اعتبر عدد من المثقفين أن وسائل التواصل الاجتماعي انعكست بالإيجاب على المشهد الثقافي لأنها جعلت المتلقي يقترب من كاتبه المفضل، ورغم إيجابياتها إلا أن هناك جانبا سلبيا حيث أتاحت للكاتب والمثقف الضعيف التسلق عبر هذه الوسائل مكونا قاعدة من المتابعين، لكنها في المجمل كافأت الفرص بين الجميع، وجعلت المتلقي هو الحكم. وفي هذا السياق أوضح رئيس النادي الأدبي بالباحة الأستاذ حسن الزهراني أن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور مهم وفعال في مشهدنا الثقافي قديما وحديثا منذ أن تعامل معها المثقفون وبرز هذا الدور بصورة أوضح خلال فترة جائحة كورونا ورأينا أن معظم الجهات سواء التعليمية أو الثقافية استثمرت هذه الوسائل لإقامة مناشطها عن بعد. وأشار الزهراني إلى أن تجربتهم في النادي الأدبي بالباحة قد بدأت منذ بدايات الجائحة عندما توقف الجميع قاموا بإطلاق هاشتاق على حساب النادي في تويتر في يوم الشعر العالمي، حيث كان بعنوان (الشعر في زمن الكورونا) وقد وجد تفاعلا كبيرا جداً من الشعراء على مستوى المملكة والوطن العربي وكان بداية الحراك عبر وسائل التواصل، مضيفا: ثم انطلقنا من خلال برنامج (زوم) بإقامة فعاليات متعددة، ونجحنا في إقامة 41 فعالية خلال الجائحة، وتحدث من على نافذة النادي بالزوم 129 مثقفا ومثقفة في شتى المجالات الثقافية والفكرية والتربوية وتميز نادي الباحة الأدبي بإقامة مهرجان وملتقى وكذلك مسابقة للبراعم على حساب النادي بتويتر، مشيراً إلى إقامة (ملتقى المسرح) بكامل أركانه وكأنه حي على مسرح النادي وكان البرنامج حافلاً بورش عمل وجلسات علمية وقراءات نقدية وعروض مسرحية على مدار 3 أيام وقد شاركت دول عربية بهذا الملتقى. كما نوه الزهراني بالدور الإيجابي لتك الوسائل في إقامة الأنشطة عن بعد خصوصا في تسهيل مشاركة الضيوف الذين يصعب حضورهم من مختلف بلدان العالم. وقال الشاعر والأكاديمي د. أحمد قران الزهراني إن الحضارات الإنسانية تمر بتحولات تقودها إلى تغيرات كبيرة في مسيرتها ومن ذلك التحول في تاريخ الإنسانية عند اختراع الكتابة ثم التحول الكبير عند اختراع الطباعة ثم التحول الكبير عند اختراع وسائل التكنولوجيا الصناعية ثم التحويل الأكبر الذي غير كل المفاهيم والتعاملات الإنسانية المتمثل في اختراع الإنترنت هذا الاختراع الذي جعل العصر الحديث مختلفا كليا عن ما سبقه من العصور في كل مناحي الحياة. وأشار إلى أن التحولات الاجتماعية والثقافية والمعرفة التي اتسم بها العصر الحديث، قد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير في هذه التحولات وكجزء مما يؤديه الإنترنت في حياة الناس على كل المستويات مبينا بأن العصر الرقمي كما يجب أن يسمى غير كثيرا من المفاهيم الثقافية العالمية التي كونت ثقافة كونية بامتياز استفادت منها الثقافة والأدب العربي كثيرا، حيث يستطيع الأديب أن يتواصل مع الآخر دون وصاية أو رقابة أو تعقيدات وبالتالي ستكون نوافذ النشر كثيرة ومتعددة ومتاحة للجميع إضافة إلى اتصاله بأقرانه الأدباء في العالم وبكل اللغات، وعلينا أن نتعامل مع العصر الرقمي بوعي بأهميته وأن نتقن أدواته وأن نوظفه توظيفا إيجابيا سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. واختتم الزهراني حديثه بأنه يجدر بالشاعر والقاص والروائي والناقد أن يقتنص الفرصة لمشاركة مثقفي العالم عطاءه الإبداعي وأن يستمع إلى الأصوات الإبداعية والمستجدات الثقافية دون أن يكلفه ذلك شيئا. بدورها أشارت د. أحلام الوصيفر أستاذة الأدب والنقد بجامعة الملك فيصل إلى أن وسائل التواصل تحظى برواج كبير، فقد أصبحت المتنفس للتعبير عن الرأي، وإبداء الأفكار، وذكر ما يهم من جديد العلوم، وبلا شك فإن وسائل التواصل، وبخاصة «تويتر» فهو من أكثرها أهمية، وهي تشكل خلاصة الخلاصة لمعرفة ما يدور في أذهان كبار أهل العلم والمفكرين، إضافة إلى سهولة التواصل معهم ومعرفتهم، والاستفادة من خبراتهم العلمية والثقافية، مؤكدة على أن هذه الوسائل لا غنى للاطلاع عليها دائماً، وإضافة الكثير مما يهم للإفادة والاستفادة من تلك الشخصيات. من جانب آخر قال الكاتب والإعلامي د. علي الرباعي بأن وسائل التواصل بقدر ما جبرت المسافة وأتاحت التواصل مع المثقفين بسهولة، ولكنها أذهبت ما يمكن تسميته بجيل هيبة الكبار والرموز وأذهبت شيئا من الوقار، وجرأت بعض الأجيال الشابة على أولئك الرموز. إلى جانب تسببها في ما يمكن تسميته بـ «الاستخفاف» بالعمل الصحفي والعمل الثقافي بفتحها المجال أمام الجميع للمشاركة دون مراعاة لتوافر الأدوات المهنية المطلوبة لممارسة هذا العمل، مضيفا بأن وسائل التواصل من الأسلحة ذات الحدين التي يمكن توظيفها لخدمة المشهد الثقافي محذرا من استخدامها في الإساءة للرموز الثقافية معتبرا احترام الرموز أهم مكتسب ينبغي تربية الأجيال عليه. فيما أشارت الروائية مها عبود باعشن إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تركت أثرا إيجابيا على المشهد الثقافي؛ لأنها جعلت المتلقي يقترب أكثر من كاتبه المفضل، بالإضافة إلى ذلك منحت فرصة أكبر لظهور أدباء جدد، وهذا أمر صحي تماما، كما أنها ساعدت على انتشار وشيوع القراءة بشكل أوسع. قبل أن تختتم حديثها بالإشارة إلى سلبية مواقع التواصل الاجتماعي في إتاحتها الفرصة للكتابات الضعيفة، التي تمكنت بفضل قدراتها «التسويقية» من أخذ مكان الكتابات الجيدة والرصينة، حتى وإن كان هذا الأمر ظرفيا، حيث ستتفوق الموهبة حتما في النهاية وتبقى، أما الكتابة الضعيفة المسوقة جيدا ستأخذ وقتها ثم يتناساها الناس. حسن الزهراني: الجائحة أبرزت الأدوار المهمة للتقنية أحمد الزهراني: «الإنترنت» أهم التحولات العصرية الرباعي: من أبرز سلبياتها تبديد هيبة الكبار والرموز باعشن: منحت الفرصة للأدباء الجدد
مشاركة :