20 الى 30 الف مدمن هو الرقم الذي قدره اخر تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية حول اعداد المدمنين في البحرين معظمهم من الفئة العمرية ما بين 25 الى 70 عاماً. هذا العدد وان لم تقابله احصائيات محلية دقيقة من قبل الجهات الرسمية، الا ان وزارة الصحة اكدت لــاالايامب على ان اعداد المدمنين الجدد الذين يترددون على الوحدة العلاجية الحكومية الوحيدة في البحرين بتزايد، معللة الاسباب بقلة الوعي بآفة المخدرات والصحة السيئة والتشتت الاسري والحالة الاقتصادية للأسرة. وزارة الصحة ايضا لفتت في تقارير سابقة الى ان اعداد المترددين على وحدة خليل المؤيد للعلاج من الادمان يصل الى نحو 60-80 مريضاً- يترددون على العيادات الخارجية - أي حوالي 9 الاف زيارة شهرياً- فيما تبلغ نسبة الاشغال على اسرة الوحدة والتي لا يتجاوز عددها 16 سريراً- نسبة 100 % مما يشير الى وجود نقص واضح بالقدرة الاستيعابية لهذه الوحدة. التزايد بإعداد المدمنين الجدد خلال الاربعة اعوام الماضية يطرح هو الاخر مؤشر حول طبيعية المدمنين الجدد والذي يشير الى زيادة معدل ادخالهم نتيجة لتقدم وضعهم في تعاطي السموم البيضاء والتي يتصدرها الهيروين كأكثر انواع المخدرات انتشاراً في البحرين. هذا الرقم المخيف حول اعداد المدمنيين والاعتراف االصامتب بوجود زيادة بين اعدادهم وكذلك الفئة العمرية التي تتجه نحو الادمان وتكرار القاء اللوم على االوعيب جميعها معطيات تضعنا امام تساؤلات هل كنا نمارس دورا ناضجاً- بالتوعية حول المخدرات ام كنا نمارس طقوساً- سنوية مع حلول اليوم العالمي للمخدرات في 26 يوليو من كل عام تحت وقع حرج المناسبة؟ هل احسنا اختيار ادوات حربنا على المخدرات؟ ام اكتفينا بالتعامل معها كمسألة امنية رغم يقيننا ان لا دولة في العالم بأسره تمكنت من القضاء على تهريب المخدرات وان الانجازات لا تسجل بالضبطيات بل بتراجع اعداد زبائن هذه السموم!؟. جميعها اسئلة تطرحها االايامب بدون حلول مناسبات رسمية ترتبط بتواريخ،، بدون تخدير القارئ عبر إلقاء اللوم على ارفاق السوءب! معصومة عبدالرحيم: أعداد المدمنين يتزايد والسبب االوعيب وعدد الإناث المترددات على الوحدة اصفرب داخل وحدة خليل المؤيد للعلاج من الادمان استقبلتنا رئيس وحدة المؤيد لعلاج وتأهيل مرضى الاعتمادية على المخدرات والكحول طبيب استشاري الدكتورة معصومة عبدالرحيم التي اكدت على عدم امكانية افساح المجال لنا للتحدث مع اي من المرضى كأحد سياسات الوحدة للحفاظ على سرية المرضى وخصوصيتهم فاحترمنا ذلك. تؤكد الدكتورة عبدالرحيم على ان وزارة الصحة تولي اهتماماً بالغاً لعلاج مرضى الاعتمادية على المخدرات والكحول، لذلك هنالك وحدة المؤيد التي تم إنشاؤها عام 1987 والتي تقدم العلاج لسحب السموم والتأهيل، كما توفر متابعات بشكل منظم في العيادات الخارجية التابعة للوحدة. تقول الدكتورة عبدالرحيم الكل حالة من حالات الاعتمادية خصوصيتها وسريتها في التعامل واحتياج كل حالة تختلف عن الحالة الأخرى. ويوجد العلاج الدوائي، وقد تم منذ فترة بسيطة - كما أوصت به منظمة الصحة العالمية- بعلاج اعتمادي المخدرات بالميثادون الذي يعتبر أحد العلاجات