شرع عدد من بورصات خليجية في تعديل قوانينها، أو إضافة مزيد من المزايا والمغريات لجذب أكبر عدد ممكن من الشركات للإدراج في أسواقها المالية.ويرى خبراء ومحللون ماليون، أنَّ الإدراج المزدوج للأسهم في أسواق المنطقة، ينعكس بنتائج إيجابية على أطراف السوق كافة، سواء على المستثمرين، أو الشركات المصدرة للأسهم، أو إدارة الأسواق المالية ذاتها.ورصدت «بلومبرغ» عدداً من التغيُّرات التي أجرتها بورصات الأوراق المالية في السعودية، والإمارات، وقطر، والبحرين خلال آخر 3 سنوات بهدف تشجيع المزيد من الشركات المحلية على الإدراج من جانب، وأيضاً جذب الشركات الأخرى في المنطقة سواء للإدراج المباشر أو الإدراج المزدوج، من خلال تسهيل إجراءات الإدراج، وتوقيع اتفاقيات تعاون في هذا الصدد.وبرز نوع من «الصراع» بين تلك البورصات بهدف منع تسرُّب نشاط الإدراج إلى الأسواق المجاورة، مثل اشتراط بورصة دبي عدم إدراج الشركات الحكومية خارج الإمارات قبل إدراجها محلياً.وفق البيانات المتاحة للبورصات الخليجية، فإنَّ الرابح حتى الآن هي أسواق المال في إمارة دبي، التي تضمُّ أكبر عدد من الإدراجات المزدوجة، لكن مع تنامي تحسين التشريعات في البورصة السعودية أكبر بورصة عربية؛ من المتوقَّع أن يكون التغيير سريعاً وفق مراقبين.من جهتها، توفِّر بورصة البحرين العديد من الفرص الاستثمارية للمستثمرين البحرينيين، والأجانب لتنويع محافظهم الاستثمارية، وتعظيم عوائدهم جراء الاستثمار في الأوراق المالية المدرجة فيها، خصوصاً أنَّ المؤشرات المالية لبورصة البحرين تعدُّ الأكثر جاذبية في المنطقة.وتقول سناء عبد الرضا مديرة التسويق وتطوير الأعمال في بورصة البحرين لـ»الشرق»، «تسمح البورصة بالإدراج المزدوج للشركات، كما توفِّر بنية تحتية متطورة، وتشريعات عمل حديثة، ولا توجد ضرائب على الأرباح على كل من الأجانب والمواطنين».وأضافت: «الشركات المدرجة في بورصة البحرين تسمح للأجانب بتملُّك الأوراق المالية بنسبة 100%، وفقاً لقوانين مملكة البحرين التي تسمح للأجانب بممارسة معظم الأنشطة بنسبة 100%».وأوضحت بورصة البحرين أنَّه توجد حالياً 9 شركات مزدوجة الإدراج في البورصات الخليجية، وهي مدرجة في بورصة الكويت، وسوق دبي المالي، وسوق مسقط للأوراق المالية، وناسداك دبي، مؤكِّدين توجههم لمزيد من الادراجات المزدوجة، نظراً للعلاقة الوطيدة، واتفاقيات التعاون بين بورصة البحرين، والبورصات الخليجية.وأشارت عبد الرضا إلى أنَّ بورصة البحرين اعتمدت قواعد الإدراج الجديدة العام الماضي، إذ تهدف القواعد إلى تنظيم عملية تقديم طلبات الإدراج للأوراق المالية في مملكة البحرين، التي تشمل شروط عرض الأوراق المالية، وتحدِّد متطلَّبات الإدراج والعرض، بالإضافة إلى شروط ومتطلَّبات تغيير رأس المال. ويعدُّ طرح قواعد الإدراج الجديدة جزءاً من خطة بورصة البحرين الاستراتيجية لمواصلة تطوير سوق الأسهم، وإنشاء منصة أكثر مرونة، وأكثر جذباً للمستثمرين، والشركات المهتمة.