كيف نعرف ما إذا كان هناك سوق للعقار الذكي المستدام؟ وكم تبلغ قيمته؟

  • 3/4/2021
  • 01:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن نسبة المدنية في البحرين بلغت 90-100%، وأن نسبة انتشار الإنترنت بلغت 99% بعد أن كانت 96% فقط في يناير 2019، فعدد مستخدمي الإنترنت في تزايد مستمر في السنوات الأخيرة، وبالأخص بعد جائحة كورونا والاعتماد شبه كلي على تكنولوجيا المعلومات في شتى نواحي الحياة. ففي السنة الأخيرة فقط انضم 59 ألف مستخدم جديد إلى الإنترنت بنسبة زيادة بلغت 3.6% عن العام الذي قبله. كما تجدر الإشارة أيضًا إلى أنه في مملكة البحرين 2.22 مليون اشتراك للهاتف المحمول بنسبة بلغت 128.9% من سكان البحرين، مما يعني أن العديد من الأشخاص يمتلكون أكثر من اشتراك واحد للهاتف المحمول، وبذلك تجاوزت نسبة اشتراكات الهاتف المحمول 100% من إجمالي السكان. تشير جميع هذه الأرقام إلى قوة البنى التحتية في مملكة البحرين التي ارتقت بمستوى الخدمات المقدمة من أنظمة وشبكات بما يراعي احتياجات المملكة ونموها العمراني والاستثماري والصناعي والثقافي. فلا شك أن التحول الرقمي قد طال جميع القطاعات بلا استثناء، واستدامة المؤسسات اليوم تتوقف -بشكل كبير- على قدرتها على التكيّف مع متطلبات العصر الرقمية.  مما لا شك فيه أيضًا أن القطاع العقاري هو أحد تلك القطاعات التي يجب استثمار التقنية الحديثة فيها للارتقاء بمستوى الخدمات وضمان استدامتها ومرونتها للتكيف مع كل الظروف. هنالك اليوم العديد من التقنيات التي يمكن الاستعانة بها للارتقاء بالسوق العقاري وضمان استدامته ومنها: أولاً تقنية سلسلة السجلات الرقمية أو بلوك تشين – Blockchain- وهي قاعدة بيانات تمتاز بقدرتها العالية على إدارة قائمة مستمرة من السجلات بحيث يمكن المحافظة على البيانات المخزنة بها والحيلولة دون تعديلها. وبالرغم من أن استخدام هذه التقنية قد يكون محدودا حاليًا في البحرين نسبة إلى الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تنظم السوق العقاري في المملكة؛ فإن التقنية قد تكون مفيدة جدًا لتقنين استخدامات العقود الذكية في إدارة المعاملات المتعلقة بالإيجارات لتحقيق الموثوقية والشفافية والدقة في المعاملات، وقد تساعد التقنية بشكل كبير على التغلب على المشاكل الحالية المتعلقة بتنفيذ المعاملات من خلال الوسيط العقاري. وتوفر تقنية البلوك تشين بيئة آمنة لحفظ المعلومات وتنظيمها وتبادلها واسترجاعها مما سيسهل أيضًا الدور الرقابي الذي تقوم به مؤسسة التنظيم العقاري في البحرين.  هناك توجه ضخم آخر في مجال التكنولوجيا العقارية وهو «الواقع الافتراضي» و«الواقع المعزز». فمن المتوقع -في المستقبل القريب- أن يستخدم المشترون تقنية الواقع الافتراضي بشكل متزايد لعرض المنازل، وأخذ تصور عن المكان دون الاضطرار إلى زيارة العقار المختار، وسيوفر ذلك الكثير من الوقت والمال والجهد للمشتري والبائع والوسيط العقاري على السواء، كما سيساعد على اختيار الصفقات بشكل أسرع وزيادة التبادل العقاري وعمليات البيع والشراء في المملكة. سيتمكن السوق العقاري -أيضًا بمساعدة خوارزميات «الذكاء الاصطناعي»- من مطابقة الصفقات مع العملاء وتعظيم الدخل المحتمل للمستثمرين من خلال توقع مواقع الإلكترونية العقارية، أو تطبيقات الهاتف المحمول بشكل دقيق جدًا، ما يريده المستثمر وبذلك تزويده بالعروض ذات الصلة ليتمكن من اختيار العقار المناسب. كما تساعد خوارزميات الذكاء الاصطناعي في عملية إدارة الممتلكات من خلال مراقبة المقاييس الحيوية والتنبؤ بالاتجاهات الطويلة الأجل في معدلات الجريمة، وأسعار الممتلكات، والأخطاء المحتملة للمطور العقاري على سبيل المثال.  كما توفر التكنولوجيا العقارية حلولاً لجعل المنازل والمجتمعات أكثر ذكاءً، فبالإمكان اليوم ربط أجهزة المنزل المختلفة بالهاتف النقال بكل سهولة، حيث تتوافر هذه التقنيات الآن في الأسواق البحرينية من أجهزة إضاءة، ومكيفات، وثلاجات، وكاميرات مراقبة، وتلفزيونات، فكل هذه التقنيات لم تعد جديدة تمامًا وتكلفتها آخذة في الانخفاض.  ولكن كيف نعرف ما إذا كان هناك سوق للعقار الذكي والمستدام في البحرين وكم تبلغ قيمته؟ هناك اليوم العديد من الخيارات أمام المشتري عند قيامه بتحليل عدد من الوحدات العقارية والمفاضلة بينها عند القيام بعملية الشراء ومنها: السعر، والمكان، والجيران، والحجم، وغيرها من الأمور الأساسية، ولكن ماذا لو أضفنا مدى «استدامة» و«ذكاء» العقار المختار؟ ما مدى استعداد المستثمر للدفع لتلك المميزات الإضافية؟ فكل ميزة مكلفة لتضمينها في تصميم وتسويق العقار ولن يكون تضمين الميزة المضافة مربحًا إلا إذا كان استعداد المستهلكين للدفع لتلك الميزة يتجاوز كلفة تضمينها بهامش مريح.  التحليل المشترك هو طريقة مستخدمة في أبحاث السوق تساعد على تحديد كيفية تقييم الأشخاص للسمات المختلفة (الميزة، الوظيفة، الفوائد) لتحديد التفضيل في عملية صنع القرار المتعدد السمات. فمن خلال عرض عدد من العقارات بميزات وأسعار مختلفة على عدد من المشترين واختيارهم بعد المفاضلة للعقار المناسب كما في عملية الشراء الفعلية؛ يتم تحديد قيمة كل إضافة أو ميزة من خلال معرفة مدى استعداد المشترين للدفع لها.   فعلى سبيل المثال، من خلال البحوث العلمية نستطيع تحديد مدى استعداد المستثمر للدفع لإضافة مجسّات لتكييف الهواء وربط تلك المجسات بالهاتف المحمول بحيث يمكن تشغيل المكيفات وإطفاؤها في العقار عن بُعد. فإذا كان استعداد المستثمرين للدفع لهذه الميزة الإضافية يتجاوز كلفة تضمينها بهامش مريح؛ إذن نستطيع أن نجزم بأن هناك سوقًا لتلك الميزة، وبأن تضمينها السوق العقاري في البحرين آمن.  وبذلك نستطيع -من خلال أبحاث التحليل المشترك- معرفة القيمة السوقية لعدد من الميزات الإضافية للسوق العقاري، والتي إن تم تضمينها في عدد من المشاريع النوعية في المملكة؛ جعلنا من مدننا بيئة ذكية ومستدامة.  ‭{‬ مديرة مركز التعلم  الإلكتروني - جامعة البحرين 

مشاركة :