البانكر السعودي متستر بدرجة خبير

  • 3/5/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حملة تصحيح أوضاع مخالفي نظام التستر التجاري جاءت في وقتها المناسب، ويمكن اعتبارها من مخرجات البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، الذي تم إطلاقه بتكلفة قدرها 194 مليون دولار، وذلك ضمن مبادرات التحول الوطني الخاصة بوزارة التجارة لسنة 2016، والمملكة عملت ومنذ أكثر من 55 سنة على هذا الملف ولكنها لم تحقق إلا نجاحات محدودة، وجرائم ومخالفات التستر السعودية تقدر مداخيلها السنوية بما قيمته 93 مليارا، وهو رقم كبير وخسارة على الاقتصاد الوطني. التصحيح قيد بالفترة ما بين فبراير وأغسطس من السنة الحالية، أو لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، وخلالها لن يتم إيقاع عقوبات على المخالفين، وستنظم أعمال المخالفين بإعطائها الطابع الرسمي، وبما يحفظ حقوق الأجنبي المخالف، وكذلك المتسترون من السعوديين وغيرهم، وفي أسوأ الأحوال سيرحل الأجانب المخالفون من دون غرامات أو عقوبات. التستر التجاري يؤثر على الاقتصاد السعودي، بتحويلاته الخارجية، بالإضافة إلى إخفائه لقيمة العمل الحقيقية، وفي هذا إضرار بالناتج المحلي الإجمالي، والأهم أنه سيرفع من معدلات البطالة بين المواطنين، لأن الوافدين المتستر عليهم يحتكرون قطاعات تجارية عريضة، ويسيطرون عليها بصورة شبه كاملة، والمؤمل أن تفيد عملية التصحيح في رفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وفي معالجة أوضاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبما يحقق توطين وظائفها، وسداد الرسوم والضرائب، التي سيطالب بها من صحح وضعه مستقبلاً. الأخطر في التستر أن معظم المتستر عليهم بلا أوراق ثبوتية أو تراخيص عمل، وأنهم في الغالب يقومون بتجاوزات خطيرة، وبأعمال لا تدخل في نطاق اختصاصهم، فقد تم ضبط عمالة منزلية هاربة تعمل في التمريض بعيادات التجميل، ومن دون تصريح عمل من هيئة التخصصات الصحية، وتم استغلال أسماء المواطنين الصورية في بيع قطع الغيار المغشوشة والمقلدة، وفي بيع مواد فاسدة ومنتهية الصلاحية، والمشكلة أن صاحب العمل لا يعرف ما يرتكب باسمه، ولا يهمه إلا النسبة أو المبلغ المقطوع الذي يتسلمه نهاية كل شهر، ومن هؤلاء من يرتكب جرائم الفساد بدم بارد، ويتاجر في بيع التأشيرات، وفي إدخال عمالة لا يحتاجها للاستثمار فيها بمقابل. فيلم "ذا بانكر" الأميركي وثق لحالة كانت منتشرة في سبعينات القرن الميلادي الماضي، وكان فيها الأميركان السود يستخدمون الأميركان البيض كواجهة، ويستفيدون منهم في تجارة العقار والاستثمارات في البنوك، فقانون الولايات المتحدة في تلك الأيام، لم يكن يسمح للسود بالدخول في هذه الأنشطة بسبب العنصرية، وحقق البيض ثروات ضخمة من وراء ذلك، وما يحدث في الداخل السعودي لا يختلف، وخصوصاً في فئة من التجار المواطنين، ممن أسسوا لتحالفات تعتمد على أنشطة التستر والربح السريع، ومن دون التفكير في تأثيراته على المصالح الوطنية، ولعل الحل الأنسب يبدو في التعامل معهم كمفسدين، وبكل ما تحمله العبارة من إحالات.

مشاركة :