حادثة المعادي جريمة ثلاثية الأبعاد

  • 3/10/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حالة من الغضب العارم أعيشها أنا وأنت وكل من شاهد مقطع فيديو وثقته كاميرا مراقبة بعمارة تحت الإنشاء بالمعادي،.. لرجل ثلاثيني يتحرش بطفلة.. ولولا عناية المولى عز وجل ما التقطت سيدة تعمل بمعمل طبي في نفس العقار صور لتلك الواقعة، وبكل ما أوتيت من شجاعة وقوة، خرجت في الوقت المناسب، لتنقذ الصغيرة، وتفضح الجاني عله يكون عبرة لغيره من المتحرشين..لن أتكلم عن المفاهيم الدينية المغلوطة لماهية الستر لدى البعض، والتي ظهرت جليًا في تعليقات قلة من المدافعين عن الجاني، ناسين أو متناسين أنهم يتسترون على جريمة شنعاء تستلزم المواجهة والعقاب.. لأن الأزهر الشريف حسم القضية ببيان رسمي يدين جريمة التحرش بالأطفال، مؤكدًا أن السلبية تجاه المتحرش ممقوته، والواجب منعه وتسليمه للجهات المسئولة.. لكنني أتوقف عند 3 قضايا هامة فجرتها تلك الحادثة النكراء..أولها تصنيفها،.. فهي ليست تحرشا جنسيا بصغير وفقط، بل شذوذا مسكوتا عنه، يدفع ثمنه يوما تلو الآخر ذكور وإناث تنتهك حرمة أجسادهم، فتغال براءتهم في سن مبكرة،.. والنتيجة مزيد من الشواذ!..  فالاضطرابات الجنسية لا تظهر بين ليلة وضحاها، بل تبدأ عادة خلال فترتي الطفولة والمراهقة، وترجع لأسباب جينية أو نفسية وفقًا للعديد من الدراسات الطبية.. يعني بمعنى أدق كلما تابعنا أطفالنا ورصدنا تغيراتهم السلوكية، أسرعنا في علاجهم، وأنقذناهم والمجتمع من كوارث لا تعد ولا تحصى!.. ثانيًا نأتي للقضية الأهم،.. وهي المجني عليها، طفلة تقضي يومها في الشارع ببيع المناديل الورقية، ما يعرضها لكل ما يخطر ولا يخطر على بال أحد!.. تلك الصغيرة نموذج مجسم لما يتعرض له حوالي 16 ألف طفل من المشردين أو ما يطلق عليهم أطفال الشوارع.. الأمر الذي أعادني لاقتراح  سبق وتقدمت به النائبة البرلمانية آيات حداد للاستفادة من هؤلاء الصغار، إلا أن بعض المواقع الالكترونية المغرضة حرفت كلامها.. فما طالبت به  تحديدًا خطة للاستفادة بهؤلاء الأطفال، ما يساعد على إدماجهم في المجتمع، واستشهدت  بتجربة محمد علي في بناء مصر، حين قرر اعتقال المشردين ووضعهم في معسكر صحراوي، وأحضر لهم أعظم المدربين الفرنسيين في شتى المهن والحرف اليدوية ليدربوهم.. وبعد 3 سنوات خرجوا ليفيدوا الوطن.. وبصرف النظر عن تأييد أو رفض الفكرة، فالأكيد أن المخاطر التي يتعرض لها أطفال الشوارع أسوأ كثيرًا من أي حل يحتج عليه البعض!.. وأخيرًا وليس بآخر،..أصل إلى لب القضية..، والتي فجرتها الصفحة الشخصية للجاني على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".. فكل ما ينشره أحاديث وتعاليم دينية، فضلًا عن صورته أثناء أدائه لمناسك العمرة.. هذا إلى جانب ما أعلن من تصريحات على ألسنة أصدقائه عبر بعض المواقع الالكترونية، والذين أعربوا عن صدمتهم البالغة لما يعرف عنه من ورع واحترام.. وهو ما يكشف عن خلل مجتمعي، يجعلنا نصدر أحكامنا على الناس وفقًا لأقوالهم دون النظر ولو قليلًا في أفعالهم!..وبعد،.. لاشك أن هذه الجريمة بأبعادها الثلاثة تحتاج من خبراء النفس، الاجتماع، وكل باحث عن الإصلاح لمزيد من الدراسة والتحليل.. ربما أعاننا ذلك في الوصول لحلول جذرية، وغد أفضل.

مشاركة :