اليوم أي قضية موجودة في البلد ترتبط بالحاجة إلى إصلاحات في مكان آخر لم تأخذ طريقها إلى الحل، وبالتالي فإن الحلول (المباشرة) التي تأتي ينقصها دوما متطلب أساس. حتى في المسائل الاقتصادية العالقة فإن معظم مسبباتها هيكلية وتحتاج إلى إصلاحات يمكن أن توجد لولا أن تروس هذه الإصلاحات الجزئية يرتبط بميكنة أكبر وهكذا. لذلك غلبت الحلول الجزئية على الحلول الكلية على طريقة «الجود من الموجود» والكل يعرف هذه الحقيقة. اليوم تواجه البلد مشاكل كبيرة وأساسية بعضها مستترة وتتمدد تحت الأرض، وبعضها ظاهرة كالبطالة والإسكان والخدمات العامة وكلها ترضع من ثدي واحد. لو أخذت البطالة مثلا باعتبارها «أم المشاكل» لوجدت القطاع العام يرمي بالمشكلة إلى القطاع الخاص ويحمله المسؤولية وهذا حقه.. لولا!! المخزن الوظيفي للقطاع الخاص الذي نعول عليه في الشراكة الوطنية ونريد أن نحمله مسؤوليات وطنية كالتوظيف هو المؤسسات المتوسطة والصغيرة.. وكلنا متفقون على ذلك. الدراسة التي قام بها «منتدى الرياض الاقتصادي» ونشر ملخصها في الصحف خلصت إلى أن 98 % من هذه المنشآت لم تحصل على قروض رغم أن مسألة التمويل تأتي في مقدمة التحديات التي تواجه هذه المؤسسات. بمعنى أنه ليس في البلد خدمات ائتمانية أو بنكية على الإطلاق. هذه فضيحة بنكية وائتمانية أتحدى أن يكون لها مثيل في الدرجة في العالم أجمع. أعود لموضوعي الأساسي وهو أن لهذه المشكلة أسبابها لدى البنوك والصناديق لكن لم تحل لأن ملفها مركون منذ عقود باعتباره يرتبط بملفات أخرى.. وهكذا. كيف تكون هذه المؤسسات عماد اقتصادك الوطني وأنت لم تحقق لها أبسط متطلبات الدورة الائتمانية الموجودة حتى في الدول الفقيرة. ألم أقل لكم إننا نريد تلميع وتزييت كل ترس على حدة، لكن العمود الذي ترتبط به هذه التروس ويحتاج إلى خراطة دائمة لم يأخذ طريقه إلى المخرطة.
مشاركة :