أثار تعرض سفينة إيرانية لهجوم بالبحر المتوسط، بالتزامن مع تقرير عن سلسلة اعتداءات مشابهة شنتها إسرائيل ضد ناقلات إيرانية متجهة إلى سورية، تكهنات حول احتمال تسببها في تلوث بيئي خطير شمل شواطئ إسرائيل ولبنان أخيراً، واتهمت طهران بإحداثه عمداً، فيما كشفت واشنطن بدء اتصالات غير مباشرة مع طهران لإحياء الاتفاق النووي. في وقت طفت على السطح مواجهة جانبية تتمحور حول استهداف السفن التجارية بين إيران وإسرائيل، التي اتهمت الأولى بالاعتداء على حاوية تابعة لها بمياه الخليج قبل أسبوعين، أثارت صحيفة «التايمز» تساؤلات حول علاقة محتملة بين حادث تلوث شواطئ إسرائيل ولبنان بالقطران، في فبراير الماضي، وبين هجوم إسرائيلي محتمل على ناقلة محملة بالنفط الخام كانت في طريقها من طهران إلى سورية، بعد تعرض سفينة إيرانية أخرى كانت متجهة إلى أوروبا لهجوم بالبحر المتوسط تسبب في حريق على متنها. وكتبت الصحيفة البريطانية، في تقرير نشر أمس، أنه بينما ألقى سياسيون إسرائيليون باللوم في التسرب النفطي على طول السواحل الإسرائيلية واللبنانية، في فبراير الماضي، على ناقلة نفط خام قادمة من إيران باتجاه سورية، لكن على ضوء التقارير عن استهداف إسرائيل المتكرر لناقلات النفط الإيرانية «سينظر إلى هذا الأمر الآن من منظور مختلف». وأشارت «التايمز» إلى أن سلسلة الهجمات المنسوبة للدولة العبرية على سفن إيرانية أسفرت في الماضي مرة واحدة على الأقل عن حادث تسرب مماثل. ووقع ذلك إثر الهجوم على ناقلة النفط «سابيتي» في البحر الأحمر عام 2019. وفي وقت سابق، زعمت وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية، غيلا غامليل، أن الجمهورية الإسلامية لها علاقة بالتسرب النفطي، الذي لوث شواطئ شرقي المتوسط. وأصرت وزيرة حماية البيئة في إسرائيل، الخميس الماضي، على أن التسرب الذي تسبب بأضرار بيئية في إسرائيل ولبنان، قدر خبراء أنها ستستمر عدة سنوات، كان «هجوماً إرهابياً إيرانياً على إسرائيل»، بعد تسريب تقارير تفيد بأن التحقيق الذي أجرته أجهزة الأمن الإسرائيلية لم يكشف حتى الآن أي أدلة تثبت فرضية أن يكون التسرب النفطي الغامض في البحر المتوسط «عملاً دبرته طهران». وجاء إصرار الوزيرة، غير المدعوم بأدلة، وسط تجاذب سياسي قبيل 10 أيام من الانتخابات الإسرائيلية، وبعد أن ادعت المجلة الملاحية الدولية، «Lloyd›s List»، أن ناقلة نفط إيرانية سربت عمداً عدة آلاف الأطنان من النفط الخام إلى المياه الاقتصادية لإسرائيل. وفي جانب آخر، من التجاذب الداخلي بشأن طهران، حمل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، نتنياهو المسؤولية عن نجاح إيران في تطوير قدراتها النووية «بشكل جوهري»، معتبرا أنه فشل في مواجهة البرنامج الذري الإيراني، رغم أنه جعل هذا الهدف على رأس أولويات حكومته منذ عام 2009. صور واعتداءات في غضون ذلك، أكدت مؤسسة الملاحة البحرية الإيرانية تعرض سفينة تجارية تابعة للجمهورية الإسلامية لهجوم وصفته بـ«الإرهابي» في البحر الأبيض المتوسط الأربعاء الماضي. وأفاد المتحدث باسم شركة الشحن الإيرانية، علي غياسيان، بأن حريقاً اندلع على متن السفينة، التي كانت متوجهة إلى أوروبا، وتضرر جزء منها نتيجة الانفجار الذي لم يتسبب بخسائر بشرية. وأشار إلى أنه «بعد اصطدام جسم متفجر بالسفينة، وقع حريق جزئي في مكان الانفجار، وقد تم احتواؤه سريعاً بجهود القبطان وطاقم السفينة». وأضاف ان «هذه الأعمال الإرهابية، قرصنة، وتتعارض مع القانون الدولي، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية لتحديد مرتكبيها من خلال المؤسسات الدولية ذات الصلة». ونشرت وسائل إعلام إيرانية، مساء أمس الأول، فيديوهات وصور سفينة الشحن التي تعرضت للاستهداف. وكشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الخميس الماضي، نقلا عن مسؤولين أميركيين وإقليميين، أن تل أبيب استهدفت ما لا يقل عن 12 ناقلة نفط إيرانية أو تحمل نفطاً متجهة إلى سورية خلال السنة ونصف الماضية في البحر الأحمر ومياه أخرى في المنطقة، في إطار سياسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الرامية إلى ما يصفه بـ«ضرب تموضع إيران بسورية». اتصال ولغط إلى ذلك، كشف مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، أن الولايات المتحدة وإيران بدأتا اتصالات دبلوماسية غير مباشرة من خلال أوروبيين وآخرين ينقلون رسائل عن الكيفية التي يمكن بها استئناف الالتزام بالاتفاق النووي المبرم عام 2015. وأضاف سوليفان، في تصريحات مساء أمس الأول: «الدبلوماسية مع إيران مستمرة، لكن ليست بطريقة مباشرة في الوقت الراهن». وتابع: «هناك قنوات اتصال عن طريق الأوروبيين وآخرين تمكننا من أن نوضح للإيرانيين موقفنا فيما يخص منهج الالتزام مقابل الامتثال للاتفاق، وأن نستمع إلى موقفهم». وقال سوليفان «عند هذه المرحلة ننتظر أن نسمع أكثر من الإيرانيين عن الطريقة التي يرغبون من خلالها في المضي قدما. لن يكون ذلك سهلا لكننا نؤمن بأننا نمر الآن بعملية دبلوماسية، وأنه يمكننا المضي قدما، وأن نضمن في نهاية المطاف تحقيق هدفنا، وهو أن نمنع إيران من الحصول على سلاح نووي من خلال الدبلوماسية». وكانت واشنطن أعلنت، منتصف فبراير الماضي، أنها مستعدة للحديث مع طهران عن استئناف كلا البلدين الامتثال للاتفاق الذي انسحب منه دونالد ترامب عام 2018، قبل أن يعيد فرض عقوبات اقتصادية خانقة على إيران. في المقابل، جدد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة تأكيد الجمهورية الإسلامية والمرشد الأعلى علي خامنئي بأنها ستوقف خطواتها لفك ارتباطها بالاتفاق النووي فقط «بعد رفع العقوبات من قبل أميركا». جاء ذلك بعد أن أثارت تصريحات أدلى بها حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، عن إمكانية صياغة جدول زمني لتنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي «خطوة خطوة» لغطاً جديداً داخل إيران. وقال زادة إن وجهات النظر المطروحة بمقابلة آشنا شخصية، ولم يتم التنسيق بشأنها مع وزارة الخارجية أو وزير الخارجية محمد جواد ظريف.
مشاركة :