وأعلنت السعودية خلال العام 2020 عن جملة من المزايا والتسهيلات بهدف جذب الإدراج من الشركات الخليجية، فقد توقَّع خالد الحصان المدير التنفيذي في شركة السوق المالية السعودية «تداول»خلال مشاركته في يناير 2021 في مؤتمر بلومبيرغ للسوق المالية السعودية، أن تشهد السوق السعودية أوَّل إدراج مزدوج قريباً.وأعلنت هيئة السوق المالية السعودية، قبل عدَّة أسابيع، أنَّها استحدثت إجراءات لتيسير دخول المصدِّرين الأجانب إلى سوق الأسهم في المملكة، وتشجيع الاستثمار في السوق الثانوية في البلاد، وذلك بعد أن فتحت سوق الأسهم الرئيسية السعودية (تداول) أبوابها أمام الاستثمار الأجنبي في 2015.ويقول محمد الرميح، مدير عام الإدارة العامة للأسواق في شركة السوق المالية السعودية (تداول) لـ»الشرق»، إنَّ شركة السوق المالية السعودية «تداول» وقَّعت في عام 2019 اتفاقيات مع سوق أبوظبي للأوراق المالية، وشركة البحرين للمقاصة وذلك لربط السوقين مع «تداول» والسماح بالإدراج المزدوج، لأنَّ هذا النوع من الإدراجات يسمح للشركات المدرَجة في أيٍّ من السوقين بإدراج أسهمها في (تداول)، أو العكس.وأشار الرميح إلى أنَّ (تداول) عقدت اجتماعات مع العديد من الشركات المدرجة في كلا السوقين الماليين بهذا الخصوص، ومن المتوقَّع أن تتمَّ بعض عمليات الإدراج المزدوج في (تداول) في المستقبل القريب.وأضاف الرميح: «يجري حالياً العمل عن قرب مع جميع المشاركين في السوق لتحسين ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية، وحوكمة الشركات، بالإضافة إلى علاقات المستثمرين، وإلزام المصدِّرين بنشر الإشعارات أو الإفصاحات – وفقاً لقواعد الإدراج- باللغتين العربية والإنجليزية.وبحسب الرميح، تعمل «تداول» أيضاً مع هيئة السوق المالية على تيسير قواعد الإدراج المزدوج في أسواق السوق السعودية، الأمر الذي يجعل «تداول» أقرب إلى مجتمع الاستثمار الدولي، وسوقاً أكثر جاذبية للشركات الأجنبية التي تطمح لتداول أسهمها في سوق أخرى.وأكَّد مدير عام الأسواق في «تداول» أنَّ هذا النوع من الإدراجات يضفي بعداً استثمارياً آخر للسوق المالية السعودية من خلال تنوع الفرص الاستثمارية، والوصول إلى شركات أجنبية من خلال السوق المحلية، وتنوع أساليب وصول الشركات إلى رؤوس الأموال.وتقول إدارة سوق دبي المالي، إنَّها تعمل وبشكل مستمر على تنويع الفرص الاستثمارية، عبر التعاون مع العديد من الشركات الإقليمية، وتشجيعها على الإدراج وتداول أسهمه، مشيرة إلى أنَّ زيادة عدد الشركات المدرَجة، يوفِّر مزيداً من العمق للسوق، عبر إضافة قطاعات جديدة، كما يوفِّر قاعدة أكبر من الشركات والقطاعات للمستثمرين، تضمن التنويع في الاستثمارات.ويشهد سوق دبي إقبالاً كبيراً من الشركات الإقليمية للإدراج المزدوج، مع سعي هذه الشركات للاستفادة من التطور الملحوظ للسوق، واحتلاله مرتبة متقدِّمة بين بورصات المنطقة، ويضمُّ سوق دبي حالياً 17 شركة مدرجة بنظام الإدراج المزدوج من عدَّة دول عربية، هي الكويت، والبحرين، والسودان، ومصر، فيما يصل عددها في سوق أبوظبي المالي إلى شركتين فقط.