اختار البابا فرنسيس زيارة مدينة أور، مسقط رأس النبي إبراهيم وفق التقليد، ليحج إليها ضمن محطات زيارته إلى العراق، لكنه لم يجد في محافظة ذي قار في جنوب العراق، إلا عائلة مسيحية واحدة. ويؤكد ماهر طوبيا، البالغ 53 عاماً، أن عائلته هي آخر العائلات المسيحية في المحافظة، حيث موقع «أور» الأثري، ويحقق حضور البابا بالنسبة إليه حلماً كبيراً. ذلك أن زيارته هي «أساسا رسالة محبة وسلام»، كما يقول من غرفة الجلوس في منزله في الناصرية. وقبل الحصار الاقتصادي على العراق في التسعينيات، كانت الناصرية تضمّ ما بين «عشرين إلى ثلاثين عائلةً مسيحية»، وفق طوبيا. لكن لم تبق إلا عائلته وعائلة شقيقه حالياً. وتراجع عدد المسيحيين على مراحل، لا سيما بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003. ومع البابا فرنسيس الأرجنتيني الأصل، الذي جاء إلى العراق حاملاً «رسالة صداقة وسلام»، كما قال، يثق طوبيا بـ«تحسن الأوضاع» في الناصرية. وخلال العامين الماضيين، شهدت هذه المدينة تظاهرات، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية في العراق والفساد، تخللها عنف مع قوات الأمن راح ضحيته العشرات. ويتابع طوبيا بأمل: «الزيارة يمكن أن تكون لها انعكاسات كبيرة». وغادر المسيحيون إلى بغداد أو شمال العراق، وفق طوبيا، أو إلى الخارج مع مرور الأيام. وبات عدد المسيحيين العراقيين ما بين 300 إلى 400 ألف، بعدما كان مليوناً ونصف المليون قبل عام 2003. ويحلم كثيرون ممن لا يزالون في العراق بالرحيل بدورهم في ظل الأزمة الاقتصادية التي يغرق فيها العراق وعدم الاستقرار السياسي والأمني. إلا أن ماهر طوبيا متعلق بجذور عائلته في المدينة التي تعود إلى أكثر من مئة عام، ويقول: «نحن في ذي قار منذ عام 1900 تقريباً». وتخلو مدينة الناصرية من الكنائس، لذلك يتوجه طوبيا إلى بغداد أو البصرة في الجنوب، للأعراس والجنازات. مع ذلك، فهو يؤكد أن لديه «انتماء» إلى مدينته يدفعه إلى البقاء فيها، رغم كل شيء. ويتمنى أن تفتح الزيارة البابوية الباب أمام قدوم مزيد من الحجاج إلى هذه المنطقة المقدسة. ويقول: «هذا حدث كبير، قد يرفع المستوى المعيشي في المنطقة.. وقد يفتح الباب أمام مزيد من الحجاج، شرط تأهيل المناطق السياحية».
مشاركة :