اللغة والتكوين المهني أهم عوائق اندماج اللاجئين في المجتمع الألماني

  • 9/14/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

«من يعتقد أن كل سوري دخل إلى ألمانيا سيُقبل فيها ويمنح حق اللجوء السياسي ويحصل على عمل فورا يكون مخطئًا»، هذا ما جاء في بيان توضيحي لوزارة الخارجية الألمانية عن سياسة اللجوء المعتمدة في البلاد. وشدد البيان على أن ما يروج له مهربو البشر، الذي يفيد بأن ألمانيا سوف تقبل بكل السوريين القادمين إليها ليس صحيحا، موضّحا أن السلطات ما زالت متمسكة ببنود اتقاقية «دبلن» سارية المفعول في كل بلدان الاتحاد الأوروبي رغم صعوبات تنفيذها كاملة حتى اليوم. كما حذر البيان من تصديق المهربين الذين لا يروجون سوى معلومات تخدم مصالحهم، كتلك التي تؤكد أنه يحق للاجئين اختيار ألمانيا والبقاء فيها بشكل دائم، فاللاجئ لا يملك قرار اختيار البلد الذي سيعيش فيه، «ومن لا يحترم هذا القرار فسوف يواجه مشكلات مستقبلا، منها التسفير إلى البلد الذي أتى منه»، وفق ما جاء في البيان. وعن تصريح وزير الداخلية، توماس دي ميزير، عن نية ألمانيا استقبال 800 ألف لاجئ، أوضح البيان أن هذا الرقم مجرد تقدير إحصائي لعدد اللاجئين إلى ألمانيا هذا العام، لكنه من المتوقع عدم منح اللجوء للكثيرين منهم، ويجب عليهم مغادرة ألمانيا فيما بعد. كما كذب البيان أنباء إرسال ألمانيا سفنا إلى البحر المتوسط وقطارات لنقل لاجئين من بلدان أوروبية أو دول مجاورة لسوريا، كما أكد أن ألمانيا لا تفكر في إصدار قرار لجمع شمل أفراد العائلة من الدرجة الأولى. أما عن إشاعات توفير مسكن وعمل لكل من يدخل ألمانيا فهي معلومات غير صحيحة، إذ إن قدرة استيعاب مراكز الإيواء محدودة وعلى اللاجئين الإقامة حاليا في خيام أو صالات كبيرة. ويُشار إلى أن البيان لم يذكر إجراءات ضمان تأهيل اللاجئين مهنيا، خصوصا السوريين منهم، فرغم المبادرات الخاصة لتقديم العون لهم لم تعلن أي مؤسسة عن استعدادها لذلك. وفي بادرة غير مسبوقة، أصدرت صحيفتا «بيلد» و«برلينز تسايتونغ» الألمانيتان يوم الأربعاء الماضي ملحقا باللغة العربية موجها إلى اللاجئين السوريين في ولايتي برلين وبراندنبورغ يتضمن معلومات تتعلق بمراكز المساعدات وطرق الوصول إليها. إضافة إلى دليل لغوي صغير، كما وزعت نسخ الملحق على مراكز اللاجئين وتجمعاتهم دون أن تدلّ على مراكز عمل أو فرص للتشغيل لدى شركات تريد توظيف لاجئين سياسيين، كما أكدت تصريحات بعض السياسيين الذي يتحدثون عن ضرورة الإسراع في تشغيلهم ودمجهم في المجتمع الألماني. وفي حين أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل طالبت بتسريع تشغيل اللاجئين السوريين بالأخص، وأعلنت عن تخصيص مساعدات في موازنة عام 2016 تصل إلى 3 مليارات يورو، فإنها لم تتطرق إلى كيفية توفير هذه المبالغ الضخمة. علاوة على ذلك، فإن كل ما صرح به بشأن تأهيل اللاجئين لم يقره البرلمان الألماني حتى الآن. ومن أهم التصريحات بهذا الصدد، إعلان وزيرة العمل الألمانية عزمها تخصيص مبلغ يتجاوز المليار يورو لدمج اللاجئين بسرعة في سوق العمل. بدورها، ذكرت وزيرة التعليم الألمانية أنه ووفقا للأعداد الحالية، فإن عمر ثلث طالبي اللجوء في ألمانيا يقل عن 18 عاما، وتتراوح أعمار ربعهم بين 18 و25 عامًا، مشيرة إلى أهمية إتاحة فرصة التعليم والعمل