د. أيمن سمير يكتب: بايدن و”فخ ثيوسيديدس”

  • 3/14/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا مفر من الحرب بين الولايات المتحدة والصين إذا أرادت الأخيرة أن تصبح القوة الأولى في العالم، هذا ما قاله الجنرال الصيني الكبير شو كيليان عندما أكد أن بلاده عليها الاستعداد بقوة كبيرة وبخطى متسارعة لمواجهة “فخ ثيوسيديدس”. وشرح شو كيليان، الذي يحتل المرتبة الثانية في قيادة القوات المسلحة في البلاد بعد الرئيس الصيني، خطورة هذا الفخ بالقول: “في مواجهة فخ ثيوسيديدس والمشاكل الحدودية، يجب على الجيش زيادة قدرته بسرعة، ويجب أن نحقق اختراقات في أساليب القتال والقدرة، وأن نرسي أساسا سليما للتحديث العسكري”، فما هو “فخ ثيوسيديدس”؟.. وما حتمية الحرب بين الصين والولايات المتحدة؟.. وكيف سيكون موقف الدول الغربية والقوى الآسيوية من هذه المعادلة الجيوسياسية؟. فخ ثوسيديدس فكرة “فخ ثوسيديدس” تقوم على أن أي قوة عالمية لا تترك مكانها بسهولة لأي قوة صاعدة، وتكون الحرب هي فقط الفيصل بين القوة المهيمنة والقوة الصاعدة، بمعنى آخر أن الصين لا يمكن أن تكون قوة عالمية إلا من خلال دخول حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية والانتصار عليها، وثوسيديدس الذي عاش قبل الميلاد بـ 400 عام هو صاحب كتاب “تاريخ الحرب البلوبونيزية” الذي كتب فيه تاريخ الصراع والحروب بين أثينا وإسبرطة التي استمرت 26 عاماً، حيث كانت أثينا تزداد كل يوم قوة، بينما كان نجم إسبرطة آخذا في الأفول، وخلال الـ 500 عام الأخيرة حلت 16 قوة صاعدة محل 16 قوة أخرى كانت مهيمنة على العالم، حدثت خلالها 12 حربا، بينما تفادت الدولة الصاعدة الصراع مع الدولة المهيمنة في 4 حالات فقط، وهو ما يجعل سيناريو احتمال الحرب بين الولايات المتحدة والصين يزيد بنسبة ثلاثة أمثال صعود الصين لهرم القيادة العالمية دون حرب، ناهيك عن مجموعة من الأسباب الأخرى التي تدفع بالطرفين نحو الحرب “فخ ثيوسيديدس”.. ومنها: أولاً: زيادة الشعور القومي لدى الولايات المتحدة والصين، فمن يراجع السياسات الصينية خلال العقدين الأخيرين سيتأكد له ارتفاع “النبرة القومية” في جميع المجالات السياسية والاقتصادية وحتى التكنولوجية، ويعتمد النظام السياسي والحزب الشيوعي الصيني الذي يضم أكثر من 95 مليون عضو على “الأبعاد القومية” باعتبارها “الرافعة السياسية” التي تساعد النظام في توحيد الجهد الوطني على المستوى المحلي، وفي نفس الوقت ضمان التفاف الشعب على الأجندة الخارجية خاصة ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ويفاقم من هذا التوجه القومي لدى الصين عودة التيار المؤمن “بأمريكا أولاً” إلى الولايات المتحدة، ورغم أن هذا الشعار كان عنوان حقبة ترامب إلا أن رؤية الحزب الديمقراطي ترى أن أمريكا ستظل القوة الأولى عالمياً، وما يجري من خطوات أمريكية والحديث اليومي عن عودة أمريكا للعالم، وخطة بايدن لحرمان الصين من بيع اللقاح الصيني إلى الدولة الآسيوية يأتي في هذا السياق، وربما الأجندة الوحيدة المتفق عليها بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري تتعلق بمواجهة الصين، والخلاف الوحيد بينهما هو في الأدوات وليس في الأهداف، ففي الوقت الذي حاول الرئيس أوباما محاصرة الصين تجارياً عن طريق اتفاقية “التجارة عبر المحيط  الهادي” قام ترامب بإلغاء هذه الاتفاقية وتعزيز المصانع الداخلية، وكان الهدف واحداً هو مواجهة الصين ومنع صعودها لقمة القيادة العالمية. ثانياً:عززت جائحة كورونا من احتمالية الحرب والاحتكاك بين الصين والولايات المتحدة، حيث تستعد واشنطن لتأسيس “تحالف القيم” الذي يضم الدول التي تتفق مع الأجندة الأمريكية، وهي دول أوربا الغربية وكندا واليابان واستراليا ونيوزيلاند وبعض الدول في جنوب شرق آسيا لمحاصرة الصين اقتصاديا وتكنولوجياً، وما زال في الولايات المتحدة حتى بين الديمقراطيين من يؤمن بأن الصين وراء فيروس كورونا، بينما تعمل الصين على مدار الساعة من أجل تسريع وتيرة صعودها إلى قمة العالم في المجالات الأربعة الرئيسية وهي القطاعات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية، ويصر الرئيس بايدن على أن أمريكا ستقود العالم خلال القرن الحالي “الأمريكي”. ثالثا:انطلاق سباق تسلح جديد بين الصين وروسيا من جانب والولايات المتحدة وحلفائها من جانب آخر، فبريطانيا قالت علناً إنها ستزيد عدد الرؤوس النووية لديها من 185 رأسا نوويا في الوقت الحالي إلى عدد أكبر لم يحدد بعد، والسبب الوحيد هو زيادة عدد الرؤوس النووية الصينية إلى آلاف الرؤوس النووية حسب الاعتقاد الغربي عامة والأمريكي خاصة، بالإضافة إلى الفشل في التوصل لاتفاقية جديدة لمنع نشر وإنتاج الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى في أوربا، ونشر الولايات المتحدة لهذه الصواريخ في آسيا بعد رفض الصين الانضمام لاتفاقية “أي إن إف” التي وقعها كل من الإتحاد السوفيتي والولايات المتحدة عام 1987، وانسحاب واشنطن وموسكو منها في أغسطس عام 2019. رابعا:سعى الرئيس جوزيف بايدن إلى تشكيل ما أسماه “بتحالف القيم” وهي كل الدول التي تتقاسم مع الولايات المتحدة الحكم الديمقراطي مثل دول أوربا الغربية واليابان واستراليا وكندا للوقوف ضد الصين ومنع صعودها لأعلى سلم القيادة العالمية.

مشاركة :