يتوقع أن تشهد شوارع العاصمة التونسية غدا السبت مسيرة للتنديد بقانون المصالحة في المجالين المالي والاقتصادي، وهو ما سيضع قوات الأمن في المحك، حيث أوضح حمد ناجم الغرسلي، وزير الداخلية، أن تأمين المسيرة سيتطلب توفير نحو ألف رجل أمن لضمان عدم تسرب عناصر إرهابية إلى المسيرة الاحتجاجية، وتهديد سلامة التونسيين، على حد تعبيره. وأضاف الغرسلي لدى حضوره جلسة استماع عقدتها أمس لجنة الحقوق والحريات في مجلس نواب الشعب (البرلمان)، وخصصت لمساءلته حول الوضع العام في تونس، وتطبيق قانون حالة الطوارئ، واعتداء قوات الأمن على المعارضين لقانون المصالحة، أن رجال الأمن الذين ستوكل لهم مهمة تأمين المسيرة الاحتجاجية، سيتم سحبهم من النسيج الأمني المحيط بأحياء العاصمة، وهو ما قد يتسبب في فتح ثغرات أمنية، قد تستغلها التنظيمات المتطرفة لشن هجمات إرهابية، مضيفا أن تونس تواجه تهديدات فعلية خلال الشهر الحالي، الذي سيشهد ذكرى 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وذكرى 14 سبتمبر 2012، تاريخ الهجوم على السفارة الأميركية بتونس. ولإقناع التونسيين بجدية التهديدات، وضرورة الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية بمنعها دخول العربات إلى أهم شوارع العاصمة، قال الغرسلي إن وزارة الداخلية لم تكشف عن كافة المعطيات الأمنية والاستخباراتية المتوفرة لديها حفاظا على الأمن والاستقرار، وعدم ترويع الشارع والمواطنين. ولم تخل الجلسة من خلافات بين نواب كتلتي حركة نداء تونس، التي توجد في الحكم، وتحالف الجبهة الشعبية (معارضة) حول استئناف أشغال الجلسة البرلمانية عند التصويت على مساءلة الوزير بصفة سرية أم علنية، وهو ما أدى على رفع الجلسة، حيث هددت الجبهة الشعبية بمقاطعة جلسة الاستماع إلى الغرسلي إذا تمت في سرية، في حين عارض نواب كتلة نداء تونس هذا الإجراء ودعوا إلى السرية في التعاطي مع الشأن الأمني. وبخصوص تكرار الاعتداءات على المتظاهرين من قبل رجال الأمن في صفاقس وسيدي بوزيد وغيرهما من المدن التونسية، قال الغرسلي إنه أعطى تعليمات بعدم استعمال الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المحتجين، ولم ينف استفادة وزارة الداخلية التونسية من إقرار حالة الطوارئ في البلاد للتعاطي القوي مع الأوضاع الأمنية على الحدود الشرقية والغربية، وقال إن قوات الجيش انضمت إلى قوات الأمن في حربها ضد المجموعات المتطرفة، خاصة في المدن والأحياء السكنية. وتمسكت خمسة أحزاب معارضة (الجمهوري والتكتل والتيار الديمقراطي والتحالف الديمقراطي وحركة الشعب) بحقها الدستوري في تنظيم مسيرة احتجاجية سلمية غدا في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، رغم تلميح وزارة الداخلية إلى عدم موافقتها على هذه المظاهرة بحجة الظروف الأمنية المتدهورة، وإمكانية اندساس عناصر متشددة بين المحتجين، وتنفيذ أعمال إرهابية. وفي المقابل أكدت تلك الأحزاب أن حضورها لمسيرة السبت يتم في إطار قضية وطنية تهم الشعب التونسي ومستقبل الديمقراطية والحكم الرشيد في تونس، حسب ما جاء في أحد بياناتها السياسية. وفي هذا الشأن، قالت مية الجريبي، الأمينة العامة لـ«الحزب الجمهوري» (معارض) إن حركة «مانيش مسامح» (تجمع معارض لقانون المصالحة) ستشارك في المسيرة المنادية بسحب قانون المصالحة، موضحة أن إقرار حالة طوارئ في البلاد لا تمنع عنها من الناحية الدستورية حرية التظاهر والتعبير عن الرأي، على حد قولها.
مشاركة :