خذلوك يا إيلان!! | عبدالله بن يحيى المعلمي

  • 9/14/2015
  • 00:00
  • 37
  • 0
  • 0
news-picture

ايلان طفل جميل مثل ابني أو ابنك، يرتدي قميصاً أحمر وبنطالا أسود وحذاء صغيرًا يحمي قدميه الناعمتين من تراب الأرض وأحجارها، وُلد ايلان قبل ثلاثة أعوام في بلد لم يكن يدرك أنها تحترق من حوله، لم يكن يُميِّز بين أزيز الرصاص وبين صوت صفارته التي يلعب بها، ولم يكن يُفرِّق بين فرقعة البراميل المتفجرة وبين الألعاب النارية، حمل ايلان براءته وطفولته ورحل عن بلاد لم يعرف فيها طعم الأمن ولا معنى اللعب في الحي، أو قيمة الدراسة في روضة الأطفال، رحل في قارب تتلاعب به الأمواج وتتقاذفه الرياح، رحل لا يدري إلى أين ولا كيف ومتى يصل، في البداية كان ايلان يظن أنه في نزهة بحرية، وبعد قليل وجد ايلان نفسه في عرض البحر يصارع الأمواج العاتية بيديه الرقيقتين، ويرفع رأسه فوق الماء لحظة ليلتقط أنفاسه، ويصيح ينادي أمه التي راحت بعيداً عنه وقلبها يحترق لا تطفئ لهيبه مياه الدنيا بأسرها، وفي لحظات استسلم ايلان لنداء رب رحيم أنهى معاناته في هذه الحياة الظالمة، وطفا على سطح البحر وسكنت الأمواج احتراما لعصفور من عصافير الجنة، ثم حملته بحنان إلى شاطئ مجهول وتركته على الرمال نائما مستريحا يعانق البحر الذي لم يرحم طفولته، وينتظر يدا حانية تحتضنه وتحمله إلى مستقر. خذلوك يا ايلان!! كل قوى العالم تكالبت عليك أيها الطفل الجميل البريء لتحرمك الحق في طفولتك وحياتك، خذلك من أشعل النار في بلادك وتعهد بأن يحكمها حتى وإن تحولت إلى ركام وحطام، وخذلك من امتنع عن نصرتك وحمايتك، وخذلك من زيّن لك الخروج إلى البحر في قارب مطاطي، وخذلك من لم يكن مرحبا بقدومك، وخذلك المسلمون الذي لم تشفع لديهم قرابتك ببطل الأمة صلاح الدين، وخذلك العالم الذي ظل يتفرج على مأساة بلادك ويتسلى بإحصاء أعداد الضحايا الذين يسقطون في كل يوم. كلهم خذلوك يا ايلان، ولكنك تركت لهم صورتك لتكون اكليل العار على رؤوسهم ووسام الخزي على صدورهم، وكأنى بك تطل عليهم من عليائك قائلا: أنقذوا بلادي أما أنا فلقد سامحتكم!. afcar2005@yahoo.com

مشاركة :