الهامة لهذه الفئة، حيث تمنع الرغبة في استخدام الهيروين، ومنذ بداية العلاج بهذا العقار لوحظت نتائج جيدة وايجابية ليس فقط على مستوى المريض بل وعلى علاقاته مع الأهل والمجتمع. كما تم توفير العلاج النفسي والعلاج الأسري، حيث إن بعض المرضى يعانون من حالات قلق واكتئاب مصاحب للاعتمادية، بالإضافة إلى اضطرابات في العلاقات الزوجية، وهذا يعكس أهمية دور الأخصائي النفسي من ضمن فريق العملب. لكن ماذا عن الارقام الدولية التي تؤكد على وجود اعداد كبيرة من المدمنيين في البحرين عندما نتحدث عن 30 الف مريض فأجابت: الا يوجد لدينا ارقام او احصائيات دقيقة حول اعداد المرضى او المتعافين، ولكن لوحظ من خلال التردد على وحدة المؤيد بأن الحالات الجديدة في ازدياد مستمر، والان نعمل كفريق في وحدة المؤيد من اجل ايجاد احصائيات رسمية ليس فقط على اعداد المرضى بل حتى لحالات الجرعة الزائدة ولتصنيف المرضى في حالات استخدام المخدرات او الكحول بناء على التصنيف العالمي للامراض النفسيةب. وعندما سألنا عبدالرحيم حول ما اذا كان هناك اناث يترددن على الوحدة لتلقي العلاج فاجابتب لا يوجد! تقول عبدالرحيم اهنا في الوحدة يوجد ثلاثة اقسام، العيادات الخارجية، وحدة سحب السموم، وحدة التأهيل، يعمل في الوحدة كادر مؤلف من 5 اطباء متخصصين وباحثة اجتماعية وكادر تمريضي واخصائي نفسي، لا شك ان هناك نقصاً اذا اخذنا في الاعتبار الاعداد التي تستقبلها الوحدةب. تبدو مفردة االوعيب هي المفردة التي حافظت على حضورها في جميع اللقاءات الصحفية التي اجريناها عن المخدرات منذ قرابة 18 عاماً وبقيت الجانب الذي نعتبره السبب الاساسي في انتاج مدمنيين جدد يؤكد البعض على ان الكثير منهم يفقدون حياتهم بسبب الجرعات الزائدة او الاصابة بامراض قاتلة نتجت عن تعاطيهم المخدرات مثل نقص المناعة االايدزب والتهاب الكبد الوبائي وخلفت مأسي عائلية تقتل افرادها بصمت. سالنا الدكتورة معصومة حول الوعي الذي يبدو اننا لم نفعل الكثير ازاء تطويره فقالت: االأسباب مختلفة ومتعددة، منها على سبيل المثال قلة الوعي بآفة المخدرات، والصحة السيئة، والتشتت الأسري، والحالة الاقتصادية للأسرة. لقد قدمنا مشروع حول التوعية والوقاية ولا زال قيد الدراسة من قبل وزار الصحة في الوقت الراهن ونتمنى ان يرى النورب. عبدالرحيم اأحد المدمنين باع اطقم اسنان امه المسنة كي يشتري المخدرات واخر ترك زوجته تحتضر ولم ينقلها المستشفىب. ماذا عن دور العائلة؟ تشير الدكتورة عبدالرحيم الى ان العائلة تلعب دورا هاماً في مسالة التعافي وتكون مهمة التحفيز على التعافي اكثر صعوبة امام الاختصاصين في حال عدم وجود عائلة تلعب هذا الدور. تقول الدكتورة عبدالرحيم ادور العائلة مهم جداً لاسيما كيفية التعامل مع المدمن، وهذا ما نركز عليه، نعم هذه العائلات تعاني الكثير بسبب ادمان احد افرادهم ونحن نركز على تقديم الدعم النفسي لهمب. تؤكد الدكتورة عبدالرحيم على ان الادمان لا يكتفي بإنتاج مدمنين جدد هم ضحايا مباشرين له بل ينتج ايضا ضحايا اخرين بحكم علاقاتهم الاسرية بالضحية الاول، فالادمان يتصرف بقسوة ليس مع ضحيته بل مع افراد عائلته ولا يكتفي بقيادة حياة