تتعرض شركة «مايكروسوفت» لخطر خسارة عقد بقيمة 10 مليارات دولار لتقديم خدمات الحوسبة السحابية للبنتاغون، وهي صفقة هددت الحكومة بإلغائها تماماً بعد سنوات من الخلاف القانوني.وقالت وزارة الدفاع الأمريكية، إنها ستعيد النظر في الصفقة المثيرة للجدل، إذا رفض قاض فيدرالي مزاعم «أمازون» بأن الرئيس السابق دونالد ترامب قد تدخل من أجل إعطاء كل الأعمال الخاصة بالمشروع لشركة واحدة فقط، بدلاً من عدة مزودين، وفق قاعدة «الفائز يأخذ كل شيء»، وهو ما انعكس بشكل سئ على «أمازون» التي كانت المرشح الأول للفوز بالصفقة.وهذا يعني أن مصير المشروع السحابي الذي يعتبره البنتاغون حاسماً لمقاتليه المحاربين قد وقع في أيدي محكمة المطالبات الفيدرالية الأمريكية، والتي قد تُصدر قريباً حكماً بشأن اتهامات «أمازون».قالت وزارة الدفاع الأمريكية الشهر الماضي، إن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً لتثبت أمام المحكمة أن قرارها بمنح شركة «مايكروسوفت» صفقة السحابة المربحة لم يتأثر بشكل غير ملائم بالبيت الأبيض.وإن سمح القاضي لشركة «أمازون» بالدفاع عن مزاعم التحيز في القضية، فقد تقرر الحكومة التوقف عن خوض المعركة.وقال المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، في مؤتمر صحفي أواخر الشهر الماضي: «إذا رفضت المحكمة اقتراح الحكومة، فسنواجه على الأرجح عملية تقاضي أطول. وسيعيد رئيس قسم المعلومات في وزارة الدفاع تقييم الاستراتيجية بالكامل».ويأتي التحذير كتطورٍ آخر في عملية مثيرة للجدل تضمنت سنوات من التحديات القانونية، وكسب التأييد من وراء الكواليس، وحملة علاقات عامة من قبل المنافسين التكنولوجيين لإزاحة «أمازون» بصفتها المرشح الأول لعقد السحابة، عندما تم الكشف عنها في عام 2018.وبعد مرور أكثر من عام على فوز «مايكروسوفت» بالعقد، لا تزال وزارة الدفاع تكافح لتنفيذ سحابة البنية التحتية المشتركة للمؤسسات الدفاعية - أو (JEDI)، وهو اختصار يهدف إلى استحضار صور «حرب النجوم» - ليكون بمثابة مستودع البيانات الأساسي للخدمات العسكرية في جميع أنحاء العالم. وتبلغ قيمة الصفقة 10 مليارات دولار على مدى عقد من الزمان.وهناك علامات على أن البنتاغون يمضي قدماً بالفعل من أجل تنفيذ مشروعات أخرى للحوسبة السحابية.وتتحدث وزارة الدفاع عن عقودها السحابية الأخرى غير (JEDI)، خاصة بعد أن ترك بعض أكبر مشجعي البرنامج الوزارة، تاركين للقادة الجدد اتخاذ قرارات بشأن المشتريات التي ورثوها من إدارة ترمب.ويستعد المديرون التنفيذيون في «مايكروسوفت» لجميع الأعمال الأخرى التي تخطط الشركة لمواصلة القيام بها لصالح وزارة الدفاع، في حالة فشلت صفقة (JEDI).وقال توم كين، نائب رئيس «مايكروسوفت أزور» في مقابلة معه: «نحن نعلم الحاجة الواضحة للغاية لوزارة الدفاع إلى مشروع (JEDI) لدعم مهمتها. لكننا لا ننتظر مشروعاً واحداً، نحن نستخدم كل وسيلة نستطيعها للشراكة مع البنتاغون».وأكدت وزارة الدفاع أن لديها 13 مشروعاً سحابياً آخر بما في ذلك شراكات مع «أوراكل» و»أمازون» و»جنرال داينامك إنفورميشن تكنولوجيز» وحتى «مايكروسوفت».