هو زميلي منذ الصف الأول متوسط في معهد صبيا العلمي ١٣٩٧ لكن لم نكن قريبين من بعض في المقاعد فكان الحوار بيننا قليلا وفي الصف الثاني متوسط وبالتحديد عام ١٣٩٨ كنا نجلس في الفسحة في الفصل أحيانا فنتبادل الحديث وكنت اسمعه يردد باستمرار ( جانا الهوا جانا ورمانا الهوا رمانا ..واللي شبكنا يخلصنا) يرددها بمزاج عالي و أيضا ( وابتدا وابتدا المشوار .. وآه يا خوفي آه يا خوفي من آخر المشوار) وأيضا ( أي دمعة حزن لا لا ) فكنت اسأله لمن هذه الأغاني فيرد قائلا : عبدالحليم حافظ فأقول : منه عبدالحليم حافظ فيرد : ما تعرفه ؟ فأقول : أعرف محمد عبده وطلال مداح فيقول : أيش أحسن أغاني محمد عبده فأقول : يا ضايق الصدر .. ولآخر لحظة من عمري وطلال أغراب .. مقادير .. كلنا في طريق الحب ماشيين فيقول : يا سلااااااام باقي تسمع عبدالحليم حافظ وفعلا اشتريت معظم أغاني عبدالحليم التي أشار بها علي وزادت خطوط الحوار بيننا حيث اكتشفت في زميلي شخصية مختلفة ورائعة في اهتماماتها وكثير المتابعة للإذاعات داخليا وخارجيا مثل إذاعة الكويت ومصر اللتان نصحني بمتابعتهما ولديه معلومات كثيرة في مختلف المجالات وبالذات الفن والرياضة والشعر وللحق فقد فتح لي أبواب العالم فتعرفت على تلك الإذاعات وأصبحت اتابعها وتزودت منها بالكثير من المعلومات فنا وشعرا وثقافة كان زميلي يشجع الاتحاد بينما أنا أهلاوي وكان هذا مدار صراع جميل بيننا لسنوات وخلال تلك الفترة جاء كاس العالم ٧٨م في الأرجنتين وكنت من عشاق منتخب السامبا البرازيل بينما هو يشجع منتخب المكائن ( ألمانيا الغربية ) وكان هذا أيضا مدار نقاشات كثيرة جمعتنا كما جاءت دورة الخليج الخامسة في العراق عام ١٣٩٩ هـ دورة ماجد عبدالله التي ظهر وأبدع فيها أصبحنا نجلس كثيرا مع بعض وأيام مباريات الأهلي والاتحاد نعدد تشكيلة الفريقين دابو الصغير وحامد صبحي والنجدة ونتوقع النتائج وأحيانا نتراهن واستمرت علاقتنا تزداد كل يوم وتنوعت خطوط الحوار بيننا فنا وشعرا ورياضة وفي الصف الأول ثانوي اذكر ذهبنا في رحلة إلى مزرعة في حاكمة أبوعريش وتصورنا مع بعض واحتفظ كل منا بصورة مشتركة وفي الأول ثانوي اكتشف كل منا أن الآخر يكتب كتابات خاصة وهي كتابات مشاعر عامة عن الحياة ونكتبها في نهاية دفاتر الواجبات !! وبدأنا نطلع على كتابات بعضنا وأذكر جيدا حينما جاء في أحد الأيام ومد لي بورقة لأقرأها وقال لي : لو يشوفها أحد غيرك ( العن كيفك ) !! فرحت كثيرا بالثقة التي خصني بها لأقرأ ما يكتبه وهو ما شجعني لأطلعه على ما اكتب ! لازلت أذكر بداية المكتوب في الورقة ( في لحظات الوداع تبكي العيون وتنزل الدموع …….ألخ كان كلاما حزينا لكنه جميل أعدت له الورقة وقلت له ليتني أعرف اكتب مثلك ! وسألته ودعت من ؟ قال : ولا واحد .. شفت مقطع في مسلسل وفيه وداع ودموع كتبت هذا الكلام ! الله الله تخيلوا كيف تتشكل المشاعر العاطفية بتفاعل الإنسان مع كل ما يحدث حوله أسعدني جدا لأني كنت مثله اتفاعل مع أي موقف في الواقع أو في مسلسل أو في مباراة وفي اليوم التالي جئت وسلمته ورقة كنت قد كتبت فيها مشاعر عامة في ليلة كانت غزيرة المطر وقلت له اقراها وبنفس شرطك قال : ماهو ؟ قلت : لو يشوفها غيرك ( العن كيفك ) ضحك ..وأخذها وقال : ابشر يابو حميد وكان يناديني دائما بهذا الاسم وأعادها لي بعد حصة وقد ذيلها بتعليق جميل قال فيه: (وتقولي ليتني أعرف اكتب مثلك والله انته تكتب أحسن مني) كان زميلي إنسان جميل الروح رقيق المشاعر صادق ومؤدب وخجول أيضا ثم بدأت مشاعرنا تنمو مع السن والدراسة والقراءة في مكتبة المعهد قراءة الصحف والكتب ومتابعة الاذاعات فأصبحنا نكتب عن المطر والفرح ..والحب ايضا !! واستمرت علاقتنا الجميلة وتبادل ما تكتبه حتى التخرج من المرحلة الثانوية بعد التخرج من الثانوية ذهبت أنا للرياض للدراسة بينما ذهب هو لأبها وبعد سنة عدت لأبها وأذكر تماما أني التقيته لأول مرة بعد غياب عند بوفيه أسفل السكن الجامعي اسمه بوفية السعادة ويعمل فيه أخ يمني اسمه يوسف ( أن لم تخني الذاكرة ) فكانت فرحتنا كبيرة جدا باللقاء وبقينا قرابة الساعة نتحدث بجانب البوفيه لكن انقطاع عام بيننا والدراسة الجامعية غيرت كثير من الأمور ففي السكن قلت لقاءاتنا وأصبحت عابرة بسبب ارتباط كل منا بمجموعة سكنا وخروجا رغم أننا نلتقي وننسق لكن الظروف لا تساعد وبعد التخرج كنا نلتقي لقاءات نادرة وعابرة نستعيد فيها الذكريات بسرعة ونتفق على ضرورة التنسيق للقاء ونفترق وتاخذنا مشاغل الحياة ثم التقينا عبر الفيس بوك فوجدته كما هو إنسان مرهف الحس رقيق المشاعر في منشوراته واختياراته بل اكتشفت أنه أصبح شاعرا ونشر شعره في كثير من الصحف في فترة غيابنا عن بعض ونجحت مشاغل الحياة في أخذ كل منا إلى طريق مختلف عن طريق الآخر لكنه بقي وسيبقى في القلب فمعه عشت بدايات أشياء ومشاعر كثيرة وجميلة والبدايات لاتنسى أبدا نعم سيبقى في القلب للأبد مصداقا للحكمة التي تقول ( هناك أناس يعيشون في قلوبنا للأبد .. رغم غيابهم التام عن حياتنا اليومية )
مشاركة :