الرحالة الأوروبيون إلى مكة .. بين التخفي وادعاء الإسلام

  • 9/11/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كان هاجس اكتشاف شبه الجزيرة العربية، وخصوصا مكة المكرمة والمدينة المنورة يؤرق كثيرا من الأوروبيين وغيرهم، ومن المعروف أن الدين الإسلامي يحرم على غير المسلمين دخول هاتين المدينتين، لذلك لجأ مجموعة من الرحالة غير المسلمين إلى التنكر وادعاء الإسلام، وبعضهم أسلم فعلا، واستطاعوا من خلال ذلك دخول مكة. وبغض النظر عن أهدافهم ودوافعهم، فقد سجلوا لنا معلومات كثيرة، وقدموا لنا عديدا من الرسومات والصور، وتختلف دقتهم ومصداقيتهم، فمنهم من قدم وصفا دقيقا ورسومات عن مشاهدة، ومنهم من اعتمد على من سبقه من الرحالة أو اعتمد على مصادر تركية، وهذا ما يجعل الشك يتسرب إلى بعض الباحثين في صحة دخول هذا الرحالة الأوروبي إلى مكة أصلا. ومن أشهر الأوروبيين الذين زاروا مكة أو ذكروا في رحلاتهم ومؤلفاتهم أنهم زاروها: 1 - لودفيجفارتيما، وهو رحالة إيطالي دخل مكة عام 1503 متنكرا باسم الحاج يونس المصري، وذهب مع القافلة بصفته أحد حراسها. وهو أول أوروبي له رحلة معروفة يزور مكة ويصفها، وإن كان هناك قبله من ادعى أنه زار مكة مثل الإنجليزي جون كابوت. 2 - البحار البرتغالي جريجوري كوادرا ويزعم أن سفينته تحطمت على ساحل اليمن، وسجن في خزان في زبيد باليمن ثماني سنوات، حتى قامت ثورة ضد الملك الذي سجنه، فأخرجه الملك الجديد ثم اصطحبه معه إلى الحرمين، واستطاع الهروب مشيا على الأقدام إلى البصرة عابرا صحراء النفود، معتمدا في غذائه على الجراد، وحكايته غريبة تحتاج إلى التأكد من صحتها. 3 - زعم الفرنسي فنسنت لابلانك أنه زار مكة عام 1568، حيث صدر بالإنجليزية عام 1640 كتاب "الرحلات البحرية الشهيرة التي قام بها فنسنت لابلانك" وفيه وصف لرحلات لابلانك التي بدأها وعمره 14 عاما واستمر حتى الـ 60، ويذكر مرزا وشاووش أن قصته تبدو غير واقعية. ويورد روبن بدول مجموعة من قصص لابلانك التي يظهر فيها الكذب. 4 - ادعى مملوك ألماني اسمه جوهان وايلد أنه زار مكة مع سيده عام 1607، ويذكر مرزا وشاووش أنها رحلة غير دقيقة ولا معنى لها، وقد نشرت في ألمانيا عام 1613. 5 - ادعى مطران كاثوليكي من أصل هندي عاش في روما أنه زار مكة عام 1643، وهو ماثيو دي كاسترو، وقد كان أبوه براهمانيا اعتنق المسيحية. 6 - جوزيف بتس، وهو إنجليزي استعبد في الجزائر، وقد زار مكة مع سيده عام 1680، ونشرت رحلته بالإنجليزية عام 1704 بعنوان "قصة حقيقية ومخلصة للديانة والأخلاق المحمدية"، وقد ترجمت إلى العربية. 7 - دومنجو باديا ليبلخ، وهو إسباني دخل مكة عام 1807 متنكرا باسم علي بك العباسي، وزاعما أنه أمير من سلالة الخلفاء العباسيين. ويقول الدكتور روبن بدول عنه: "يعتبر علي بك أول من أعطى الغرب وصفا منظما عن مكة وهو أول من وصف تجارتها، وأزهارها ونباتاتها، وأنه أول من حدد موقعها بدقة، وقد وجد أن أجزاء كبيرة من المدينة قد تحولت إلى خرائب وأن سكانها قد تضاءل عددهم من 100 ألف على الأقل إلى 16 ألفا فقط". ويبين لنا مرزا وشاووش أهمية رحلته بقولهما: "لا شك أن الإسباني دومنيجو باديا ليبلخ الذي أطلق على نفسه اسم علي بيك العباسي، هو أول رحالة غربي على درجة عالية من الثقافة يعلن اعتناقه الإسلام ويؤدي فريضة الحج، ثم يقدم لنا وصفا دقيقا لرحلاته في مراكش وليبيا وقبرص ومصر والجزيرة العربية ثم سورية وتركيا في الفترة من 1217ـــ1221هـ/ 1803 - 1807، في مجلدين تشمل وصفا ورسوما وخرائط دقيقة". 8 - في عام 1809م زار مكة عالم روسي اسمه أولريخجاسبر سيتزن، وقيل عنه إنه يتفوق بكفاءته العلمية على كل الرحالة الغربيين الذين زاروا جزيرة العرب، وإنه لغوي بارع وعلامة في كل علم، وقد انتحل اسم الحاج موسى، وقتل في اليمن أواخر عام 1810. 9 - يوهان لودفيجبوركهارت، وهو رحالة سويسري سافر إلى بريطانيا وحصل على الجنسية الإنجليزية، ودرس في جامعتي لندن وكيمبريدج، ذهب بعدها إلى حلب، ودرس القرآن الكريم والفقه الإسلامي، وأعلن إسلامه، وتسمى بإبراهيم بن عبد الله الشامي. وهو عالم دقيق، ولمؤلفاته واكتشافاته أثر علمي عالمي كبير. دخل مكة في 26 رمضان 1229هـ/ 1814، ومكث بها نحو 129 يوما، وتوفي في القاهرة عام 1815، وأوصى أن يدفن في مقابر المسلمين وهذا ما حدث فعلا. وقد طبعت مؤلفاته بعدة لغات من بينها العربية. جورج أوغسطس والن 10 - جيوفاني فيناتي، وهو رحالة إيطالي عمل في الجيش الفرنسي وهرب منها، وبعد إسلامه عمل مع قائد تركي، ثم في خدمة محمد علي والي مصر، كما عمل في القنصلية البريطانية في مصر. زار مكة فيما يبدو عام 1814 باسم الحاج محمد، وكان هذا الشخص ضمن حملة طوسون باشا، لكنه هرب منها بمساعدة بعض البدو. وقد نشر مؤلفه عام 1830 في لندن، وقام الدكتور محمد آل زلفة بترجمة كتابه للعربية. 11 - في عام 1841 جاء إلى مكة رحالة فرنسي تظاهر بالإسلام اسمه ليون روتشس، وتسمى باسم عمر بن عبد الله، وقد كتب مذاكراته التي نشرت تحت عنوان "اثنان وثلاثون عاما في الإسلام". 12 - جورج أوغسطس والن، رحالة فنلندي دخل مكة مع قافلة حجاج إيرانيين عام 1845، متنكرا باسم الحاج ولي الدين. 13 - ريتشارد بيرتون الرحالة والمغامر البريطاني الشهير، جاء إلى مكة عام 1853 تحت اسم الحاج عبد الله أو ميرزا عبد الله، وقد سجل في رحلته التي ترجمت منذ سنوات للعربية وصفا لمكة ووضع بعض الرسومات من بينها جمرة العقبة. 14 - البارون هنريخفرايهر فون مالتزن، وجاء إلى مكة عام 1860، ويذكر أنه دخل مكة بجواز سفر صديق له جزائري مدمن على تعاطي الحشيش مقابل مبلغ من المال يكفيه لتعاطي الحشيش لمدة ستة أشهر. ودخل مكة باسم عبد الرحمن بن محمد السكيكدي. وقد نشأت فكرة الحج في ذهن مالتزن بعدما قابل بورتن في فندق شيبرد في القاهرة عام 1853، وكان بيرتون لا يزال بزيه العربي، وشجعته محادثاته مع بيرتون على القيام بزيارة مكة. 15 - الدكتور هيرمان بكنيل، وكان جراحا في أحد مستشفيات لندن، تظاهر باعتناقه الإسلام، وجاء إلى مكة وقام بأداء شعائر الحج، ويبدو أنه سمى نفسه محمد عبد الودود، لأنه نشر عام 1862 في جريدة التايمز وصف رحلته بعنوان "الحج إلى مكة" وموقعة باسم الحاج محمد عبد الودود. 16 - جون فراير كين وهو إنجليزي ابن قسيس عمل في الهند، جاء إلى مكة عام 1877 صحبة أمير هندي، وبقي في مكة ستة أسابيع، ويذكر أنه قابل في مكة امرأة إنجليزية مسلمة هي الآنسة ماكنتوش. 17 - الدكتور مورسلي، فرنسي مقيم في الجزائر، قام بالحج عام 1882، وذكر أغسطس رالي في كتابه "مسيحيون في مكة" أنه كان متحولا إلى الإسلام على الوجه الأكمل. 