وقد ساعدت شركة البرمجيات العملاقة وصول موظفي البنتاغون إلى أدوات الفيديو والمحادثة خلال الوباء في العام الماضي من خلال برنامج «مايكروسوفت تيمز».وفي العام الماضي، وظّفت وكالة الاستخبارات المركزية أيضاً العديد من الشركات لتقديم خدمات سحابية إلى مجتمع الاستخبارات، وهو مجموعة من وحدات الأمن القومي التي تغطي العديد من الوكالات بما في ذلك البنتاغون، بعد ثماني سنوات من منح الوكالة صفقة سحابية بقيمة 600 مليون دولار إلى «أمازون».في تلك الأثناء خرج أبرز المؤيدين لقاعدة «الفائز يأخذ كل شئ» المتعلقة بمشروع (JEDI) من وزارة الدفاع.حيث غادر كريس لينش، المدير السابق لـ»ديفينس ديجتال سيرفس»، التي صممت المشروع، لبدء شركة جديدة تبيع التكنولوجيا للحكومة. وتم استبدال دانا ديزي، كبيرة مسؤولي المعلومات السابقة في البنتاغون، بجون شيرمان، التي شغلت سابقاً منصب رئيس قسم المعلومات لمجتمع الاستخبارات في الوقت الذي قرر فيه مجتمع الاستخبارات احتضان العديد من موزعي التكنولوجيا بشكل كامل.منذ البداية، ضغطت شركات مثل «أوراكل» و»إنترناشيونال بيزنيس ماشينز»، والتي تم استبعادها في وقت مبكر من المسابقة، على البنتاغون لاختيار العديد من المزودين لعقد قالوا إنه مصمم خصيصاً لشركة «أمازون».وكان يُنظر إلى شركة «أمازون ويب سيرفسز»، الوحدة السحابية للشركة، على نطاق واسع على أنها المرشح الأول للعقد، لأنها فازت بصفقة وكالة المخابرات المركزية، وحصلت على أعلى مستويات تراخيص الأمان الفيدرالية.وعندما تم الإعلان عن العقد، كانت أحدث الأجهزة السحابية للشركات تتحرك بالفعل بعيداً عن الاعتماد على مورد واحد لكل شيء، كان العديد من العملاء يختارون مزودين متعددين لخدمات السحابة، ويختارون من بينهم الخيار الأفضل لمهام محددة.ويبدو أن عقد (JEDI) يمثل وقتاً مبكراً في عمليات الانتقال للسحابة، عندما كانت هناك خيارات أقل، وذهبت الغالبية العظمى من الصفقات إلى «أمازون». وقالت وزارة الدفاع في ذلك الوقت، إن استخدام مزودي خدمات سحابية متعددين، سيزيد من تعقيد المشروع.بعد فوز «مايكروسوفت» غير المتوقع، رفعت شركة التجارة الإلكترونية العملاقة دعوى قضائية بحجة أن المناورات الخاصة لمنافسيها، وعداء ترمب المعروف لمؤسس «أمازون» جيف بيزوس، الموثق بتغريدات وبيانات عامة طوال حملته ورئاسته، جعل من الصعب على البنتاغون اختيار الفائز بنزاهة.طلبت «أمازون» كجزء من شكواها الإذن من القاضي لاستجواب ترمب، ووزيري الدفاع السابقين جيمس ماتيس، ومارك إسبر ،وأفراداً آخرين شاركوا في عملية الاختيار. لم تصدر قاضية الدعاوى الفيدرالية باتريشيا كامبل سميث حكماً بشأن ما إذا كان يجب رفض مزاعم التحيز الخاصة بشركة «أمازون»، أو الموافقة على طلبها لمزيد من كشف الحقائق، ولكن هذا القرار قد يأتي في أي وقت. ولتأكيد مطالبتها، قامت «أمازون» بتأريخ قائمة إجراءات طويلة تُظهر تحيز البيت الأبيض ضد «أمازون».واستشهدت الشركة بكتاب من تأليف جاي سنودغراس، كاتب خطابات ماتيس، والذي يزعم أن ترمب في صيف 2018 طلب من ماتيس «توجيه ضربة لأمازون» وإبعادها عن العرض. لكن سنودغراس كتب أن ماتيس لم يفعل ما طلبه ترمب.