قد يبدأ العالم بحبس أنفاسه قريبا، انتظارا لتجربة علمية رائدة، قد تقلب الموازين وتغيّر واقع الحال في معظم المعمورة اذا حدث ما يتوقعه علماء دول عدة تكاتفت وشاركت بمشروع التجربة الذي كلف للآن أكثر من 27 مليار دولار، وهو أن تؤدي الى انتاج طاقة كهربائية رخيصة ومتاحة للجميع، لا تنضب ونظيفة كليا وبلا حدود. في يونيو المقبل، سيقوم علماء مركز Culham Centre for Fusion Energy لأبحاث وتجارب الدمج النووي، ومقره قرية ريفية صغيرة بمقاطعة Oxfordshire في جنوب انجلترا، بأكبر عملية اختراق لعالم الذرات ونظامها، لجعلها تتصادم وتتحطم وسط حرارة من صنع الانسان، تزيد عن 150 مليون درجة مؤية، أو 10 أضعاف حرارة مركز الشمس، وفق ما يتضح من فيديو تعرضه "العربية.نت" أدناه، وفيه نجد أن 5 ثوان من اندماج بسيط، يزوّد 20 ألفا من السكان بما يحتاجونه من كهرباء، فيما قال أحد العلماء، أن 50 ميغاواط يتم استخدامها لدمج الذرات، تنتج 10 أضعافها، أي ما يلبي حاجة مدينة بريطانية سكانها بعدد سكان مدينة "تبوك" السعودية تقريبا. والمعروف عن المركز الذي تأسس في 1984 وافتتحته الملكة اليزابيث الثانية، أن علماءه من مختلف الجنسيات، ويحاولون بصمت وبلا توقف، التوصل في اليقظة الى ما كان ولا يزال حلما منذ زمن بعيد، أي تقليد ما يحدث في الشمس نفسها، حيث تتحرر طاقة من تفكك الذرات وتصادمها واندماجها، الا أن تجاربهم تستمر ثوان قليلة عبر آلة ضخمة، لكنها قديمة، وتذكر صحيفة "التايمز" البريطانية، أن ما يقومون بتلك الآلة من تجارب يومية، يحوّل قرية Culham البعيدة 60 كيلومترا عن لندن "الى أكثر مكان ساخن وحار في النظام الشمسي كله" وفق تعبيرها.كهرباء نووية بعد 20 أو 25 سنة أما تجربة يونيو المقبل، فستكون أكبر عملية دمج يجرونها بالآلة الجديدة التي تم تطويرها في فرنسا باسم معناه "الطريق" باللاتيني، أو Iter الملخص اسم "مفاعل نووي حراري تجريبي دولي" وهو الخاطف للأضواء في في مشروعJoint European Torus أو "الحلقة الأوروبية المشتركة" وتكاتت لتمويله 35 دولة، نجدها في الفيديو، بينها الولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا والهند، اضافة الى معظم الدول الأوروبية، وباستخدام Iter المرتقب، سيتم القيام بتجربة قد لا يكون خبرها شعبيا، لكثرة تعقيداته، الا أنها ستعبد الطريق لكهرباء جديدة لا عهد للانسان بنوعها في تاريخه. في التجربة التي ستجري في الجنوب الفرنسي، سيتم استخدام مزيج وقود قوي، لم يحاول العلماء استخدامه منذ عقود، ومعروف لهم منذ 1973 باسم Deuterium أو هيدروجين ثقيل سيتم مزجه مع نظير نادر ومشع للهيدروجين مثله، يسمونه Tritium المحتوية ذرته على بروتون ونيوترونين، بحسب ما قرأت "العربية.نت" بسيرته المتضمنة أن وزنه أكثر 3 مرات من وزن الهيدروجين العادي، ومزجه هو تقليد أرضي لما يجري في الشمس الموصوفة بأنها مفاعل نووي طبيعي، حيث تندمج ذرتان من الهيدروجين، المعتبر أكثر مادة كيميائية منتشرة في الكون، فتتكون ذرة هيليوم، وأثناء تكونها تنطلق حزمة من الطاقة. الا أن ما يجري في الشمس يحدث بتأثير جاذبيتها الهائلة، ولأنه لا وجود لمثل تلك الجاذبية على الأرض، فان الحل واحد فقط، وهي حرارة شديدة يستخدمها مركز قرية Culham أكثر من 20 مرة باليوم، عبر تسخين الهيدروجين بتنشيط وكهربة وإطلاق الذرات في المزيج، حتى تندمج، فاذا تم التسخين بقوة 50 ميغاواط، سيتم انتاج طاقة قوتها 500 مغاواط "وهو ما قد يلبي سكان مدينة بحجم ليفربول" وفق ما نقلت "التايمز" عن البروفيسور Ian Chapman الرئيس التنفيذي لهيئة الطاقة الذرية في المملكة المتحدة، والمتفائل بأن تكتمل تجارب Iterفي غضون 5 أعوام "تظهر بعدها محطات تضع كهرباء جديدة على شبكاتها للاستهلاك بأوائل الأربعينات" بعد 25 سنة على الأكثر.
مشاركة :