يصل البابا فرنسيس، اليوم، الجمعة إلى العراق في زيارة تاريخية تجري في ظل تدابير أمنية مشددة في بلد تمزقه النزاعات منذ عقود، حاملاً رسالة تضامن إلى إحدى أكثر المجموعات المسيحية قدماً في المنطقة والتي عانت لعقود ظلماً واضطهادات، وساعياً الى تعزيز تواصله مع المسلمين. نقاط يجب أن تعرفهاالزيارة غير مسبوقة ولم يزر العراق سابقاً أي حبر أعظم عبر التاريخ بعدما ألغى الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، زيارة البابا يوحنا بولس الثاني في العام 2000 بطريقة مفاجئة. بندكتوس السادس عشر، الذي قاد كاثوليك العالم من 2005 إلى 2013، لم يقم بأي خطوة تجاه بغداد. الزيارة تأتي أيضاً في وقت يشهد العراق ارتفاعاً كبيراً في أعداد الإصابات بفيروس كورونا، حيث تخطت السبت الفائت الخمسة آلاف في يوم واحد، وهو رقم قياسي، فيما تفرض السلطات إغلاقاً تاماً يتزامن مع الزيارة. يشهد العراق توترات أمنية. وهذه الحالة شبه مستمرة منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، ولكنها تأججت في السنوات الأخيرة بعد انتشار تنظيم الدولة الإسلامية وتوسع الدور الإيراني في بلاد ما بين الرافدين. ليست مثل غيرها سيكتفي جزء كبير من العراقيين بمشاهدة البابا من خلال شاشاتهم التلفزيونية، للسببين الأمني والصحي. وسيستخدم البابا، كما العادة، على الأرجح سيارة مصفحة في تنقلاته على طرق أعيد تأهيلها خصيصاً استعداداً للزيارة، بالإضافة الى مروحية وطائرة خاصة للتنقلات البعيدة سيعبر خلالها فوق مناطق لا تزال تنتشر فيها خلايا لتنظيم الدولة الإسلامية الذي أعلنت القوات العراقية الانتصار عليها وتحرير العراق منه منذ 2017. 1445 كيلومتراًمن أبرز المحطات في زيارة الزعيم الروحي لـ1,3 مليار مسيحي التي ستشمل مناطق في شمال البلاد وجنوبها، النجف الأشرف حيث سيلتقي المرجع الشيعي آية الله العظمى علي السيستاني. ستغيب بسبب التدابير الوقائية من وباء كوفيد-19، الحشود التي اعتادت ملاقاة البابا في كل زياراته، باستثناء قداس سيحييه الأحد في الهواء الطلق في أربيل في كردستان بحضور نحو أربعة آلاف شخص حجزوا أماكنهم للمشاركة فيه مسبقاً. ينوي البابا فرنسيس البالغ 84 عاماً في أول زيارة له إلى الخارج منذ انتشار الجائحة، توجيه رسالة تضامن ليس للمسيحيين فقط بل لجميع سكان العراق، مع برنامج حافل في مناطق عدة من البلاد. ومن بغداد إلى النجف وأور وأربيل والموصل وقرقوش، سيعبر مسافة 1445 كلم، في بلد لا يزال فيه الاستقرار هشاً. وبعد ساعات من هجوم صاروخي في غرب البلاد استهدف قاعدة عسكرية تأوي جنوداً أميركيين، أكد البابا فرنسيس الأربعاء عزمه على المضي بالزيارة لـ"لقاء هذا الشعب الذي عانى كثيراً". خلفية أدت سنين من العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1,5 مليوناً في 2003 إلى 400 ألف فقط اليوم. في العام 2014، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء واسعة من العراق، واجتاح بلدات مسيحية وخيّر سكانها بين اعتناق الإسلام أو الموت، ففرّ الآلاف منهم من بيوتهم. وتشير مؤسسة "مساعدة الكنيسة المحتاجة" إلى أن 36 ألف مسيحي فقط عادوا إلى نينوى، فيما كان عددهم العام 2014 أكثر من مئة ألف. ويكرر الفاتيكان الدعوة إلى حماية المسيحيين في الشرق الأوسط، لا في العراق فقط. بالنسبة للكاردينال ليوناردو ساندري الذي يرأس مجمع الكنائس الشرقية في الفاتيكان ويرافق البابا في زيارته، فإن "شرقاً أوسط بدون المسيحيين، هو أشبه بطحين تنقصه الخميرة والملح". مسقط رأس النبي إبراهيم؟ للمرة الأولى في التاريخ، يزور رأس للكنيسة الكاثوليكية مدينة النجف الأشرف في جنوب العراق حيث يلتقي بالمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني البالغ من العمر 90 عاماً والذي لا يحبذ الظهورات العلنية. وكان البابا وقّع قبل عامين في أبو ظبي وثيقة تدعو إلى حرية المعتقد إلى جانب إمام الأزهر، أحد أبرز المرجعيات الإسلامية السنية في العالم. وسيشارك البابا في أور التي يعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم والواقعة في الجنوب النائي، في صلاة ستضم رجال دين شيعة وسنة وأيزيديين وصابئة.
مشاركة :