهاجن» ، تكمن أهمية بردية اللوفر وكارلسبرج في الكشف عن تفصايل الخطوط العريضة لعملية التحنيط المُقسمة بها إلى أربعة مراحل، تستغرق حوالي أربعة أيام من العمل المتواصل من فريق المحنطين. وكشفت البردية كذلك بعض أسرار الطقوس الاحتفالية بأيام التحنيط الأربعة، وضمنها 17 موكبًا طقسيًا للاحتفاء بتحقيق هدف السلامة الجسدية للمومياء لتحضيرها للحياة الأخرى، فضلًا عن تغطية الجثامين بالكتان والقش العطري.
مشاركة :