معركة في منظمة التجارة للتنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات كورونا

  • 3/2/2021
  • 02:15
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه منظمة التجارة العالمية دعوات تقودها الهند وجنوب إفريقيا للتنازل عن حقوق الملكية الفكرية للقاحات ضد فيروس كورونا، وهي فكرة ترفضها شركات الأدوية العملاقة وبلدانها بشكل قاطع. وطرحت المنظمة المسألة المثيرة للانقسام خلال أول اجتماع لمجلسها العام الذي عقد أمس ويستمر إلى اليوم مع تولي مديرتها الجديدة نجوزي أوكونجو-إيويلا منصبها. وبحسب "الفرنسية"، ترى بعض الدول في التنازل عن الملكية الفكرية إجراء يسمح بتسريع الجهود لوضع حد للوباء الفتاك الذي شل الاقتصاد العالمي. قدمت الهند وجنوب إفريقيا في 2 تشرين الأول (أكتوبر) خطتهما المتعلقة بالملكية الفكرية وحازت دعم عدد كبير من الدول الناشئة التي توقعت عن حق أن تجد نفسها في موقع متأخر من السباق للحصول على اللقاحات. ويقترح النص منح إعفاء مؤقت من بعض الالتزامات بموجب الاتفاق حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية المعروف باسم "اتفاق تريبس"، بما يمكن أي بلد من إنتاج اللقاحات دون الاكتراث لبراءات الاختراع. ويغطي الإعفاء أيضا "التصاميم الصناعية وحقوق التأليف والنشر وحماية المعلومات غير المكشوف عنها" على أن يسري "حتى تنفيذ التلقيح على نطاق واسع عالميا واكتساب أغلبية سكان العالم مناعة" ضد الفيروس. وتدعم أكثر من 80 دولة المقترح من بينها الأرجنتين وبنجلادش والكونغو الديمقراطية ومصر وإندونيسيا وكينيا ونيجيريا باكستان وفنزويلا. كما تدعمه منظمات غير حكومية من بينها أطباء بلا حدود. وتعتقد هذه الجهات الداعمة أن المقترح سيسهل الحصول سريعا على منتجات طبية بأسعار مقبولة لكل البلدان التي تحتاج إليها. وقالت سيدني وونج، المديرة التنفيذية المشاركة لحملة أطباء بلا حدود لتوفير الأدوية الأساسية إن "جميع الأدوات الصحية والتكنولوجيا المرتبطة بكوفيد - 19 يجب أن تكون منفعة عامة عالمية غير خاضعة للعوائق التي تفرضها براءات الاختراع وحقوق الملكية الفكرية". كما تحظى الفكرة أيضا بدعم المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس. وصرح الجمعة مبديا تأييده للمقترح "إذا لم نفعل الآن، فمتى؟"، منددا "بالمقاومة الشديدة ضده". ويعارض الاتحاد الدولي لصناعات وجمعيات الأدوية المقترح بشدة. وقال رئيس الاتحاد توماس كويني للصحافيين الأسبوع الفائت إن "سحب براءات الاختراع أو فرض تنازل عنها سيجعلكم لن يمنحكم جرعة واحدة إضافية". وتابع "لن يجعلكم ذلك قادرين على الحصول على اللقاح لأنكم لن تعرفوا رغم ذلك كيف توزعونه على نطاق واسع". وتعارض الفكرة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وسويسرا، البلدان التي تؤوي مقار كبرى شركات الأدوية، إضافة إلى أستراليا وبريطانيا واليابان والنروج وسنغافورة. ويشير المعارضون إلى الاستثمار المالي الكبير الذي أقدمت عليه المختبرات لتطوير اللقاحات في وقت قياسي، وهم يعتقدون أنها في أفضل موقع لإنتاج اللقاحات على النطاق العالمي المطلوب. ويلفتون إلى أن قواعد الملكية الفكرية السارية في منظمة التجارة تتضمن أحكاما تنص على منح "تراخيص إلزامية"، وضعت تحديدا للحالات الطارئة. وتمنح التراخيص الإلزامية شركات غير تلك التي تحمل براءة الاختراع ترخيصا لتصنيع منتج، ضمن إجراءات وشروط معينة يجب احترامها. لكن الدول الداعمة للمقترح تقول إن الحصول على هذه التراخيص الإلزامية تدبير بيروقراطي استثنائي، يخضع للكثير من العقبات أبرزها وجوب النظر في كل حالة على حدة. وتحرص المديرة الجديدة للمنظمة نجوزي أوكونجو-إيويلا، التي تسلمت منصبها أمس، على تفادي حدوث خلاف في يوم عملها الأول. وهي تدعو إلى المرونة وتشجع عوضا عن ذلك على التوصل لاتفاقيات ترخيص طوعية، كالاتفاق الذي تم التوصل له بين شركة أسترازينيكا و"سيروم اينستيتيوت أوف إنديا" الهندي لتصنيع لقاحات شركة الأدوية العملاقة. وفي نهاية تسعينيات القرن الماضي، أثارت الأدوية المضادة للفيروسات الارتجاعية ثورة في علاج متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). لكن تكلفة هذه الأدوية جعلتها خارج متناول المرضى. واستغرق الأمر عدة أعوام إلى بداية العقد الأول للقرن الحالي حتى يتم توقيع اتفاقيات لتسهيل تصنيع وتوزيع أدوية جنسية مضادة للفيروسات الارتجاعية بأسعار منخفضة للدول الفقيرة. وفي عام 2001، سمح المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي انعقد في الدوحة ببعض المرونة بشأن براءات الاختراع التي تمتلكها المجموعات الصيدلانية العملاقة، معترفا بحق البلاد التي تواجه طوارئ صحية في تصنيع أدوية جنسية أرخص. ثم سمح اتفاق مؤقت في عام 2003، تم تثبيته لاحقا في عام 2005، بالتنازل عن حقوق الملكية الفكرية بما يسمح للبلدان الفقيرة التي تواجه أمراضا معدية خطيرة مثل الملاريا والسل والإيدز، باستيراد أدوية جنسية إذا لم يكن بوسعها صنعها بنفسها. ووصلت نجوزي أوكونجو-إيويلا أمس إلى مقر منظمة التجارة العالمية لتتعرف على فرقها وممثلي الدول الأعضاء في اليوم الأول من ولاية تاريخية على رأس مؤسسة تواجه تحديات كبرى في أوج أزمة اقتصادية وصحية عالمية. وقالت الدكتورة نجوزي عند وصولها في وقت مبكر أمس إلى مقر منظمة التجارة العالمية المطل على بحيرة ليمان "أصل إلى إحدى أهم المؤسسات في العالم ولدينا الكثير من العمل. أشعر بأنني جاهزة لذلك". يذكر أن نجوزي أول امرأة وأول إفريقية تتولى رئاسة منظمة التجارة العالمية، وقالت إنها ستكرس يومها للاستماع إلى الوفود والسفراء والموظفين. وقالت "هناك اجتماع للمجلس العام وآمل أن أتمكن من الاستماع ومعرفة ماذا لدى الوفود لقوله، وما سيقوله السفراء حول مختلف الموضوعات وتبادل الآراء" موضحة أنها ستلتقي أيضا المديرين العامين المساعدين الذين تولوا إدارة المؤسسة على مدى الأشهر الستة خلال شغور المنصب وقسما من الفرق العاملة معها.

مشاركة :