فرنسا تحذر: الوقت ينفد أمام إنقاذ لبنان من الانهيار

  • 3/11/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

باريس - حذرت فرنسا اليوم الخميس من أن لبنان بات على حافة الهاوية، منتقدة تراخي السياسيين، بينما تزداد الأزمة سوء على جميع المستويات، فيما يأتي هذا التحذير وسط جمود سياسي واحتجاجات لا تهدأ على تردي الوضع المعيشي والانهيار القياسي لليرة وإمكانية أن يغرق لبنان كله في الظلام بنهاية الشهر الحالي. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إن الوقت ينفد أمام جهود منع انهيار لبنان وإنه لا يرى أي بادرة على أن السياسيين اللبنانيين يبذلون ما في وسعهم لإنقاذ بلادهم. وقادت فرنسا جهودا دولية لإنقاذ لبنان من أسوأ أزمة يشهدها منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990 وحاولت استغلال نفوذها التاريخي لإقناع الساسة المتناحرين بتبني خارطة طريق للإصلاح وتشكيل حكومة جديدة تفتح الطريق أمام الحصول على مساعدات دولية. وقال الوزير الفرنسي في مؤتمر صحفي في باريس "أميل لاعتبار السياسيين اللبنانيين مذنبين بعدم مساعدة بلد في خطر"، مضيفا "جميعهم تعهدوا بالعمل على تشكيل حكومة لا تقصي أحدا كما تعهدوا بتنفيذ إصلاحات ضرورية. كان ذلك قبل سبعة أشهر لكن لم يحدث أي شيء. أعتقد أن الأوان لم يفت لكن لا مجال للتأجيل قبل الانهيار". وما زال رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري على خلاف مع الرئيس ميشال عون ولم يتمكن من تشكيل حكومة جديدة منذ أكتوبر/تشرين الأول. وتقوم مجموعات من المحتجين بإحراق الإطارات يوميا لإغلاق الطرق منذ أن هوت العملة اللبنانية إلى مستوى جديد الأسبوع الماضي مما أدى إلى تفاقم الغضب الشعبي من الانهيار المالي. وقال لو دريان "الأمر يعود للسلطات اللبنانية كي تقرر مصيرها بيدها وهي تدرك أن المجتمع الدولي يراقب بقلق. ما زال هناك وقت للتحرك اليوم لكن غدا سيكون الوقت قد فات". وزاد تعقيد الأزمة الاقتصادية في لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب مما أسفر عن تدمير مناطق بأكملها في العاصمة وسقوط 200 قتيل. وأفضى الانفجار إلى استقالة حكومة رئيس الوزراء حسان دياب لكنها تواصل تصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة، بينما لا تملك سلطة القرار في ما يتعلق بالشؤون المالية حيث لم تعرض ولم تناقش موازنة العام 2021. وفي أحدث التطورات، حذّر وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر الخميس من أن لبنان قد يتجه إلى "العتمة الشاملة" نهاية الشهر الحالي ما لم يتم توفير المال اللازم لشراء الفيول المشغلّ للمعامل. ويواجه لبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية، منذ ثلاثة عقود على الأقل مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية وساعات تقنين طويلة تتخطى 12 ساعة. وأجبر ذلك غالبية المواطنين على دفع فاتورتين، واحدة للدولة وأخرى مرتفعة لأصحاب مولدات الكهرباء الخاصة التي تعوض نقص إمدادات الدولة. وقال غجر بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، وفق تصريحات نقلتها الوكالة الوطنية للإعلام، "لبنان قد يذهب إلى العتمة الشاملة في نهاية الشهر الجاري في حال عدم منح مؤسسة كهرباء لبنان مساهمة مالية لشراء الفيول". وأضاف "المشكلة اليوم تتلخص بعدم توافر الأموال اللازمة لشراء الفيول" بعدما كان يتم الاعتماد حتى