في أعراف الأحزاب الحاكمة، هناك دوائر قوية ومتينة تلتف حول القائد وتصبح هي صاحبة القرار الأول لا يمكن تجاوزها، ولا يمكن القفز عنها. وفي منظمة التحرير التي قادت الشعب الفلسطيني نحو سبعين عاما، هناك صورة واضحة لمستويات القرار تتدفق تلقائيا لتنتج كل مرة ممثلين عنها للقيادة. الأمراء… وهم المؤسسون، وقادة التنظيمات وعلى رأسها تنظيم فتح في العالم وفي سجون الاحتلال. وهؤلاء هم الورثة الشرعيون للمنظمة ولا يمكن الاستغناء عنهم، حتى لو أراد البعض ذلك. فهم الغطاء الشرعي والقانوني للمنظمة ولا يمكن تجاوزهم. سواء رغبوا في الحكم أو لم يرغبوا. ومعهم المحاربين القدامى وفرسان فتح في كل معاركها. الخلفاء.. وهم الذين يرون في أنفسهم خلفاء للحكم بدافع المنصب آو الاتفاق أو ممثلين عن تيارات داخل الحركة (الجنرالات الأقوياء – أصحاب النفوذ – الجنرالات العسكريين – أعضاء اللجنة المركزية الحاليين أو السابقين – رؤساء الوزراء – أعضاء اللجنة التنفيذية). ويعتمد هؤلاء على الترشيح التلقائي لأنفسهم، كونهم لا يزالون في موقع القرار المالي، والأمني، والسياسي والتنظيمي. الخلعاء.. من بينهم قادة كبار وعمالقة في العمل، ولكنهم ابتعدوا لسبب ما عن دوائر القرار، أو تم استبعادهم على يد التيار الحاكم في مرحلة ما. والمنظمة وحركة فتح ربما هي الوحيدة من بين حركات التحرر في العالم لم تمارس ” اللعنة الأبدية “. وأحيانا تعيد إنتاج القيادات بحسب الظروف الدولية والإقليمية والمحلية. وأبو مازن نفسه ابتعد لفترة بعد أن استقال من رئاسة الوزراء. ، ولكن عرفات عاد واستقربه في آخر أيامه وحصل على إجماع من قيادة فتح ليتولى منصب الرئاسة لمنظمة التحرير وللسلطة . ” والخلعاء” ليسوا الطرف ألأضعف. و” الخلعاء” ليسوا فقط من صفوف القيادة العليا وإنما هناك جيوش من المستنكفين والمجمّدين والغاضبين والمطرودين والمهاجرين والذين أبعدوا أنفسهم وربما الذين يعودون عند مؤتمر ليعيدوا إنتاج أنفسهم. ومن وجهة نظري أن منظمة التحرير وعلى رأسها حركة فتح لا تزال هي السهل الممتنع. وقد يعتقد المستشرقون أحيانا، أنها حركة مستباحة يدخلها من يشاء ويخرج منها كيفما يشاء. ثم يتضح لاحقا أن المنظمة لا يمكن أن تتخذ قراراتها إلا من داخل تنظيماتها ومن داخل مؤسساتها.
مشاركة :