من وقع ضحيته بل ايضا التحكم بظروف حياة اسرته وهذا ما يفسر قيام احد المدمينين الذي لم يجد ما يبيعه من اجل شراء جرعة مخدرات فسرق اطقم اسنانب والدته المسنة وقام ببيعه، واخر ترك زوجته تحتضر دون ان يفعل ما يتوجب فعله كــاإنسانب فتركها تلفظ انفاسها الاخيرة دون اي مساعدة طبية. تقول الدكتورة عبدالرحيم الا يخفى عليكم، هناك مأسٍ اسرية حدثت ولا زالت تحدث بسبب الادمان على المخدرات، احد المدمنيين لم يجد شيء ليقوم ببيعه لشراء الجرعة فعثر على اطقم اسنانب امه المسنة وقام ببيعه لشراء المخدرات، هناك مأساة اخرى لا زلت اتذكرها حين اصيبت زوجة مدمن بإعياء شديد وكان يستوجب نقلها الى اقرب مستشفى، لكن زوجها االمدمنب لم يفعل ذلك وتركها تموت، وخسر بذلك زوجته وطفلهب. لكن المآسي ليست وحدها من ترسم ملامح علاقة العائلة بالمدمن، بل تؤكد الدكتورة عبدالرحيم على قصص نجاح كثر كان للعائلة الدور الاكبر لوضع نهاية سعيدة لها كتبت بالكثير من الصبر والتضيحات، حين تتحدث الدكتورة عبدالرحيم عن شقيقات قدمن الكثير من اجل الوقوف الى جانب اشقاءهم الذين وقعوا ضحية مرض االادمانب. تقول الدكتورة عبدالرحيم الدينا حالات دخلت مرحلة التعافي ولن اقول بفضل العلاج والدعم بل ايضا لما قدمته عائلاتهم من دعم نفسي وتشجيع ومثابرة لانقاذ ابناءهم من هذا المرض، هناك شقيقيات عانين الامرين لاجل شقيقهم المدمن، الاهل يلعبون ما نسبته 85% في تشجيع المدمن على التعافي، وهم من يتوجب التركيز عليهم وتأهيليهم حيال الكيفية التي يجب ان يتعاملوا بها مع ابنهم المريض بالادمانب. ودعنا الاستشارية عبدالرحيم وقررنا ان ننتقل الى من اختاروا القتال بشراسة وكتابة قصص نجاح ولدت هي الاخرى من مجموعة عالمية تعرف باسم االمدمن المجهولب اعتمدت على مبدأ اقرب ما يكون االقتال الجماعيب ضد عدو شرس اسمه االادمانب. أحمد: البحرين أول دولة شرق أوسطية احتضنت مجموعة الزمالة داخل احدى المقاهي في العاصمة المنامة وصلنا حيث كان بانتظارنا رئيس العلاقات العامة بزمالة المدمن المجهول محمد احمد وشاب اخر يبدو لم يتجاوز 18 عاماً من العمر. حدثنا احمد عن بداية تأسيس الزمالة كمجموعة عالمية تأسست في العام 1953 في الولايات المتحدة ليصل اليوم عدد فروعها في حوالي 140 دولة، تعتمد الزمالة على برنامج يقوم على الامتناع التام عن تعاطي المخدرات. وتعمل بشكل ذاتي بالاعتماد على الاعضاء دون تلقي اي دعم من الخارج او تحقيق اي ربح مالي. يقول احمد القد كانت البحرين اول دولة شرق اوسطية يتم انشاء الزمالة فيها في العام 1985 ثم تلاها تأسيس الزمالة في مصر وبعدها دول عربية اخرى. اليوم الزمالة تضم بعضويتها في البحرين رجال ونساء قرروا الامتناع عن تعاطي اي مخدراتب. يشرح احمد دور الزمالة بالقول انحن لسنا اطباء، بل نعتمد على خبرتنا كمدمنين سابقين، نحن ندرك ان اي شخص يأتينا اليوم ولديه االرغبةب بالتعافي لا يمكن ان يمر نحو التعافي دون اعراض انسحابية، وبالتالي يحتاج الدخول الى الوحدة او الاشراف الطبي لسحب السموم وضمن مدة محددة، في نفس الوقت هنا يكون للزمالة دور كبير، حيث يبدأ بهذه المرحلة حضور اجتماعات الزمالة وفهم الرسالة التي