الحقيقة التي تستوقفنا بهذا الصدد هي أن الحضارة تشير إلى المعالم التاريخية التي يمكن تمييزها بموجب التقدم الكبير الذي حققته تقنية الإعلام والتواصل، فقد وصلت بعض المجتمعات في أوقات مختلفة إلى مرحلة عالية للغاية من تطور أدواتها ومعرفتها بكل المجالات، لدرجة أنها ابتكرت بيئة وفرة ظهرت في الحضارة المعاصرة، وأتاحت سبل النقاهة ومهام أخرى لإشباع احتياجات البقاء والاحتياجات الاجتماعية معاً للعقل البشري والروح، فكانت ثمة ابتكارات كبرى في مجال الفن، من خلال الدراما والمهرجانات الخارجية والسينما وعمل يترجم نجاح تجربة المملكة مع كورونا وكيف تفوقت الجهود على كثير من الدول المتقدمة، وكيف كانت النتائج مميزة، وكيف كنا الأفضل بالعالم. فالعلاقة بين القدرات والوسائل المتخذة لتحقيق الأهداف الثقافية والتنموية، وهنا يفرض التساؤل نفسه حول كيفية توصل الإنسان السعودي للارتقاء بحضارته طبقاً لما أرادته القيادة الحكيمة والحكومة الرشيدة، إن هذه الأهداف تفضي إلى روح القيم فهذا التقدم الحضاري تصنعه الأفكار، فكل الحضارات تميزت بشيء ينسب لها من علوم ومعارف وفنون وآداب وديانات وتطورها مع مستجدات العصر في كل الجوانب وتتشكل مع القادة الجدد، فاليوم وصلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى مستويات مرتفعة لم يحلموا بها في غزو الطبيعة بتطوير عظيم لأدوات العمالة عبر ما يسمى بالتقنية. إن الطريق إذن إلى العالم هو الإعلان عن تقدم الأمم وتطور فعلها الحضاري، وهو الاستثمار الأمثل لطاقات الشباب وتوظيف الجهود، فالتحويل السياسي والاجتماعي يتم عبر حركة الأجيال لتطوير المجتمع بطاقاتهم الإبداعية، وحتى تهيئ رؤية 2030 الشباب والشابات السعوديين لسوق العمل، بدأت من اللبنة الأولى «التعليم»؛ حيث حرصت على تطويره بأسس تتناسب مع متطلبات سوق العمل المتغيرة، ومن هذا المنطلق كان تحديث المناهج التعليمية، فالتحديث هنا شامل وليس مقصوراً على مجال دون آخر. هذا إذا ما تحدثنا عن حضارتنا وعمقنا التاريخي فقط، أما عما ينجز في وقتنا الحاضر وما يقوم به قادتنا من تحديث وتطوير على مستوى عالٍ من الإمكانات والأدوات فهو محل فخر وتقدير يحتاج من الإعلام ووسائله إلى التسويق ليصل كقوة ناعمة للعالم، فهو عملية تفكير منظم ومخطط للاستفادة من نشره وعرضه وكيفية إنتاجه، وكيف تلفت النظر إليه بسهولة ويسر وما يحقق الطموحات ويحولها إلى برامج وخطط تنفذ وتعرض مظاهر الرفاه والتقدم وتحويل الأحلام إلى واقع. وقد أدرك المجتمع هذه الأهمية في تسويق حضارتنا ورؤيتنا الطموحة بداية من تطوير أسلوب الحياة، إلى مشاريع ضخمة تنموية تعكس بالأعمال اهتمام الدولة والمجتمع بحقوق الإنسان وصحته ورعايته صحياً واقتصادياً واجتماعياً، ونأمل أن يشاهد ويسمع العالم ما يوجد على أرض الوطن في ضوء ما يجتاح العالم من تقلبات فكرية واقتصادية، وما تنشره وسائل الإعلام الغربية من أنباء متناقضة ومتباينة عن المملكة، فنحن بحاجة إلى قوة ناعمة تصل إلى الغرب والشرق تروج للفكر، وللدولة ولمنجزاتها ولحضارتها، وللتأثير العام في الفكر الغربي، والاعتزاز بعاداتها وتقاليدها، ونهضتها ورؤيتها المستقبلية.
مشاركة :