قبل الحرب العالمية الأولى، كان لدى بريطانيا العظمى الجيش «المحترف» الوحيد الحقيقي في أوروبا، إذ كان قوة من المتطوعين يبلغ قوامها نحو 400 ألف جندي، ومن بين هؤلاء نحو 247 ألفاً ممن خدم في الجيش النظامي، بينما خدم 145 ألفاً آخرون في القوة الإقليمية، ولم يصل الجيش البريطاني إلى ذروة قوته إلا بعد إدخال التجنيد الإجباري، الذي بدأ في يناير 1916، وبحلول نهاية عام 1918 كان هناك أكثر من أربعة ملايين جندي و70 فرقة في الخدمة. واليوم، الجيش البريطاني هو الأصغر منذ 400 عام، وهو على وشك أن يصبح أصغر، ووفقاً للمراجعة الدفاعية المقبلة، التي من المقرر نشرها في أبريل، قد يتم الاستغناء عن نحو 10 آلاف جندي من الجيش النظامي، البالغ عدد أفراده نحو 82 ألفاً، كوسيلة للمساعدة في تمويل جهود التحديث، ويمكن أن يأتي هذا التخفيض حتى مع استعداد وزارة الدفاع لتلقي 16.5 مليار جنيه إسترليني إضافية، على مدى السنوات الأربع المقبلة. وتتمثل الخطة في إمكانية استخدام التكنولوجيا، بما في ذلك منصات الأسلحة المستقلة، للسماح للجيش بأن يصبح «أكثر مرونة»، وتشمل الخطة أيضاً خفض قوة مدرعات الجيش البريطاني، وفي ذلك يقول رئيس التخطيط الاستراتيجي في الجيش، العميد جون كلارك، إنه من خلال تسخير التكنولوجيا سيتمكن الجيش البريطاني من «تحقيق نفس التأثير مع عدد أقل من الناس»، وليس من الواضح ما إذا كانت التكنولوجيا يمكن أن تحلّ محل «الجنود على الأرض». وأشار جاك واتلينج، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إلى أن جيشاً قوامه 72 ألفاً لايزال قادراً على الاستيلاء على مناطق محددة والسيطرة عليها، مع أن الجيش البريطاني واجه صعوبات كبيرة لتأمين مدينة البصرة، عندما تجاوزت قوته 100 ألف. وأشارت الباحثة صوفيا رايت، في دراسة حديثة لجهود التحديث، إلى أن هناك بعض المخاوف الملحوظة حول ما إذا كان هناك استثمار بما يكفي لتحويل الجيش البريطاني حقاً إلى «قوة قتالية أقل عدداً وذات تقنية عالية»، وكتبت رايت: «بينما زادت الميزانية الإجمالية من 38 مليار جنيه إسترليني (53 مليار دولار) إلى 48 مليار جنيه إسترليني، فإن الرقم مضلل، لأنه لا يأخذ في الاعتبار ارتفاع تكاليف التنمية أو التضخم»، متابعة: «المؤشر الأكثر دلالة هو النسبة المئوية للناتج المحلي الإجمالي المخصص للدفاع، التي انخفضت من 3.5% إلى 1.7% بين عامَي 1990 و2020، ومع ذلك لم يتباطأ إيقاع عمليات نشر القوات، مع قيام المملكة المتحدة بدور نشط في كل عمليات حلف (الناتو)، تقريباً، في العقود الماضية». ويمكن أن يؤثر تقليص الجيش البريطاني أيضاً في صبي يبلغ من العمر سبع سنوات، وهو الأمير جورج، الابن الأكبر للأمير وليام، وهو الثالث في ترتيب ولاية العرش، وهذا يأتي مع مسؤوليات معينة تشمل عادة قضاء فترة في الجيش، ومن المتوقع أن يسير على خطى والده وجده الأمير تشارلز، وجدته الكبرى الملكة إليزابيث الثانية، اللذين خدما في الجيش البريطاني. وتم رصد الصبي وهو يرتدي قميصاً مموهاً في عيد ميلاده السابع، مع أن احتمالات خدمته في الجيش تتضاءل، حتى لو كان العاهل المستقبلي المحتمل سيكون قائد جيش المملكة المتحدة، وكان إدوارد السابع هو آخر ملك بريطاني لم يخدم في الجيش، مع أنه كان يأمل ممارسة مهنة في الجيش، لولا اعتراض والدته، الملكة فيكتوريا، على هذا القرار. • ليس من الواضح ما إذا كانت التكنولوجيا يمكن أن تحلّ محل «الجنود على الأرض». بيتر سوسيو - كاتب مقيم في ميشيغان ظهرت مقالاته وكتاباته في أكثر من 40 مجلة وصحيفة وموقعاً إلكترونياً. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :