القوانين التقدمية عاجزة عن حماية المرأة التونسية من العنف الأسري

  • 3/8/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تونس- تزايدت حالات العنف الموجه ضد النساء في تونس خلال فترة الحجر الصحي وانتشرت الدعابات السامة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبيل “إنّها أفضل فترة لتضرب زوجتك لأنّ المحاكم مغلقة خلال الحجر الصحي”، و”لا تغضبي زوجك كي لا تتعرضي للضرب”، وهي من الدعابات التي تعكس مدى قصور القوانين رغم تقدمها في حماية المرأة من العنف المسلط عليها من زوجها ومن أفراد عائلتها في الكثير من الأحيان. وكشفت دنيا العلاني الخبيرة لدى هيئة الأمم المتحدة للمرأة في البرلمان في 1 يونيو من العام الماضي، تضاعف عدد الإشعارات لحالات العنف ضد المرأة خلال الحجر الصحي الشامل تسع مرات، وشدّدت على أنّ مرفق العدالة ورغم أنّه واصل عمله في فترة الحجر الصحي الشامل فإنّه تجاهل عدّة قضايا، واقتصر اهتمامه على قضايا العنف الخطيرة فقط. كما أكدت ثريا الجريبي وزيرة العدل السابقة تسجيل ارتفاع حالات العنف خلال فترة الحظر الصحّي، إذ تجاوز في أقلّ من شهرين أكثر من 4 آلاف حالة عنف ضدّ النساء والأطفال. وكادت نادية تخسر كل شيء حتى طفلتها، عندما تقدمت خلال فترة الإغلاق السنة الماضية بشكوى قضائية ضد زوجها العنيف، في ظل صعوبة تطبيق المؤسسات التونسية للقوانين الرائدة في البلاد على صعيد مكافحة العنف ضد المرأة. يسرى فراوس: تباين كبير بين قانون 2017 والممارسات المؤسساتية وتؤكد السلطات التونسية أن عدد الشكاوى المتعلقة بالعنف الجسدي واللفظي ضد النساء تضاعف خلال فترة الحجر بين مارس ويونيو 2020. ولا يزال المنحى التصاعدي مستمرا. وتلقى مركز الإصغاء الخاص بـ”الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات” في تونس العاصمة، في الأشهر الأخيرة عددا كبيرا من الشهادات لنساء تعرّضن للعنف الأسري يفوق بكثير تلك المسجلة في الفترة عينها من العام الفائت. وأقرّ البرلمان التونسي في العام 2017 قانونا طموحا لمكافحة العنف ضد المرأة، دعمّه سياسيون ومنظمات من المجتمع المدني تعمل على أن تكون “المرأة التونسية” تقدمية ومتحرّرة من كل القيود الاجتماعية. ويوسع هذا النص القانوني الذي لقي إشادات كثيرة، نطاق التجاوزات التي تُعرّض مرتكبيها للعقاب على صعيد العنف ضد النساء، ويؤكد جليّا ريادة تونس بالمنطقة في مجال حقوق المرأة ويكفل حماية قانونية ومادية لضحايا العنف. لكن في المقابل، يبقى إحقاق الحق للضحايا مسارا صعبا في ظل غياب الإرادة السياسية ونقص الموارد. تحمّلت نادية الأربعينية سوء معاملة زوجها وتهديداته سنوات عدة ولم تقم بأي دعوى ضدّه أمام القضاء في غياب أي مورد مالي مستقل لها. وتقول لوكالة فرانس برس “كان يفعل ذلك (التعنيف) عندما يكون في حالة سكر ثم يعتذر، وكان يسافر شهورا عدة سنويا للعمل خارج البلاد لذلك فضّلت ألا أفعل شيئا”. وتتابع بتأثر ظاهر “لكن وخلال فترة الحجر المنزلي وجد نفسه عالقا في البيت وكان متوترا ويسرف في الشرب. وفي يوم من الأيام، أخبرتني ابنتي بأنه يلمسها بطريقة غير لائقة”. إثر ذلك سارعت نادية لطلب الشرطة التي استدعته بعد أيّام للتحقيق معه. لم تفض جلسات الاستماع لزوجها إلى نتائج ملموسة. ولم تتمكن نادية من تأكيد التهمة عليه إذ تمكّن من خلال موارده المالية أن يستعين بمحام فيما هي تفتقر للإمكانيات حتى تثبت تجاوزاته. وطلبت الشرطة من نادية جمع كلّ الأدلة والبراهين المتوافرة لديها في قرص مدمج، وهو ما فعلته الزوجة المعنَّفة. وبعد أسابيع طويلة لم تتمكن من تحقيق أيّ نتيجة، وخوفا من فقدان حضانة ابنتها في حال الانفصال عن زوجها، اختارت نادية اللجوء إلى الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات. وكلفت الجمعية محاميا اكتشف عند فتحه ملف القضية أن الشرطة لم ترسل القرص الذي يحتوي على الأدلة إلى القضاء. وتقول نادية “من حسن الحظ أني حظيت بدعم، كنت سأخسر كل شيء بما في ذلك طفلتي”. وجرى تحويل ملفها إلى قاض آخر وبعد أيّام قليلة أوقفت الشرطة زوجها. وللتكفل بالنساء الباحثات عن حماية الشرطة، أنشأت وزارة الداخلية التونسية 130 فرقة متخصصة في هذا المجال منذ العام 2018. وكُلّف المئات من رجال الشرطة المدرّبين خصيصا لهذه المهمات، من بينهم نساء، بالتحقيق في حالات العنف الأسري وتنفيذ الأوامر القضائية لإبعاد الخطر عن الضحايا. وباتت مدارس الشرطة تقدّم تعليما خاصا لمنتسبيها بشأن التعامل مع هذه القضايا. كما أن العناصر الذين يحاولون ثني النساء عن ملاحقة أزواجهن المعنّفين قد يواجهون متابعة قانونية تفضي إلى أحكام بالسجن. غير أن حماية النساء ضحايا العنف الأسري تتطلب الكثير من الصبر والجهد، وفق منظمات المجتمع المدني. صعوبة تطبيق المؤسسات التونسية للقوانين الرائدة في البلاد على صعيد مكافحة العنف ضد المرأة صعوبة تطبيق المؤسسات التونسية للقوانين الرائدة في البلاد على صعيد مكافحة العنف ضد المرأة وتقول رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات يسرى فراوس لوكالة فرانس برس إنّ “هناك تباينا كبيرا بين قانون 2017 والممارسات المؤسساتية والاجتماعية والتي لا تواكب هذا المنحى التحرّري”. وتضيف “يؤكد القانون على سبل الوقاية والحماية من العنف الأسري ومعاقبة مرتكبيه والتعويض لفائدة ضحاياه، وهذا يتطلب بنى تحتية ومراكز إصغاء وملاجئ، لكن الدولة لم تخصص ميزانية لذلك”. وتتابع يُضاف إلى ذلك “غياب النقاش العام بشأن قضايا النساء” منذ انتخابات 2019. وهو ما يؤكده خمود الجدل حول مسألة المساواة في الميراث بعد أن أطلق الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في العام 2018 مبادرة قانونية من أجل التساوي في عملية توزيع الإرث بين الرجل والمرأة. وفي تقدير فراوس “يجب أن نخوض معركتين بشكل متواز تشملان القوانين والعقليات” من خلال تدريب قضاة ومحامين والشرطة والأطباء “ليتولوا المساواة”. ShareWhatsAppTwitterFacebook

مشاركة :