لهم، بشرط أن يكون بإمكانهم تحدث اللغة الألمانية وأن يكونوا قد تلقوا تعليما مدرسيا وتأهيلا جيدين. ومن جانبه، أفاد زوكيه فوك مدير المكتب الاتحادي للعمل في برلين، في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأنه «عندما يحصل لاجئ سياسي على إقامة قانونية، يستطيع العمل في أي قطاع، لكن ما اتّضح حتى الآن هو أن نسبة ضئيلة جدا منهم تتقن لغة أجنبية، لأنها لا تدخل في المنهاج المدرسي، لذا فإن قلة إتقان لغة أخرى تسبب مشكلات في العمل من الصعب تجاوزها». ويضيف: «طبعا، تبقى أنجع طرق الإدماج هي الانخراط في العمل، إلا أن ذلك يفشل في أغلب الأحيان بسبب جهلهم للغة.. خاصة أنه ليس لدى الشركات أو المصانع استعداد لتعيين مترجمين». وأوضح فوك أن ذلك ينطبق على اللاجئين ذوي التخصص العالي أو المؤهلات العالية كذلك، إذ إن الكثير من الشركات الألمانية تعتبر اللغة الألمانية أو الإنجليزية شرطا للتوظيف. وضرب المثل بطبيب سوري تشير شهاداته إلى أنه كان جيدا في عمله، إلا أنه بسبب اللغة ما زال يبحث عن فرصة عمل حتى اليوم. وتحاول عدة ولايات التغلب على هذه الصعوبات بإلحاق السوريين بدورات لغة سريعة، فمنذ عام ونصف العام، وضعت حكومة هامبورغ برنامج تأهيل لغوي والتحق به حتى اليوم 2000 طالب لجوء، من بينهم نسبة لا بأس بها من السوريين. ولا تشكل اللغة العائق الوحيد، فإن التأهيل المهني الذي يتم عادة في ألمانيا بعد التأهيل أو خلاله يشكل تحديا من نوع آخر. فالنجار أو الحداد مثلا يتأهل في معاهد خاصة قبل أن يمر بفترة تدريب، مما يجعل مستوى العامل الألماني أو الأوروبي الغربي أعلى منه في البلدان النامية. وبالتالي، فإن اللاجئ يحتاج أولا إلى دراسة اللغة ألمانية من خلال برنامج دراسي يستغرق 300 ساعة، ثم إلى تحسين مستواه المهني من خلال برنامج يدوم 600 ساعة أخرى على الأقل. وفي هذا السياق، قال لاجئ سوري، أطلق على نفسه اسم علوان صدقي، إنه غير سعيد لأنه لم يتمكن حتى الآن من العثور على عمل، وقد يكون السبب في ذلك أنه كان موظفا في وزارة الصحة في دمشق وعمره تجاوز الـ40 ويتلقى الآن مع عائلته المكونة من وولدين وزوجة 1800 يورو يدفع منها بدل إيجار السكن 700 يورو والباقي مصاريف منزلية. أما عمار شافعي، فهو سوري من حلب هرب عبر البحر عن طريق تركيا ثم اليونان، وقبل أن يصل إلى برلين عام 2013 وهو ينتظر اليوم فرصة تأهيل لأنه كان يعمل في محل تجاري كبير، ويتمنى لو أتيحت له الفرصة للتأهيل في مجال التجارة. ومن جانبه، قال طلعت، وهو شاب رحل من دير الزير حيث اشتغل لسنوات طويلة في قطاع البناء، إنه لم يحصل على إذن عمل حتى الآن، مع أنه أتى إلى ألمانيا عام 2012. ويضيف: «القوانين لا تسمح بالعمل إلا لمن يحمل شهادة تأهيل، وأنا لا أحملها». ولا توجد حتى الآن بيانات دقيقة عن عدد السوريين في ألمانيا، لأن نسبة كبيرة لم تُسجل بعد. لكن بيانات المكتب الاتحادي تفيد بأن عددهم تجاوز الـ40 ألفًا، 71 في المائة منهم ذكور و29 في المائة نساء. وفي النصف الأول من العام الحالي، شكلت نسبة السورين أكثر من 20 في المائة من إجمالي اللاجئين القادمين، أي نحو 33 ألفًا من أصل 160 ألفًا. كما ذكر المكتب أن 15 في المائة من مجموع طالبي اللجوء السوريين لعام 2014 هم من الجامعيين، فيما بلغت نسبة الحاصلين على شهادة ثانوية 35 في المائة.

مشاركة :