وحول فرص ومزايا الإدراج في أسواق المال بدبي، قالت بورصة دبي لـ»الشرق»، إنَّ أسواق المال في دبي، بما في ذلك سوق دبي المالي، وبورصة «ناسداك دبي»، توفِّر بيئة إدراج مرنة تتيح العديد من البدائل للإدراج بما يناسب مختلف الشركات، ويتماشى مع الشكل القانوني، ومحل التأسيس لكلِّ شركة.وتشمل تلك البدائل، الإدراج الرئيسي في سوق دبي المالي لشركات المساهمة العامة المحلية، والإدراج في «السوق الثانية» بسوق دبي المالي لشركات المساهمة الخاصة، والإدراج الرئيسي في سوق دبي المالي لشركات المناطق الحرة، والإدراج المزدوج لشركات إقليمية وعالمية في سوق دبي المالي، وبورصة «ناسداك دبي».وقالت بورصة دبي، إنَّ من الخيارات المتاحة أيضاً؛ خيار الإدراج الرئيسي للشركات المحلية والإقليمية والعالمية في بورصة «ناسداك دبي»، والإدراج في سوق «ناسداك دبي» للنمو والمخصص لشركات الاقتصاد الجديد، والشركات الصغيرة والمتوسطة، وعلى صعيد نوعية الأوراق المالية، تتيح البورصتان إمكانية إدراج طيف متنوع من الأوراق المالية بما في ذلك الأسهم، والسندات، والصكوك، وصناديق الاستثمار العقاريREITs، وصناديق المؤشرات المتداولة، وعقود الأسهم المستقبلية وغيرها.وفيما يتعلَّق بمزايا الإدراج تقول «بورصة دبي» للشرق، إنَّ الإدراج في سوق دبي المالي، وبورصة «ناسداك دبي» يتيح العديد من المزايا للشركات، إذ توفِّر البورصتان منصة تمويلية فعالة للشركات الراغبة في تنفيذ استراتيجيات النمو، وقد فاق مجموع الأموال المجمَّعة من خلال سوق دبي المالي 77 مليار درهم حتى الآن.وتوفِّر البورصتان بيئة أسواق مالية عالية التنظيم، تتيح لمُلَّاك الشركات تقييم استثماراتهم، وطرح حصص منها، أو تنفيذ خطط التخارج بعدالة وشفافية، إلى جانب ربط الشركات المدرجة بقاعدة ضخمة ومتنوعة من المستثمرين المحليين والإقليميين والعالميين، تقارب 850 ألف مستثمر ينتمون إلى 208 جنسيات مختلفة، بما يوفِّر للشركات المدرَجة حضوراً واسع النطاق بين المستثمرين في مناطق جغرافية متنوعة، ويفتح الآفاق لتوسُّعها ونموها على المستوى العالمي.ومؤخراً وفي مطلع العام 2021 أصدرت حكومة دبي مرسوماً يقضي بإلزام الشركات المحلية بإدراج أسهُمِها في أسواق الأوراق المالية في إمارة دبي، التي تشمل سُوق دبي المالي، وبورصة «ناسداك دبي»، وذلك قبل قيامها بإدراج أسهمها في أيٍّ من أسواق الأوراق المالية خارج إمارة دبي، متى استوفت شُروط ومُتطلّبات وقواعِد الإدراج المعمول بها لدى سوق الأوراق المالية في دبي.في المقابل وقَّع الاسبوع الماضي رئيس مجلس إدارة سوق أبو ظبي للأوراق المالية، محمد علي الشرفاء الحمادي، مع آمنون نوباخ رئيس مجلس إدارة بورصة تل أبيب مذكرة تفاهم، لتأمين التداول بين السوقين بسهولة، كما أنَّه يعمل على تسهيل وصول المستثمرين إلى سوق الطرف الآخر، وتأمين الإدراج المزدوج للأوراق المالية.والجدير بالذكر أنَّ المذكرة التي وُقِّعت بين أبو ظبي وإسرائيل، تشكِّل التعاون الأول من نوعه بينهما، التي جاءت بعد توقيعمها لاتفاقية تجارية، تعزز التعاون التجاري بين البلدين.
مشاركة :