تشير الدعوى أيضاً إلى تعليقات ترمب خلال مؤتمر صحفي في يوليو 2019، عندما تساءل علناً عما إذا كان عقد (JEDI) يُقام عبر مناقصة تنافسية. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، غرد ترمب بتغطية تلفزيونية وصفت عقد (JEDI) بأنه عملية «إنقاذ لبيزوس»، كما جاء في الدعوى.يجادل البنتاغون و»مايكروسوفت»، المدعى عليهما في القضية، بأنه كان على «أمازون» إثارة اعتراضاتها بشأن التدخل السياسي في وقت سابق.وتقول الولايات المتحدة أيضاً إن مزاعم «أمازون» قد تم تقويضها بتقرير صادر عن المفتش العام في وزارة الدفاع، والذي لم يعثر على أي دليل على أن قرار منح العقد قد تأثر بترمب. وقالت هيئة مراقبة البنتاغون أيضاً، إن تحقيقاتها في العقد كانت مقيدة من قبل البيت الأبيض.وفي حين أن «مايكروسوفت» قد تعوض أي إيرادات مفقودة من خلال صفقات فيدرالية أخرى، فإن إلغاء عقد (JEDI) سيبقى مؤلماً، بشكل أساسي من خلال إزالة واحدة من أوضح الصفقات الناجحة التي كانت الشركة تحاول أن تلحق بها «أمازون» الرائدة في الخدمات السحابية.وفي أعقاب إعلان العقد، وصفه محللو «مايكروسوفت» أنه قد يكون: «أكبر عقد سحابي في التاريخ» و «فوزاً كبيراً يثبت صحة «أزور» باعتباره سحابة فائقة النطاقات ويشير إلى أن «أزور» تواصل اكتساب مكانتها على «آيه دبليو إس».تجاهل التحيز لـ «مايكروسوفت» قد يكون غير واردوقال ستيفن شونر، خبير المشتريات والأستاذ بكلية الحقوق بجامعة جورج واشنطن، إنه من غير المرجح أن يتجاهل القاضي مزاعم التحيز التي قدمتها «أمازون» تماماً.وقال في رسالة بالبريد الإلكتروني: «أجد صعوبة في تخيل سيناريو تقول فيه المحكمة لوزارة الدفاع - بعد كل هذه الأشهر – ببساطة: «لا تهتموا، نعتذر على الإزعاج والتأخير».جاءت قضية أمازون بعد أن واجهت وزارة الدفاع العديد من العقبات القانونية الأخرى أمام تنفيذه (JEDI). حتى الآن، واجه البنتاغون صعوبتين مع مكتب محاسبة الحكومة، ودعوتين قضائيتين في محكمة فيدرالية، وتحقيقاً أجراه مكتب المفتش العام.ورغم تفوق البنتاغون حتى الآن، إلا أن التحديات القانونية أجبرت البنتاغون على تأخير تنفيذ المشروع لأكثر من عامين بعد تاريخ البدء المخطط له.وقال ستان سولواي، نائب وكيل وزارة الدفاع في عهد الرئيس بيل كلينتون ورئيس شركة «سيليرو ستراتيجيز» الاستشارية التي يقع مقرها في واشنطن: «الأمر لا يتعلق فقط بالتأخير لهذا الوقت الطويل، بل إنه تأخر لفترة طويلة بما يكفي حتى يتغير العالم. وأصبح السؤال هو هل حقاً تريد أو تحتاج إلى حل السحابة الواحدة؟».حتى إن رفضت المحكمة مزاعم التحيز السياسي التي قدمتها شركة «أمازون»، فسيستغرق الأمر عدة أشهر للتقاضي بشأن الشكاوى الأخرى التي قدمتها «أمازون» بشأن تقييم البنتاغون وعملية منح العقود. وتقول وزارة الدفاع، إنها ستحصل على خدمات الحوسبة السحابية التي تحتاجها، سواء فازت أو خسرت القضية.وقال البنتاغون: «ما زال لدى الوزارة متطلبات عاجلة لم يتم الوفاء بها، وهي تتجاوز أي عملية شراء واحدة، وسنكون مستعدين لضمان الوفاء بها بطريقة أو بأخرى».
مشاركة :