الحياة في 2030قاسية ومكلفة ومعقدة

  • 9/11/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هل تحمل السنوات المقبلة للإنسان أفضل مما قدمت له عبر القرون السابقة؟ هل حاول أي منا أن يفكر ويتخيل شكل الحياة بعد عقدين من الآن، ولا يستطيع عاقل إنكار أهمية تصور شكل الحياة في المستقبل ،ويحلم أيضاً بما يريد أن يقدم على فعله، وأن يتوقع شكل حياته ويخطط لمستقبله، فمع مرور السنوات تزداد الحياة تعقيداً وصعوبة. في ظل الزخم الهائل من الاختراعات الحديثة والتقدم التكنولوجي الواضح الذي نعايشه الآن، أصبح واضحاً أن يتخطى هذا التقدم كل الحدود، وسوف تخرج علينا التكنولوجيا بأشياء لم نكن نتوقع رؤيتها في المستقبل القريب، فهلا تخيلت شكل الحياة مستقبلاً، وهل تصورت ردة فعلك تجاه الحياة الجديدة؟ البعض لا تتعدى أحلامهم الحصول على وظيفة طال انتظارها، ونيل فترات راحة أطول بين أيام العمل ليتمكنوا من الذهاب في رحلة خلوية إلى أحد الأماكن المثيرة، بعد أن يكونوا قد تقدم بهم العمر وكبر أبناؤهم والتحقوا بالجامعة، بينما تراود الآخرين أحلام أكبر مثل تمكنهم من سداد ديون تراكمت عليهم عبر السنين وأثقلت كاهلهم ليتخلص من هذه الأعباء المالية التي أوهنت عظامه. ويتوقع كثيرون أن الوظائف الجديدة سوف تحتاج إلى جهد أكبر، وأنه ستتوافر للبعض فرص أكثر لزيادة دخله من خلال العمل في المنزل، بينما يرى البعض الآخر أنه سيأتي على الإنسان الوقت الذي يتذكر فيه تلك الأفكار الخيالية ويطلق ضحكة ساخرة على ما آلت إليه أحلام الماضي. وبحسب صحيفة صنداي تايمز البريطانية، تشير آخر الإحصاءات إلى أن الجيل الحالي يعيش بالفعل في مأزق كبير، فأبناء هذا الجيل ممن تتراوح أعمارهم ما بين ال 20-35 عاماً، سوف يضطرون إلى العودة إلى منزل الأبوين ومشاركتهم العيش بسبب الضغوط الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة، إضافة إلى أنه سوف يكون عليهم الاعتناء بوالديهم بعد أن يتقدم بهما العمر ويحتاجان إلى قدر أكبر من الرعاية والاهتمام. وتضيف الصحيفة إنه بالرغم من أن أغلب أبناء هذا الجيل ربما يكونون أكثر حظاً من أبنائهم، بعدما سمحت لهم الظروف بالبقاء في منزل الأهل حتى بلوغ العشرينات، وذلك في الفترة ما بين 2000-2009، إلا أن الحظ لن يقف بجانب أطفالهم الذين سيجدون أنفسهم مجبرين على البقاء في بيوت الأهل حتى الثلاثينات وليس العشرينات، وسوف يكون الأمر مختلف تماماً، فآباء أبناء الجيل الحالي كانت لديهم القدرة على الإنفاق على أبنائهم، أو مساعدتهم على ادخار مبلغ من المال يمكنهم به ابتياع شقة، كما سنحت للأبناء فرص الاستفادة من الطفرة التي طالت أسعار العقارات في الثمانينات والتسعينات، أما آباء المستقبل فلن يحظوا بالقدرة على تقديم هذا العون المادي لأبنائهم. وتشير الإحصاءات في بريطانيا إلى أن عدد الرجال الذين تعدت أعمارهم الخامسة والستين، تفوق أعداد الشباب تحت سن السادسة عشرة. وبحلول العام 2017، سوف تزداد أعداد من هم فوق الخامسة والستين عن نسبة الخمسين في المئة من أعدادهم الآن. ومنذ وقت قريب، كان كل أربعة أفراد ممن هم في سن العمل يغطون نفقات المعاش لواحد من المتقاعدين، ويتوقع أن تقل النسبة في بداية 2020، كما تقول الصحيفة، لتصبح اثنين لواحد، وسوف تستمر في الانخفاض بحلول 2030، فما الحلول لهذه المشكلة؟ من الواضح إذاً أننا سنلجأ إلى بذل المزيد من الجهد في العمل، وإلى قضاء عدد أطول من الساعات، لكي نتمكن من تغطية نفقات معاشات المتقاعدين، وسداد كل الأعباء المالية الأخرى المتعلقة بالسكن والصحة والرعاية الاجتماعية، وباقي الأعباء الأخرى التي ربما يستحدثها أسلوب الحياة آنذاك. ومن المتوقع ظهور أزمة اقتصادية جديدة بسبب الديموغرافيا أو التوزيع السكاني في غضون عشرين سنة أو ربما أقل، وسوف تتطور هذه الأزمة لتتحول إلى مشكلة اجتماعية، إذ سيعيش كبار السن وسط ظروف صحية سيئة، يعانون نقص المساعدات والدعم النفسي والمادي. وللتغلب على أزماتنا، التي ستتجسد في تقديم العون إلى أبائنا، وأوجه الإنفاق الأخرى، سوف نلجأ إلى العمل لفترات أطول في وقت نكون تخطينا فيه الستين، وسيكتب علينا الاجتهاد والكد لكي نتمكن من التوفيق بين وظائفنا ومهامنا الإنسانية المتمثلة في دعم الأبوين، كما سوف نضطر في أحيان كثيرة إلى تأجيل عطلاتنا أو حتى إلغائها للتعامل مع عدد متنوع من الأزمات الصحية، وبدلا من تحويل الحجرات الخالية بالمنزل إلى مكتبات، ستحول إلى مأوى للجد أو الجدة. وكانت الأمهات في السبعينات، بدافع الحماسة وبما لديهن من وعي وثقافة، يؤخرن الحمل لصالح العمل، ومنذ سنوات قليلة، توصلت إحدى النظريات حول التغير الديموغرافي إلى أن معظم نساء الطبقة المتوسطة المنتميات إلى الجيل السابق، استفدن كثيراً من التغير الاجتماعي الحادث واستطعن إثبات وجودهن في مجالات عدة، بالرغم من أن ذلك أثر سلباً على قدراتهن على الإنجاب، وتوصلت الدراسة إلى أن كثيرات منهن حرمن من فرصة إنجاب ذلك العدد من الأطفال الذي طالما حلمن به، وأرجعت الدراسة ذلك إلى زواجهن المتأخر، ما نتج عنه انخفاض عدد المواليد في الفترة ما بين 1976, 2001. ومعروف أن كل جيل ينساق خلف قرارات سابقه، فنجد أناساً من جيلنا الحالي تزوجوا في سن مبكرة عن تلك التي تزوج فيها آباؤهم، وبالتالي أنجبوا أطفالاً في مرحلة مبكرة، إضافة إلى أن الجيل الحالي يتكاثر بوتيرة أسرع من سابقه، ومن المتوقع وقوع أبناء هذا الجيل في مآزق تجعله في احتياج للرعاية من قبل الأبوين والأبناء أيضاً، فما الاستراتيجية المناسبة للخروج من هذه المآزق المتوقعة؟ الحل كما أوردت الصحيفة يتمثل في العودة إلى الإقامة مع الأبوين، في مكان ربما لن يكون كافيا لاستيعابهم وأطفالهم، ما سيترتب عليه اللجوء إلى تصميم شقق إضافية في "البدروم" تكفي لهم ولأطفالهم، كما سوف تكون العودة مرة ثانية إلى منزل الأبوين لحاجتهما للرعاية والاهتمام. السياسي البريطاني وعضو حزب المحافظين ديفيد ويليتس كتب ذات مرة مقالاً في صحيفة الصنداي تايمز بعنوان الفصل بين أفراد المجتمع والذي يستعرض فيه تآكل قيم الأسر الاجتماعية، بعدما اضطر العديدون إلى الانفصال عن الأهل بسبب العمل أو الزواج أو في رحلة للبحث عن الحرية. وفي بلد مثل الصين، من المألوف أن يعيش الأبناء مع أجدادهم، وفي أجزاء من الهند، تتقاسم الأسر الكبيرة المنازل، لذا فقد آن الأوان كي نفكر في مثل تلك الحلول.

مشاركة :