الآن على الأموال المرصودة في موازنة العام 2020. ولم يقر لبنان بعد موازنة العام 2021 على وقع الانهيار المتواصل وشح السيولة وتضاءل احتياطي البنك المركزي بالدولار. وطلبت وزارة الطاقة منحها سلفة بقيمة 200 مليار ليرة من احتياطي الموازنة لتوفير الحاجة الملحة لمؤسسة كهرباء لبنان من إجمالي 1500 مليار تحتاجها لتأمين الكهرباء. ودعا رئيس البرلمان نبيه بري اللجان النيابية المعنية إلى جلسة يوم الثلاثاء لدرس بندين، أحدهما اقتراح قانون معجل مكرر لمنح كهرباء لبنان هذه السلفة. ويؤمن لبنان منذ مطلع العام الفيول الضروري لتشغل معامل إنتاج الكهرباء عبر بواخر، بعد انتهاء عقد مع شركة سوناطراك من دون تجديده، إثر نزاع قانوني على خلفية ما عرف بقضية "الفيول المغشوش". ويجري لبنان مفاوضات مع السلطات العراقية لتزويده بـ500 ألف طن من الفيول أويل الثقيل، مقابل حصول العراق على أدوية وسلع لبنانية، إلا أنه لم يتم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق نهائي، خصوصا أن النفط العراقي غير مطابق للمواصفات ويعتزم لبنان مبادلته بنفط مطابق. وحذّر غجر من "عواقب كارثية" على كافة القطاعات. وقال "تخيّل حياتك بلا كهربا بلا انترنت بلا تلفون بلا مستشفى بلا لقاح.. أنا شخصيا أشعر أن ذلك سورياليا ليس طبيعيا أن تعيش في القرن الـ21 بلا كهرباء". وأثارت تصريحات غجر انتقادات واسعة وتصدّر وسم #وزير_الطاقة موقع تويتر. وكتبت إحدى المستخدمات "المفروض أن نخبر وزير الطاقة حتى يجد لنا حلا". وعلّق آخر "السوريالي هو أن يكون لدينا هكذا مسؤولين". ويُعد قطاع الكهرباء الأسوأ بين مرافق البنى التحتية المهترئة أساسا. وقد كبّد خزينة الدولة أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). ويشكل إصلاح هذا القطاع شرطا رئيسيا يطالب به المجتمع الدولي منذ سنوات، إذ شكل أبرز مقررات مؤتمر سيدر لدعم لبنان في العام 2018، ومن أبرز طلبات صندوق النقد الدولي العام الماضي. ويشهد لبنان منذ صيف 2019 أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت إلى خسارة العملة أكثر من ثمانين بالمئة من قيمتها، تزامنا مع قيود مصرفية مشددة وشح في الدولار. ولا يبدو في الأفق أي حل للأزمة في الوقت الذي تعطلت فيه مشاورات تشكيل الحكومة وسط اتهامات متبادلة بين رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري والرئيس اللبناني ميشال عون. وبات لبنان عالقا في تجاذبات سياسية خطيرة مع انحدار البلد الأعلى دينا في العالم والذي يعتمد اقتصاده أساسا على ودائع اللبنانيين بالخارج وعلى الهبات والمساعدات الخليجية والدولية. ومن غير المتوقع أن يخرج من دوامة المناكفات السياسية بينما يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر وفقد الآلاف وظائفهم وأصاب الركود كل المناحي الاقتصادية والمعيشية أساسا. وعلى الضفة المقابلة يتجه لبنان على ضوء هذه التطورات إلى انهيار أمني، حيث اشتكى وزير الداخلية وقبله قائد الجيش من أن الأزمة الراهنة بشقيها السياسي والاقتصادي أثرت بشكل كبير على قوات الأمن والجيش، فيما يتصاعد معدل الجريمة وتتنامى مخاطر الإرهاب. وشهد لبنان في السنوات القليلة الماضية اعتداءات إرهابية واشتباكات مسلحة في المخيمات الفلسطينية، بينما يجد الإرهاب والتطرف طريقهما للتسلل بسلاسة وسط انشغال القوى السياسية في صراع على المصالح وفي ظل تردي وضع قوات الأمن والجيش.  

مشاركة :