نقدمها وفي نفس الوقت الخضوع للعلاج تحت اشراف طبي، لذلك دورنا يكمل دور العلاج الطبيب, ويضيف االمريض يدرك اننا اشخاص نشبهه تماماً ومررنا بما يمر به ونعرف ما يواجهه من معركة تحتاج للصبر والثبات، فعندما نتحدث داخل حلقات اجتماعات الزمالة يسمع العضو الجديد قصته على السننا لاننا كلنا مررنا بما يمر به وتتشابه تفاصيل حياتنا خلال الادمان وكذلك اعلان معركة االتعافيب ندرك تماماً ما يعانية من الم ونعرف تماماً الفترة التي يحتاجها كي يتخلص تماماً من هذه الالم ويعود لطبيعتها. يشير احمد الى ان الزمالة تضم اليوم بعضويتها 100 مدمن سابق اصبحوا اشخاص متعافيين يمارسون حياتهم بشكل طبيعي واطلقوا سراح انفسهم من اسجنب الادمان. لكن ماذا عن من انسحبوا من المعركة وقرروا البقاء رهائن سجن بائس دون ان يبذلوا جهداً لقتال عدو احتل اجمل ما بتفاصيلهم الانسانية؟ يقول احمد ابلا شك هم كثر، كثيرين من اتوا ولم يعطوا لانفسهم فرصة ان تشملهم الرعاية الالهية برسالة االاملب التي منحتنا اياها الزمالة، لا استطيع ان احدد اعدادهم لكنهم كثر. لا نستطيع ان ننظر اليهم بتعالي وكاننا نجلس في برج عالي وهم في الاسفل لاننا ببساطة مثلهم، فكلنا مررنا بمعارك ذاتية مع اتخاذ قرار التعافي، وكلنا انتكسنا وعدنا، ثم اعطينا لانفسنا فرصة اخرى ونجحنا وهذا ما ينقصهم، ما ينقصهم هو االمحاولةب وليس الاستسلام، فقرار التعافي هو 98% قرار ذاتي من الشخص نفسه و2% فقط هو نتاج الدعم من المحيطيين بالمدمنب. لا نستطيع ان ننظر اليهم بتعالي وكاننا نجلس في برج عالي وهم في الاسفل لاننا ببساطة مثلهم، فكلنا مررنا بمعارك ذاتية مع اتخاذ قرار التعافي، وكلنا انتكسنا وعدنا، ثم اعطينا لانفسنا فرصة اخرى ونجحنا وهذا ما ينقصهم، ما ينقصهم هو االمحاولةب وليس الاستسلام، فقرار التعافي هو 98% قرار ذاتي من الشخص نفسه و2% فقط هو نتاج الدعم من المحيطيين بالمدمنب. االتعافي ونموذج العدالة الاجتماعية داخل الزمالةب اذا كانت عادات الادمان السيئة تطرح شيء من التساوي الادماني عبر تبادل الجرع والحقن التي اكلها الصدأ بفعل التناوب على اذرع تمتد لاستقبال سمومها وقد تدعو معه ضيوف اخرين لن يغادروا الجسد مثل الكبد الوبائي والايدز، فالتعافي يقدم نموذجا بالعدالة الاجتماعية التي قد لا نجدها في جوانب حياتيه اخرى، هنا في الزمالة لا فرق بين مسلم وغير مسلم، بين رجل وامراة، بين بحريني واجنبي، بين غني وفقير في برنامج روحاني تبدو استمارة الانضمام اليه هياالرغبةب وليس غيرها. سألنا احمد عن النساء داخل الزمالة فاكد على وجود مواطنات واخريات من جنسيات اجنبية ولكن اعدادهن قليلة. يقول احمد االخط الساخن (17-533558) يلعب دوراً مهماً بالنسبة لفئة الاناث، لكن بالمجمل هن اعدادهن قليلةب. يستدرك قبل ان يكمل اعند اوجاع الادمان تتساوى الالم لكن النظرة الاجتماعية تكون اكثر قسوة اتجاههن لاسيما من قبل عائلاتهن، وهنا نشدد على ان دور العائلة مهم جداً باحتواء المدمن أو المدمنة على حد سواء، اليوم الكثير من الفتيات اللواتي تعافيين والحمدلله يحظن برعاية عائلاتهم واهتمامهمب. الحديث عن فئة الاناث دفعنا بحماس لسؤال احمد حول نظرته كشاب