حكومة الدبيبة تواجه تحدي منح الثقة وسط خشية من مناورات التعطيل

  • 3/8/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - تواجه الحكومة الليبية الجديدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، اليوم الاثنين، اختبار منح الثقة من البرلمان، وسط مناخ مُتبدل زادته الخشية المتنامية من مناورات ربع الساعة الأخير التي تستهدف عرقلة عقد جلسة برلمانية عامة لإتمام هذا الاستحقاق الذي نصت عليه خارطة الطريق المُنبثقة عن حوار جنيف. وبدأ البرلمانيون الليبيون يتوافدون على سرت التي ستحتضن الجلسة البرلمانية العامة المُخصصة لمنح الثقة لحكومة الدبيبة، حيث وصل إلى المدينة الأحد عقيلة صالح رئيس البرلمان مرفوقا بعدد من نواب الشرق، فيما غادر عدد من نواب الغرب العاصمة طرابلس باتجاه سرت التي وصل إليها قبل ذلك عدد من أعضاء البرلمان من عدة مناطق ليبية أخرى استعدادا لهذا الاستحقاق. ورجحت مصادر سياسية وبرلمانية ليبية أن يُشارك أكثر من 100 نائب من شرق ليبيا وغربها وجنوبها في جلسة اليوم التي سيقتصر جدول أعمالها على بند واحد هو منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية التي أعلن تشكيلتها الدبيبة في وقت سابق، وذلك عملا بالترتيبات التي نصت عليها خارطة الطريق. وكان الدبيبة قد أعلن مساء الجمعة “أنه انطلاقا من المسؤولية الملقاة على حكومة الوحدة الوطنية، وتقديرا لحساسية وتحديات المرحلة الأمنية والاقتصادية، تم الإبقاء على هيكلية أغلب الوزارات مع بعض الإضافات، استثمارا للوقت وتفاديا لما قد تستغرقه عملية الدمج وإعادة الهيكلة، وضمان المشاركة الواسعة والتوزيع الجغرافي للمجتمع الليبي”. وأضاف في بيان له أنه سيكون من أولويات عمل الحكومة “تحسين الخدمات للمواطن، وتوحيد مؤسسات الدولة، وإنهاء المراحل الانتقالية بالوصول إلى الاستحقاق الانتخابي”، وذلك في إشارة إلى تنظيم انتخابات عامة في 24 ديسمبر القادم. وتتألف حكومة الوحدة الوطنية الجديدة من سبعة وعشرين وزيرا منهم ستة وزراء دولة ونائبان لرئيس الوزراء، فيما أوضح المكتب الإعلامي للحكومة الجديدة الأحد أن مكونات المثلث الأمني هي: القائد الأعلى للجيش من المنطقة الشرقية، ورئيس الأركان من المنطقة الغربية، ووزير الداخلية من الجنوب. أما بالنسبة إلى المثلث الاقتصادي فإن وزارة التخطيط ومؤسسة النفط والمصرف المركزي من نصيب الشرق، فيما مُنحت للغرب وزارة الاقتصاد والنفط، والجنوب حاز وزارة المالية، بينما تم توزيع الوزارات السيادية على الشرق (الخارجية والتخطيط)، والغرب (الاقتصاد والعدل)، والجنوب (الدفاع والداخلية والمالية). ورغم هذا التوزيع تواجه هذه الحكومة الكثير من التحديات المرتبطة بجملة من الحسابات الداخلية والإقليمية. ومع ذلك تذهب بعض التقديرات التي استبقت الجلسة البرلمانية العامة المُنتظر عقدها اليوم في مدينة سرت إلى القول بأن ثمة مؤشرات، تُوصف بـ”الإيجابية”، على أن هذه الحكومة ستنال الثقة بأغلبية مريحة. وقال المحلل السياسي الليبي صلاح البكوش، الذي عمل سابقا مستشارا للمجلس الأعلى للدولة، في اتصال هاتفي مع “العرب” من العاصمة طرابلس إنه “بالنظر إلى المشاعر المناهضة للبرلمان في جميع أرجاء البلاد، والشعور الوطني العام بالإرهاق والتوق إلى تغيير الوضع الراهن، لا يملك البرلمان اليوم الاثنين أوراقا للعب بها ضد الحكومة المُرتقبة، خاصة في ظل ضغوط أميركية ودولية لصالح منح الثقة”. ويدفع المراقبون بجملة من المؤشرات الإيجابية الأخرى التي تُحيل إلى إمكانية مرور هذه الحكومة، منها دعوة عبدالله الثني رئيس الحكومة المؤقتة بشرق ليبيا وزراءه إلى الاستعداد لنقل مهامهم إلى الوزراء الجدد، إلى جانب ترحيب الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر بمخرجات الحوار واستعداده للعمل تحت السلطة المدنية الجديدة. غير أن هذه المؤشرات الإيجابية لم تحجب المناخ المُضطرب والمُتقلب سياسيا والذي تُعقد فيه هذه الجلسة البرلمانية؛ حيث برزت بعض الأصوات المُحذرة من تزايد المناورات التي تُراهن على إفشال عقد الجلسة البرلمانية تحت عناوين مُتعددة، وأخرى مُشككة في إمكانية حصول هذه الحكومة على الثقة من البرلمان، بسبب حسابات بعض الأطراف التي خسرت التنافس في حوار جنيف. واعتبر صلاح البكوش في اتصاله الهاتفي مع “العرب” أنه “بالرغم من أن هناك ما يكفي من الأصوات البرلمانية لمنح الثقة لحكومة الدبيبة، إلا أن الأطراف التي خسرت المنافسة في جنيف ما زالت تحاول بشتى الطرق إفشال المشروع والعودة إلى المربع الأول”. وتوازيا مع ذلك ذهب النائب البرلماني أبوبكر بعيرة في تصريحات صحافية إلى القول إن “تمرير حكومة الدبيبة في البرلمان هذا الأسبوع أمر تحفه الشكوك؛ لأن هناك العديد من الأطراف، بعضها داخلي والبعض الآخر خارجي، تعمل على عرقلة حكومة الوحدة الوطنية بأهداف في جانب منها شخصية وفي الجانب الآخر إقليمية”. ولم يحدّد أبوبكر بعيرة هذه الأطراف، بينما لم يتردد زميله النائب جبريل أوحيدة في القول إن “منح الثقة لحكومة الدبيبة لن يمر بسهولة لعدة أسباب، منها الطبيعة الجدلية التي صاحبت الأسماء المطروحة للحكومة التي جاءت تشكيلتها لترضية أشخاص مُعينين، وهي بذلك غير عادلة، ولم تراع التوزيع الجغرافي”. وكشف في المقابل أن “هناك تحركات داخلية وخارجية تهدف إلى إفشال مخرجات ملتقى الحوار في جنيف، وخلط الأوراق من جديد، الأمر الذي قد ينعكس سلبا على تمرير الحكومة أمام البرلمان”. وتقول مصادر تُتابع عملية منح الثقة لهذه الحكومة الليبية الجديدة إن “عدة أطراف من مجلس الدولة الاستشاري وجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك أيضا فتحي باشاغا وزير داخلية حكومة السراج، تسعى إلى عرقلة الحكومة والحيلولة دون منحها الثقة، الأمر الذي دفع العديد من القوى السياسية إلى التحذير من مثل هذه المحاولات التي من شأنها أن تطيل الأزمة وتعمّق معاناة الشعب”.

مشاركة :