18 - كرستيان سنوكهورخرونيه، وهو عالم ومستشرق هولندي، ويعتبر أكثر الرحالة الأوروبيين معرفة بمكة المكرمة، حيث أقام فيها قرابة ستة أشهر عام 1885 متنكرا تحت اسم الحاج عبد الغفار، وكتابه عن مكة أفضل كتب الرحالة الغربيين، وقد زودنا بصور كثيرة عن مكة. ويذكر علامة جدة الشيخ محمد نصيف ـــ رحمه الله ـــ أن جده عمر أرسله وكان في الشهر السادس من عمره إلى سنوكهورخرونيه، حينما كان في جدة كي يلتقط له صورة، وقد صوره بالفعل، وظهرت هذه الصورة في ألبوم سنوك. وقد ترجم كتاب سنوك إلى العربية ونشر في مجلدين. ولكن الدكتور قاسم السامرائي أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة ليدن بهولندا ذهب إلى أن سنوك لم يبذل جهدا كبيرا في كتابه، وإنما كان الجهد لشخص مسلم، وأنه هو الذي كان يكتب هذه البحوث ويزور بيوت المكيين. كما تذهب دراسة أخرى إلى أن كثيرا من الصور التي نشرها ليست من تصويره هو، وإنما من تصوير الطبيب والمصور المكي عبد الغفار بن عبد الرحمن. بيرتون بالملابس العربية 19 - جولس جرفي كورتلمون، وهو مصور فرنسي عاش في الجزائر، زار مكة عام 1894 وتسمى أيضا بعبد الغفار، وقد التقط لمكة مجموعة من الصور، ورحلته مترجمة للعربية ومنشورة. 20- وليام ريتشارد وليامسون، وهو إنجليزي أسلم وسمي بالحاج عبد الله فاضل المسلماني، وله رحلة ومغامرات شهيرة، وقد دخل مكة للمرة الأولى وحج عام 1895، ثم حج بعد ذلك مرتين عامي 1898 و1936. 21 - عبد العزيز دولتشين، ضابط روسي مسلم حج عام 1898، وهناك كتاب مترجم للعربية تحت عنوان "الحج قبل 100 سنة"، يتحدث عن رحلة دولتشين للحج. 22 - آرثر وافل، ضابط إنجليزي مغامر، وقد دخل مكة عام 1326هـ/ 1908 بصحبة مسلم من كينيا، وقال وافل إن الغرض من زيارته لمكة هو حب الاستطلاع وتعلم طبائع العرب والحصول على لقب "حاج" ليؤهل نفسه لاكتشاف المناطق المجهولة من الجزيرة العربية. وقد سمى نفسه محمد علي. ويذكر وافل أن الصور والألبومات كانت تباع في منطقة باب السلام. وقد احترف بعض المصورين بيع صور الحرم ومكة للحجاج. 23 - هيدليتشيرشوورد، إنجليزي زار المغرب واعتنق الإسلام، واستقر في القاهرة مع زوجته المصرية، ودرس العلوم الإسلامية في الأزهر، وقام بأداء الحج عام 1910. 24 - الليدي إيفلنكوبولد (1867ـــ1963)، زارت مكة بعد الحرب العالمية الأولى وادعت أنها أول سيدة أوروبية تقوم بالحج. وبعد هذه الفترة جاء مجموعة من الأوروبيين الذين أسلموا إلى مكة من أشهرهم جون سانت فيلبي، أو الحاج عبد الله فيلبي، وهو إنجليزي أسلم وعاش في السعودية، وقام برحلات كثيرة في جزيرة العرب، وله مؤلفات كثيرة ومهمة. وقد التقط صورا كثيرة من بينها صور للحرم عندما ملأته مياه الأمطار. وهناك أيضا الفرنسي إتيان دينييه (1278ــ348هـ/ 1861ــ1929)، وهو فنان ومصور، أسلم سنة (1332هـ/1913)، وتسمى بـ "ناصر الدين دينييه"، وحج سنة (1346هـ/1929)، ودون رحلته بعنوان "الحج إلى بيت الله الحرام"، ثم طُبعت في باريس بعد وفاته. توفي في باريس في 24 كانون الأول (ديسمبر) 1929، ثم نقل جثمانه إلى مدينة بوسعادة الجزائرية، حيث دفن فيها في 12 كانون الثاني (يناير) 1930 بناء على وصيته. وفي هذه القافلة نجد ليوبولدفايس (1900ــ1992)، وهو يهودي نمساوي أسلم، وأصبح اسمه محمد أسد، حج وعاش في السعودية أكثر من خمس سنوات (1926ـــ1932) وهو صاحب الكتاب الشهير "الطريق إلى مكة". ولا ننسى إيفلينكوبلد البريطانية التي أسلمت عام 1352هـ/1933)، وتسمت باسم "نبيلة"، وقد أدت فريضة الحج ولها كتاب "البحث عن الله"، وهو يوميات أودعت فيه انطباعاتها عن الإسلام. وكذلك اللورد هدلي (1271ـــ1354هـ/ 1854ـــ1935)، وهو إنجليزي من أسرة عريقة، أسلم في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) (1913/1332هـ) وتسمى بـ "رحمة الله الفاروق"، حج في حدود عام (1432هـ/1923). وهناك كثيرون غير من ذكرنا، ولكن لا نجد في نتاجهم صورا أو خرائط لمكة، أو حديثا عن المجتمع المكي.

مشاركة :