بحريني لفتيات وقعن ضحايا مرض الادمان - في محاولة منا لمعرفة ما اذا كان هناك نظرة ذكورية حتى وان تساوت حصص الذكر والانثى من الادمان - فرد اهن شقيقاتنا، هكذا ننظر اليهن، ونحن لا نختلف عنهن ولا نملك اي مزايا للتفوق عليهن، جميعنا ابتلينا وقاتلنا بشراسة عدو واحدب. يحضر اجتماعات الزمالة - بحسب احمد- من 20 الى 50 عضواً منهم من خضع للعلاج من الادمان في وحدة المؤيد واخرين في مصحات في مصر والاردن، ومنهم من تعافوا بدون دخول مصحات وبالاعتماد على قوة الارادة للخروج من سجن االادمانب. ولا تقتصر جهود الزمالة على عقد الحلقات لاعضاءها بل يقوم اعضاءها بزيارة وحدة المؤيد بمعدل مرتين في الاسبوع لتقديم الدعم النفسي لمن اختاروا خوض معركة التعافي من المرض. يقول احمدا نقوم بزيارة الوحدة وكنا سابقا نقوم بزيارة مركز الاصلاح والتأهيل والالتقاء بالمحكومين على خلفية قضايا مخدرات، كذلك نقوم بعقد ندوات للتوعية وسرد تجاربنا لاننا لا نريد لاحداً ان يقع بهذا المرض كما حدث معنا، وأيضا نغتنم فرصة حلول مناسبات دينية مثل امحرمب وما تحظى به من حضور اجتماعي لافت ونقوم بعمل ندوات توعوية ونعرض مساعداتنا على من يرغب الانضمام الينا والتعافي من الادمان، هذا بالاضافة الى زيارتنا الى جمعية الحد نحمل رسالة) بمعدل زيارة واحدة شهرياًب. أحمد االعائلة تلعب دوراً محورياً بالتحفيز على التعافيب يتفق احمد مع محدثتنا السابقة الدكتورة معصومة عبدالرحيم على ان العائلة تلعب دورا محوري في توفير عامل الدعم النفسي والتحفيز على التعافي عند المدمن- وإن كان الادمان يحتاج لقرار ذاتي يسدل الستار على المعاناة- اذ يرى احمد ان اطلاع الاهل على قصص النجاح التي تحققت بفعل ارادة من سبقوا ابناءهم بالخروج من هذا (المستنقع) يجعل الاهالي داعم اساسي ومحفز للمدمن، فيما يشير احمد الى ان مستوى التعليم لا يتحكم ببوصلة الوعي عند الاهالي بكيفية التعامل مع المدمن، فقد يكون هناك عائلة متواضعة التعليم لكنها ادركت قوة التأثير النفسي المحفز على التعافي اكثر من عائلة تخرج افرادها من جامعات مرموقة دون ان يكون لديها وعي كيف تتعامل مع مأساة وجود مدمن في العائلة. التوعية حول الادمان والطرح الاعلامي السنوي االركيكب اذا كانت العائلة تملك هذه القوة من التأثير حيال التحفيز على التعافي، فهل كانت العائلة ايضا عاملاً محفزاً بالاتجاه نحو الادمان؟ ربما هذا التساؤل قد دار باذهاننا على مدار سنوات قدمت فيها تقارير وتحقيقات صحفية حول المخدرات وإدمانها، لكن في كل مرة كنا نعود لمفردة االوعيب ونلقي على غيابها باللوم ثم نعود بعد سنوات لنجد انفسنا لا زلنا نتحدث عن الوعي، والسؤال هل كنا نقوم فعلاً بزيادة الوعي حول المخدرات ام كنا نمارس اطقوس سنويةب مع حلول موعد اليوم العالمي لمكافحة المخدرات في 26 من يونيو من كل عام ونتبرع بتقديم حملة اعلاقات عامةب تشبه الى حد بعيد تسجيل موقف من المخدرات مع حلول المناسبة ثم وكأن شي لم يحدث! واذا كنا مخطئين فلماذا لدينا اليوم 30 الف مدمن بحسب تقارير المنظمة العالمية؟واذا كنا ذ كمجتمع يضم جهات رسمية وصحافة ووسائل اعلام- نحارب المخدرات فهل كنا نوجه رسالتنا الى الفئة المناسبة؟ هل الاعلام قدم رسالة ناضجة ام لازلنا نتمسك بصورة درامية امملةب نضع فيها المدمن بصورة الابن الذي اوقعه حظه العاثر برفاق سوء لينتهي به الامر مدمن وكأن كل شيء في حياتنا رائع فقط المشكلة برفاق السوء تلك المخلوقات التي جاءت من كوكب اخر لتوقع ابناءنا في براثن الادمان! طرحنا كل ما يدور بأذهاننا امام محدثنا وقبل ان يرد سألناه - كمدمن سابق- فيما لو طلب منه كتابة سيناريو فيلم قصير للتوعية من المخدرات على من سيلقي اللوم؟ والى من سيوجه رسالة الفيلم للابن ام للعائلة ام للمدرسة؟ فرد على الفور ارفيق السوء هو انا وهو وكل من يتورط بمرض الادمان، جميع العائلات ترى بابنها الابن الصالح ولكن المشكلة برفيق السوء، وعائلته هو الاخر ترى به ابن صالحاً والمشكلة بسببي، هذه الحالة من المكابرة التي تمارسها العائلات كي لا تعترف ان الاشكالية الحقيقة تكمن في البيت قبل الرفيق سواء على مقعد الدراسة او في الشارعب. يصمت احمد قبل ان يكمل وكأننا اعدناه الى عشرين عاماً ماضية الم تكن عائلتي فقيرة او محتاجة، لم تكن عائلتي سيئة معي او اتعرض لاي اهانات منهم، لكن كان هناك مشكلة في البيت بين والداي، كنت احسد جيراننا كلما رايتهم يعيشون متحابين دون مشاكل وأرى اهتمامهم ببعضهم البعض، الخلافات العائلية داخل محيط اسرتي جعلتني افضل اي مكان على وجودي بينهم، هربت من واقع لا احبه وهو واقع وجود خلافات عائلية في بيتنا، نعم قد يأتي من يقول ان ارفاق السوءب صنعوا مني مدمن، لكن في الواقع ان من نسميهم ارفاق السوءب هم مثلي، ضحايا مشاكل في بيوت اخرىب. ويضيف امعظم الناس تبدأ بالخشية على ابنائها من المخدرات وهم في اواخر سن المراهقة او دخولهم الجامعة وهذا خطأ، انا اقول لهم اخشوا على ابناءكم من المخدرات وهم اطفال، لان اي خلل في الطفولة بسبب مشاكل بين الزوج والزوج يجب ان يجعلهم جاهزين لتوقع انتاج ابن او ابنه مدمن على المخدرات، هذا الواقع الذي لا نتحدث فيه، جميع حملاتكم الاعلامية تستهدف الشباب وتفترضون ان الشاب هو سيد الموقف لكن في الحقيقة يجب ان تتجهوا الى الاهالي، لمن يختلفون ويعلوا صراخهم امامنا وجعلونا نهرب لاثبات ذاتنا في مكان اخرب. وعندما سالته ما اذا كان الطرح الاعلامي قد عالج مشكلة الادمان بشكل واقعي او اوصل رسالة لتفادي الوقوع في الادمان فأجاب اقبل ان اتورط بالادمان كنت اشاهد الدراما التي تتحدث عن الادمان وجميع الافلام القصيرة التي تطرح قضية المخدرات،، ومع ذلك ادمنت على المخدرات لمدة 15 عاماً، معذرة اذا قولت ان العمل الدرامي الوحيد الذي طرح قضية الادمان بشكل واقعي على مدار عقود هو مسلسل عرض خلال شهر رمضان الماضي اسمه اتحت السيطرةب كنا نشاهده وندرك اننا نشاهد الواقع الذي مررنا به، اما ما تطرحه الاعمال الدرامية والندوات فهذا يبقى كلام جميل لكن دون البحث عن الجذور،، الجذور تكمن في طفولتنا، في اجواء بيوتنا، الاهل هم من يملكون جهاز التحكم بزيادة فرص تورط ابناءهم بالادمان وليس الشباب، العنف الاسري والخلافات العائلية وتعرض الطفل لاي تحرش جنسي، جميعها عوامل تدفع الشاب نحو الهروب من الواقع والتمرد عليه عبر ادمان المخدرات. سالناه حول