أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، في خطبة الجمعة اليوم، المصلين بتقوى الله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}، دعاء قرآني عظيم جامع كامل بكلمات معدودة ومعانٍ شاملة جمع الدعاء كل خير في الدنيا وأبلغ مطلوب في الآخرة وصرف كل شر ورد في كتاب الله: {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخرة حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، يقول أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار". وأوضح "الثبيتي" أنه حين نتأمل هذا الدعاء وما حواه من فصاحة وبلاغة تتجلى لك علاقة التكامل بين الدنيا والآخرة في منظور الإسلام، وأنه لا تعارض بينهما؛ فالدنيا طريق والآخرة الغاية الدنيا غرس وبناء وتنمية والآخرة حصاد وجني للثمار اليانعة الدنيا محطة الاستزادة وبذل الإحسان والآخرة الجزاء ونيل الإحسان الدنيا دار ممر وعبور والآخرة سرور وحبور والتوازن بينهما منهج العقلاء وطوق النجاة. وذكر أن السائر إلى ربه يعرف قدر الدنيا والآخرة وينزلهما في قلبه منزلتهما اللائقة بهما؛ فهو يسأل ربه حسنة الدنيا أحسن ما فيها لكن قلبه ممتلئ باستحضار الآخرة التي هي مقصده ومآله وموجه أفعاله وأقواله وفيها الفوز العظيم قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ}. وقال إمام المسجد النبوي: أما من تضاءل استحضار الآخرة في قلبه وغفل عن ماله ومصيره فإنه يجعل زينة الدنيا الفانية منتهي رغباته وأسمى تطلعاته في همه وهمته ودعائه قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الْأَرْضِ، أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخرة، فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخرة إِلَّا قَلِيلٌ}. وأكد أن على المسلم العاقل يؤمن رحلته من الدنيا إلى الآخرة بالجمع بين الرجاء والخوف قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين}.
مشاركة :