يؤدي التراجع الكبير في أسعار المعادن في الأشهر الأخيرة، إلى عمليات صرف كثيفة لعمال المناجم في إفريقيا، تحمل على التخوف من اندلاع اضطرابات اجتماعية، بالإضافة إلى التباطؤ الاقتصادي في قارة غنية بالمواد الأولية. وأعلن عدد كبير من المجموعات في الأسابيع الأخيرة، عن إلغاء وظائف ووقف أنشطتها أو خفض عملياتها في بلدان أساسية مشهورة بالمعادن، مثل جنوب إفريقيا وزامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ففي جنوب إفريقيا حيث يعمل في قطاع المناجم نصف مليون شخص ويشكل 7% من إجمالي الناتج المحلي قررت شركة لونمين البريطانية في يوليو إلغاء 6 آلاف وظيفة. لكن هذا الرقم لا يعكس حقيقة الوظائف الملغاة، كما تقول النقابات التي تعتبر أن 19 ألف فرصة عمل مهددة. ومعظم عمليات الصرف تجرى في قطاع البلاتين الذي تراجعت قيمته حوالى 40% منذ 2011. وقال جوزف ماتونجوا رئيس هيئة نقابة عمال المناجم نواجه أزمة. لا تستطيع المؤسسات أن تتخلص من موظفيها ببساطة. وتقف هيئة نقابة عمال المناجم وراء الإضراب لدى لونمين في ماريكانا (شمال شرق جنوب إفريقيا) في 2012. فقد قتلت الشرطة آنذاك أربعة وثلاثين عامل منجم وأدت هذه المأساة إلى اضطرابات شديدة في البلاد. وتأثرت زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية كثيراً بتراجع الأسعار العالمية للنحاس. فقد سجل انخفاضاً 25% خلال الأشهر الثمانية الأولى بالمقارنة مع متوسط الأسعار 2014. ضغوط واعتبر اندريوس بالسيس المحلل في يورومونيتور انترناشونال، أن تراجع أسعار المعادن، لاسيما النحاس والبلاتين، سيواصل ممارسة ضغوط على المؤسسات لحملها على خفض تكاليفها. وإضاف إن مجموعات قد تعمد إلى إعادة تقييم مشاريعها وحتى إلى وقف المشاريع التي تنفذها. وهذا ما حصل لدى شركة غلينكور العملاقة للمواد الأولية ومقرها سويسرا. فقد أعلنت في سبتمبر وقف إنتاج النحاس طوال 18 شهراً في اثنين من المناجم في إفريقيا، هما منجم موباني في زامبيا ومنجم كاموتو في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويتنافس هذان البلدان على المرتبة السادسة للإنتاج العالمي من النحاس. وأعلنت كاتانغا ماينينغ، الفرع الكونغولي لغلينكور، الجمعة الماضية عن وقف أنشطتها لمعالجة الكوبالت في كاموتو ولم تحدد الشركة عدد الوظائف المعنية لكن موباني التي يعمل فيها 10 آلاف شخص هي الأولى على صعيد المناجم في زامبيا. ضربة قاسية وفي يوليو اضطر هذا البلد في إفريقيا الجنوبية، إلى تحمل ضربة قاسية. فقد أوقفت لوانشيا الصينية عملياتها فتوقف 1200 شخص عن العمل. وقالت المحللة سارا بومفري التي ترأس دائرة التخطيط لدى يورومونيتور انترناشونال، يجب تحليل تحديات صناعة المناجم في إفريقيا، في إطار تباطؤ النمو في الصين وضعف أسعار المواد الأولية. وأضافت إن الصعوبة في إفريقيا تكمن في أن عدداً كبيراً من الحكومات تعتمد كثيراً على قطاع المناجم باعتباره مصدراً للصادرات والعائدات. لذلك فإن النحاس هو المصدر الأول للعملات الأجنبية في زامبيا. وتتزامن أزمة المواد الأولية مع مواجهة قطاع المناجم الجنوب إفريقي أيضاً عواقب الاضرابات المتكررة في السنوات الأخيرة. ففي بداية سبتمبر، حاولت بريتوريا التدخل في الأزمة، فعمدت إلى لقاءات بمشاركة أرباب العمل والنقابات. وأعلن الرئيس جاكوب زوما نتحمل جميعاً مسؤولية التوصل إلى إيجاد حل لهذه التحديات، لأن القطاع المنجمي قطاع بالغ الأهمية لاقتصاد جنوب إفريقيا. أوضاع سيئة قال الخبير الجنوب أفريقي ماموكيتي مولوبيان أن الأزمة في المناجم تحصل في ظل أوضاع بالغة السوء. وأوضح أن الاقتصاد في أسوأ مراحله والبطالة مرتفعة 25% وأسعار المواد الغذائية تميل إلى الارتفاع. وعمليات الألغاء الكثيفة للوظائف ستؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع مستويات الفقر وتنجم عنها عواقب متلاحقة. لكن تراجع فرص العمل في المناجم ليس جديداً وتقول غرفة المناجم في جنوب إفريقيا أن 35 ألف وظيفة قد ألغيت في المناجم بين 2012 و2015.
مشاركة :