برنامج مكافحة العنف والادمان الذي اطلقته المحافظة الجنوبية كبرنامج توعوي وقائي في المدارس من خلال الشرطة المجتمعية فقال: ابلا شك ان اي جهد يوجه للاطفال هو مهم جداً، لكن لا يجب ان نغفل عن مخاطبة الاهلب! ام سب: والدي وفر لمنزلنا كل شيء إلا الحب! كان قد مضى ساعة على حديثنا مع احمد لم يكن مرافقه قد تحدث بشيء، لكن قد يكون اتجاه حديثنا نحو الاهل قد اختصر امامه الكثير من المسافات ليبدا حديثه الينا، م س شاب يبلغ من العمر 30 عاماً لكنه يبدو اصغر بكثير، جسد نحيل، ملامح طفولية، لا يمكن ان تتحدث اليه دون ان تشعر اتجاهه بعاطفه الابوة او الامومة، وتشعر ان مكانه لازال هناك على مقاعد دراسة يجب ان يعود اليها. حدثني (م س) عن طفولته بالقول: انشأت بين ابا وام شبه منفصلين، والدي متزوج من امراة اخرى، وجل اهتمامه موجهاً لها، لم يكن ليقصر علينا بشيء من الناحية المادية على الاطلاق، لا اتذكر انني احتجت شيئاً مادياً بطفولتي ولم يوفره لمنزلنا الا الحب، في كل مرة كان يزورنا في المنزل تنشب بينه وبين امي خلافات ويعلو الصراخ، كنت اشعر بالخوف من صراخه على امي، لم اكن اكرهه لكنني كنت اكره اهانته لامي، كان يحبني كثيرا ويوفر لي ما تطلبه امي، لكنني لا اتذكر يوماً ان سألني كيف احوالك؟ كيف تسير امور تعليمك؟ هل هناك شيء يضايقك؟ هل ضربك احدهم؟ هل تحرش بك احد؟ لا اتذكر انه سألني شيء عن حياتي! كنت متفوق بدراستي حتى الصف السادس الابتدائيب. يلتقط م قصاصة من جريدة يومية تبدو متهالكه بفعل عامل الزمن عليها صورة طفل جميل وتحتها اسمه وهوايته اكرة القدمب يليها الامنية امهندسب يضعها امامي ويشير لي بالقول اهذا انا، كنت اتمنى ان اكون مهندساً، كنت العب كرة القدم في الناشئين في نادي (...) كل هذا ضاع منيب. ويضيف اخلال طفولتي تعرضت للضرب من قبل اولاد يكبروني سناً، لم استطع ان ادافع عن نفسي، ولم يكن والدي ليكترث لمعرفة ما يحدث معي امام انشغاله بزوجته الثانية وكيفية ارضائها، اعترف ان شخصيتي في الطفولة كانت هشه، لان صراخ والدي كسرني، في نفس الوقت وجدت اولاد اكبر مني ايضا دافعوا عني، واصبحت ارفاقهم، كنت اشعر بالامان في كل مكان الا داخل بيتنا، كنت افضل الهروب من البيت لاي مكان اشعر به بالامان بعيدا عن بيتب. رحلة البحث عن اثبات الذات يعترف ام سب ان غياب الحب في منزله صنع منه انسان لا يعرف الحب، كانت اول تجربه له عاطفية انتهت بالفشل كافية لكسر شيء مهشم داخل طفل لم يحظَ بالاهتمام المعنوي كما يتوجب. يقول امب لم اكن اعرف كيف احب، ولا ادري ماذا اريد من الحب، اندفعت نحو اثبات ذاتي عبر التعلق بشخصية ممثل مكسيكي له شعراً طويل ويقود دراجات نارية في الافلام ولديه رسومات اوشام اتاتووب على جسده، كنت ارى فيه شخصية اتمنى ان اكون مثلها، كنت اريد ان اتميز بشيء عن الاخرين، دخلت الى الادمان بعد تجربة سجائر الحشيش وتناول الحبوب ومن ثم قفزت نحو االحقنب شعرت ان الخوف الذي كان يسيطر علي بطفولتي قد ذهب لغير رجعه، اصبحت ارى ما اعتقد انه ذاتي وشخصيتي مع المخدرات، بعد مرور فترة من الادمان شعرت ان هناك خلل في حياتي، وانني اصبحت امدمنب حاولت ان اتوقف ولم استطعب.
مشاركة :