الشارقة (إبراهيم الملا) شهدت الساحة الثقافية مؤخراً حراكاً سينمائياً لافتاً على صعيد الورش التدريبية، ساهمت فيه بعض المسارح إيماناً منها بدور المسرح في دعم السينما، وبالقرابة بين الفنون المختلفة. ومن بينها الدورة السينمائية التخصصية «كيف تصنع فيلما سينمائيا» والتي نظمها مسرح الشباب للفنون بدبي في الموسم الصيفي، وأقيمت الدورة بمسرح دبي الشعبي وضمت ورشتين مستقلتين، تناولت الأولى «الإخراج السينمائي» قدمتها المخرجة الإماراتية نجوم الغانم، أما الورشة الثانية فتناولت «فن كتابة السيناريو» وقدمها السيناريست والشاعر الإماراتي محمد حسن أحمد. وللتعرف على تفاصيل وحيثيات ومخرجات هاتين الورشتين، التقت «الاتحاد» عبدالله صالح رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الشعبي، والسيناريست محمد حسن، حيث أشار صالح إلى أهمية مثل هذه الدورات التخصصية في تطوير الملكات الإبداعية لدى الشباب المهتمين بالفنون البصرية وفي مقدمتها فن السينما لما يتضمنه هذا الفن بالذات من آفاق تعبيرية ورؤى جمالية بحاجة للصقل والتوجيه وتراكم الخبرة المعرفية والعملية، وأضاف صالح: «تأتي أهمية تنظيم مسرح دبي للفنون لهذه الدورة، لتعميم الثقافة البصرية، وصنع جيل جديد قادر على مواكبة النهضة السينمائية في الإمارات وفي الخليج والمنطقة العربية عموما». وأكد صالح أن مسرح الشباب للفنون وبالتعاون مع المبدعين ناجي الحاي والدكتور حبيب غلوم، اختار صيف هذا العام أن يوسع خريطة دوراته الفنية ويضفي عليها طابع التجديد والتنوّع لاستقطاب أكبر شريحة ممكنة من المواهب الإبداعية الشابة، ولم يكن فن المسرح فقط، كما أشار، هو مدار ومحور هذه المبادرات والأنشطة الصيفية، بل شملت الفنون التشكيلية والموسيقا إضافة إلى فنون الإخراج والكتابة المسرحية، مضيفاً أن السنوات القادمة ستشهد مزيدا من الدورات حول حقول إبداعية لم يتم التطرق لها سابقا. وحول عدد المشاركين في الدورة ومدى تجاوبهم مع ورشتي الإخراج والكتابة السينمائية، أوضح صالح أن العدد الإجمالي وصل إلى ثلاثين مشاركا وجلهم من العنصر النسائي، وتم توزيعهم بشكل متوازن على الورشتين، مضيفا بأن المشاركين قاموا بتقديم مشاريع مستقلة وخصوصا في ورشة الكتابة السينمائية، وقال إن تفاعل وتجاوب المشاركين أضفي نوعا من الحيوية والثراء للدورة السينمائية عموما، وبعث جوا من الاطمئنان والتفاؤل حول واقع ومستقبل السينما في الإمارات. بدوره أشار السيناريست محمد حسن أحمد الذي قدم ورشة الكتابة السينمائية إلى أهمية مثل هذه اللقاءات والتجمعات الفنية في توجيه الطاقات الإبداعية نحو مسارات واضحة وأهداف مضاءة بالجدل والنقاش والتجارب التطبيقية، موضحا أنه حاول من خلال الورشة ترك مساحة للارتجال والبحث الذاتي عن أنماط تعبيرية تتجاوز الشكل التقليدي والخطاب الوعظي في القصص المقدمة للسينما وخصوصا في الأفلام الروائية القصيرة المرتبطة بالكثافة والإيجاز، والمتخمة بالإشارات والرموز، بعيدا عن الطرح المباشر والحكايات المكررة. وأضاف محمد حسن بأن توجهات المشاركين كانت متنوعة وأثرت الورشة، حيث كان هناك عدد من كتاب وكاتبات القصة القصيرة، وقصص الأطفال، وفنانين مهتمين بالتشكيل والفوتوغراف بالإضافة إلى عدد من الممثلين والمسرحيين وكتاب الدراما، واستطرد حسن قائلا إنه سعى من خلال الورشة إلى تفكيك الشكل الكلاسيكي للسيناريو، ومنح المشاركين فرصة لكتابة أفكار تعتمد على الوعي والخيال والتداعي الحرّ، مع التركيز على أهمية الصورة والحوار والتكوين الظاهري والداخلي للشخصيات بأبعادها العامة وأبعادها النفسية والمزاجية، والربط بين الجانبين السمعي والبصري في ثنايا السيناريو، للوصول إلى حالة متوازنة بين الشكل والمعنى، تسهم في تقديم فيلم بسيط وغير متكلف ولا يخلو في ذات الوقت من مضامين عميقة تصل إلى المتفرج بعفوية وشفافية وصدق. وأضاف حسن بأنه ركز على كتابة المشاهد الأولى لما لها من دور محوري في توجيه مسارات وزمن الفيلم نحو نهاية أو خاتمة موفقة ومعبرة عن القيمة الفنية والموضوعية للفيلم، كما قام بتوضيح أهمية الجانب الإنتاجي، كي تكون قصة الفيلم مصاغة بمقاييس تراعي هذا الجانب ولا تشكل عبئا على المخرج في المرحلة التالية لكتابة السيناريو، منوهاً إلى أن اليوم الأخير مخصصا للنقاش حول المشاريع التي قدمها المشاركون لتشذيبها وتعديلها وإضافة أفكار ومعالجات جديدة عليها، حتى تصل للشكل النهائي القابل للتنفيذ، وقال حسن إن نتائج هذه الورشة كانت مشجعة من حيث القصص والرؤى المبتكرة التي قدمها المشاركون وأفصحت عن مواهب جديدة وأسماء سيكون لها نصيب وافر من الحضور المتميز في المشهد السينمائي، بشرط الاستمرار والتواصل مع عالم السينما ومشاهدة التجارب العالمية وحضور المهرجانات والتدرب على كتابه الأفلام والتعرف على تقنياتها وشروطها.
مشاركة :