يشكل مشروع براكة للطاقة النووية السلمية رافعة ومحركاً للنمو في دولة الإمارات من خلال توفير 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية. وهذا يوفر المزيد من إمدادات الطاقة لدعم نمو الاقتصاد الوطني وتنويعه، ويساهم في إيجاد آلاف من فرص العمل الجديدة، إضافة إلى نقل المعرفة وتوطين التقنيات الحديثة التي تعزز تقدم الإمارات في جهودها لتكون منتجاً ومشاركاً في الإبداع والابتكار في مجالات العلوم المتطورة التي يتوقف على إتقانها رفاه أجيال المستقبل. لقد كانت لحظة تاريخية للدولة عندما تم الإعلان عن تشغيل أولى محطات براكة الأربع، واليوم يتواصل الانجاز بالإعلان عن حصول الوحدة الثانية على رخصة التشغيل ليتوج المشروع أكثر من عقد من الرؤية الطموحة والإدارة المحكمة والتخطيط الاستراتيجي. صحيح أن الهدف المباشر لهذا المشروع هو تأمين طاقة صديقة للبيئة تلبيةً للطلب المتزايد على الكهرباء، ولتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين، لكن الهدف الاستراتيجي الذي تؤكد عليه دولة الإمارات دائما في مشروعاتها الكبيرة والاستثنائية هو أن تكون سباقة ومتفردة من خلال رؤية بعيدة المدى تعزز دورها الإيجابي والفاعل والمؤثر في مسيرة الحضارة الإنسانية. يمثل قطاع الطاقة النووية، الذي يقتصر أعضاؤه على عدد قليل من الدول والشركات، واحداً من هذه الطموحات.. ورغم ظهور بعض الأصوات النشاز التي شككت في هذا المشروع بحجة «ما حاجة دولة غنية بالنفط للطاقة الكهربائية النووية؟»، إلا أن الإمارات مضت في تنفيذ أول مشروع عربي للطاقة النووية النظيفة والمستدامة، وهاهي تجني نتائجه سريعاً بعد أن دخلت المحطة الأولى في براكة مرحلة التشغيل وإنتاج الكهرباء في الإمارات.. وتالياً ستنضم المحطة الثانية للركب. إن قرارات الإمارات دائماً مبنية على دراسات معمقة وعلى رؤى لا تتوقف عند مجرد النظر للحظة «الآنية» أو حتى إلى المستقبل المنظور إنما إلى رؤية بعيدة الأمد. وبفضل هذه الرؤية، باتت الإمارات نموذجاً يحتذى به، خاصةً للدول المنضمة حديثاً لقطاع الطاقة النووية، حيث استطاعت بناء وتشغيل مشروعها النووي في زمن قياسي. ولضمان توفير أعلى معايير الأمن والأمان والاستدامة طويلة المدى في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، تم تأسيس الهيئة الاتحادية للرقابة النووية عام 2009، وهي الهيئة المسؤولة عن وضع اللوائح والأنظمة وفق المعايير العالمية والإشراف على تنفيذها. ومنذ بدء الإعلان عن مشروع براكة، أثبتت دولة الإمارات التزامها بتطبيق أعلى مستويات الشفافية والتي هي من أساسيات سياسة الدولة للطاقة النووية وفي سبيل ذلك، وقعت أكثر من 13 اتفاقية دولية متعلقة بالطاقة النووية مثل اتفاقيات الضمانات وبروتوكولها للوكالة الدولية للطاقة الذرية واتفاقية السلامة النووية وغيرها من الاتفاقيات الأخرى. واستقبلت دولة الإمارات على مدار العقد الماضي 11 بعثة دولية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراجعة وتقييم مختلف جوانب البنية التحتية النووية والإطار القانوني والتنظيمي، ومعايير السلامة النووية والأمان، ومستوى استعداد الدولة لحالات الطوارئ وحظر الانتشار النووي وأشادت هذه البعثات بجهود الإمارات لضمان سلامة وسلمية برنامجها النووي. برنامج الإمارات النووي السلمي يهدف لإنتاج الكهرباء لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة، حيث تُظهر التقارير أن الطلب على الكهرباء في الإمارات تضاعف، ومن بين الأهداف الأساسية للمشروع، دعم التنمية الاقتصادية وتوفير العديد من فرص العمل لمواطني الدولة.. وستتفادى المحطات الأربع عند تشغيلها انبعاث ما يصل إلى 21 مليون طن من الغازات الكربونية الضارة بالبيئة كل عام. فمنذ وضع التصورات الأولية لإطلاق البرنامج النووي السلمي الإماراتي قبل نحو عشرة أعوام، كانت الموجهات الأساسية التي وضعتها القيادة الرشيدة هي تحقيق رؤية مستقبليّة لتعزيز مسيرة النمو والازدهار في الدولة. وإطلاق «سياسة تقييم وتطوير طاقة نووية سلمية» وتأسيس الهيئات والمؤسسات الوطنية ضمن القطاع مثل الهيئة الاتحادية للرقابة النووية لتكون الجهة الرقابية المسؤولة عن تنظيم قطاع الطاقة النوويّة في دولة الإمارات، ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية في العام نفسه، لتعمل على تطوير أول محطات الطاقة النووية السلمية في الدولة والمساهمة في تنويع مصادر الطاقة. كما اهتمت الدولة بالتعاون مع الخبراء الدوليين في دعم تطور البرنامج النووي السلمي من خلال تبادل أفضل الممارسات المبتكرة والمعارف والخبرات العميقة بما يضمن استدامة المشروع والتزامه بأعلى المعايير العالمية في السلامة والجودة والأمان. ولتحقيق الهدف الطموح من هذا البرنامج وهو بناء القدرات البشرية في المجال النووي عملت الدولة عبر جهات الاختصاص على تأهيل الجيل القادم من قادة الطاقة النووية في الدولة من خلال البرامج المتخصصة والمنح الدراسية. وذلك في إطار أهداف رؤية الإمارات 2021 و«مئوية الإمارات 2071» الساعية إلى بناء مستقبل مستدام من خلال توفير فرص علمية وعملية للكوادر الوطنية المؤهلة والطموحة، ودعمهم من أجل المساهمة في تلبية الاحتياجات المتزايدة عبر توفير طاقة آمنة ومستدامة وصديقة للبيئة بكفاءة عالية. هذه النظرة المتكاملة تؤكد أن «براكة» ليست مجرد مشروع لتوليد الكهرباء النظيفة فحسب، بل قاطرة للتنمية بمعناها الشامل لتعزيز مسيرة النمو والازدهار في الدولة.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :