أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، أن النجاح يُصنع ولا يُمنح والإمارات دولة لا تعرف المستحيل ولا يوجد سقف لطموحاتها وأحلامها مشيراً إلى أن إنجازات الدولة، خلال الخمسين عاماً الماضية دليل على أننا قيادة وشعباً نستطيع تحويل الأحلام إلى واقع مزدهر. جاء ذلك خلال مشاركة سموه في حلقة نقاشية في انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل»، وذلك تحت شعار «واقع جديد، آفاق جديدة» بمشاركة نخبة من كبار القادة وصناع القرار من مختلف دول العالم ومجموعة بارزة من الخبراء في مختلف المجالات، بالإضافة إلى أكثر من 13 ألف شاب وشابة من مختلف أنحاء دولة الإمارات والعالم. وأكد سموه، أن مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل هو تجسيد لنموذج التحديث والتطوير في دولة الإمارات، ويجمع الشباب من الجيل الجديد بالجيل القديم من القادة والمتخصصين الذين يحملون الخبرات والمعرفة لنقلها للأجيال القادمة. وأشاد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بدور الشباب في نهضة الإمارات منذ قيام الدولة على يد الآباء المؤسسين، معرباً عن تفاؤله بمستقبل باهر لدولة الإمارات بفضل تعاون، وتآزر الشباب في العمل على مختلف القضايا الشبابية والوطنية وخلقهم نموذجاً لتعايش وانسجام مجتمع الإمارات. وقال سموه: «لقد شهدت الإمارات العديد من التحديات منذ قيام الدولة تختلف جذرياً عن التحديات الحالية، حيث كانت التحديات أصعب والإمكانات أضعف، ولكن كانت هناك رؤية حكيمة لقيادة دولة الإمارات بجانب عزيمة، وإصرار الكوادر الوطنية والشبابية في هذا الوقت على تحدي الصعاب وقهر المستحيل.. وبفضل جهودهم، أصبحت دولة الإمارات على ما عليه اليوم من تقدم وتطور وازدهار في ظل قيادتها الرشيدة.. وإن الأمل اليوم معقود على الشباب الذين تتوفر لهم كافة الإمكانات لصنع غد أفضل». وأضاف سموه: «إن توافر كافة سبل النجاح في الإمارات يضع الشباب تحت مسؤولية تحقيق أضعاف الإنجازات التي حققها الشباب في الماضي في ظل ضعف الإمكانات.. ونحن على ثقة بقدرة الشباب على مواجهة هذا التحدي، وجعل دولة الإمارات أفضل خلال الخمسين عاماً القادمة». وتابع سموه: «إن طريق النجاح ليس له نهاية والتوقف معناه الفشل، ولابد للشباب أن يدركوا أن التعلم مدى الحياة هو نهج الإمارات التي لا تتوقف أبداً عن صنع المزيد من الإنجازات على كافة المستويات من أجل مضاعفة خطواتها نحو التنمية الشاملة». وأشار سموه إلى أن «الإمارات لديها منظومة متقدمة لإدارة الطاقة والمحافظة على البيئة مستشهداً بحكمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حينما أمر بضرورة إيجاد حلول لاحتراق الغاز المصاحب لإنتاج النفط في السبعينيات من القرن الماضي، وهو ما يعكس حرص الإمارات منذ عقود على تطبيق أعلى معاير كفاءة الطاقة والاستدامة». وفي هذا الصدد، قال سموه «تلعب دولة الإمارات دوراً حيوياً ومؤثراً في الحوار العالمي للحفاظ على البيئة والتغير المناخي، وتواجه الإمارات تحديات للاستدامة تتجسد في كيفية المحافظة على تطبيق أعلى معايير الاستدامة في ظل استمرار إنتاج النفط لعقود مقبلة، وتعمل الدولة من الآن على الرغم من توافر مصادر الطاقة التقليدية على تنويع مصادرها من الطاقة النظيفة والمتجددة والتي كان آخر إنجازاتها بدء تشغيل محطة براكة للطاقة النووية، بالإضافة إلى الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتطوير تقنياتها». وأضاف سموه: «شهد العالم بعض التراجع في الالتزام بتوجه الطاقة المتجددة والمستدامة، ولكن الإمارات تسير بشكل واضح لتعزيز الاستدامة من خلال مساهمتها في تطوير تكنولوجيا الطاقة النظيفة والمتجددة، وتنفيذ مشروعات لها جدوى اقتصادية واضحة، ونحن نعمل مع مختلف الأطراف الدولية المعنية في هذا الصدد، مثل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) التي تتخذ من الإمارات مقراً لها، حيث تشارك الإمارات أيضاً في تطوير قدرات الطاقة المتجددة لبعض البلدان في العالم». وتطرق سموه إلى ضرورة رفع وعي الشباب والمجتمع في الإمارات تجاه «الأمراض النفسية» التي يجب التعامل معها كغيرها من الأمراض العضوية، مشيراً إلى أهمية وجود المزيد من الدراسات حول سبل علاج الأمراض النفسية والبحث في أسبابها سواء اجتماعية أو بيئية أو جينية، والعمل على حلها. وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن الإمارات تلعب دوراً مهماً على محورين مهمين وهما العلم والثقافة، مبيناً إنهما مرتبطان ببعضهما ببعض، حيث إن الارتباط بالثقافة والهوية يعزز قدرة الأفراد على التنوع الفكري والعلمي والثقافي، مبيناً أنه لا يمكن معالجة القضايا العلمية، مثل الذكاء الاصطناعي في معزل عن القضايا الفكرية. وقال سموه: «ينبغي على كل مواطن إماراتي أن يعتز ويفخر بالموروثات المتراكمة والمتنوعة في الدولة بكل عناصرها اللغوية والثقافية والدينية والعادات والتقاليد، فموروثنا الثقافي والعلمي في دولة الإمارات لا يقف عقبة أمام انفتاحنا أمام العالم، كما أن هذا الانفتاح لا يقف عقبة أيضاً أمام تجذر موروثنا وتاريخنا وهويتنا». وفي كلمة خاصة وجهها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى الشباب، قال: «إن الأساس الراسخ الذي قامت عليه دولة الإمارات سيظل القوة الدافعة لكل جهود الدولة التي تضع على رأس أولوياتها تمكين الشباب من خلال الاهتمام بالتعليم وتطوير المجتمع، ودفع عجلة النمو الاقتصادي الآن، وفي المستقبل». وأضاف سموه: «حينما بنى الآباء المؤسسون هذا الوطن وضعوا منظومة قيم إنسانية وحضارية ارتكزت على مبدأ الاتحاد والمشاركة والاستثمار في المستقبل بكل الأدوات كالتعليم، والبحث العلمي، وتطوير البنية التحتية العصرية، وإرساء مبادئ القانون والعدالة والمساواة، وغيرها من القيم التي أصبحت اليوم نوراً يضيء مسيرتنا الوطنية نحو المستقبل، وينبغي على الشباب وضع تلك المبادي أمامهم، بينما يسيرون نحو المستقبل في دولة الإمارات». وتابع سموه: «إن رؤية الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تظل حية في نفوس كل أبناء الوطن، حيث لا يزال يتردد صداها في وجدانهم وتدفعهم للمضي قدماً لتعزيز الاتحاد والتنمية، والإعلاء من قيم التسامح.. إن قيم زايد النبيلة هي ما نحتاج إلى غرسه في الأجيال القادمة من أجل دعم جهودهم ومسيرتهم وسط عالم مليء بالمتغيرات والتحديات التي أصبحت الآن فرصة لنا للتعلم وتبادل المعرفة والمشاركة». وأشار سموه إلى أن التنوع والمشاركة من أهم القيم التي تفخر بها دولة الإمارات والتي استطاعت من خلالها أن تتميز وسط المجتمع العالمي، بل واستطاعت من خلالها تحقيق العديد من الإنجازات التي كان آخرها إطلاق مسبار الأمل وتشغيل الوحدة الأولى في محطة براكة للطاقة النووية، وغيرها من الإنجازات العلمية والحضارية التي أصبحت علامات مميزة في تاريخ الأمة. وقال سموه: «إن الإمارات دولة لا تعرف المستحيل، ولا يوجد سقف لطموحاتها وأحلامها، وإن إنجازات الإمارات خلال الخمسين عاماً الماضية دليلاً على أننا قيادة وشعباً نستطيع تحويل الأحلام إلى واقع مزدهر، ومن هذا المبدأ، فإن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات تدرك أنها قادرة على تحقيق كل أهدافها وطموحاتها من خلال الاستعداد للخمسين، وتدرك أن أولى خطوات النجاح هو التخطيط الواقعي والدقيق، وضمان مشاركة كل أفراد المجتمع لتحقيق الأهداف كافة». وأضاف سموه: «يزخر تاريخ الإمارات بالعديد من المواقف التي تؤكد على حسن وحكمة إدارتها للأزمات، وتعد أزمة (كوفيد - 19) شاهدة على ذلك، حيث استطاعت القيادة الرشيدة إدارة هذه الأزمة على مرأى ومسمع العالم باقتدار، كما عكست جهود الدولة - التي تلخصت وبرز معناها وجوهرها في كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة (لا تشلون هم)- إن الإنسان يأتي في مقدمة أولويات دولة الإمارات، ولقد تعلمنا في مدرسة زايد أن الاستثمار في الإنسان هو أغلى استثمار في الوطن، فبإعلاء قيمة الإنسان نعلي من قيمة الوطن لأن الإنسان هو مرآة وطنه ومجتمعه وقيمه، لتبقى دولة الإمارات وطناً للتسامح والتعايش والخير والعطاء». واستعرض سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان تأثيرات جائحة «كوفيد - 19» على الإمارات والعالم، مؤكداً أن تداعيات وتأثيرات الأزمة كانت كبيرة وغير متوقعة لدرجة قاربت حجم تأثيرات حرب عالمية، حيث أجبرت العديد من الدول على إعادة حساباتها الاقتصادية. وفي هذا الصدد، قال سموه: «قليلة هي الدول التي تمكنت من صد هذا الوباء، وأن تمضي في تنفيذ برامجها وخططها، ولقد كانت الإمارات أحد تلك الدول، وذلك بفضل امتلاكها الخطط البديلة، وعملها الاستباقي على رفع جاهزيتها أمام المتغيرات كافة». وأضاف سموه: «إن مشاركة الشباب والأجيال الحالية المعرفة وامتلاك العزيمة والإصرار للتطور والاعتماد على خبرات الأجيال السابقة هو قيمة مجتمعية وثقافة عملية في دولة الإمارات من أجل إيجاد حلول لكافة تحدياتنا بتعاقب الأجيال، ويقع على الشباب مسؤولية الاستثمار في أنفسهم من خلال الموارد المعرفية التي أصبحت متوافرة أكثر من أي وقت مضى، بالإضافة إلى ضرورة خوض المجالات المهنية الجديدة التي تواكب الثورة الصناعية الرابعة، وتساهم في صناعة المستقبل، كما أن على الشباب مسؤولية تقديم الجديد من خلال إيجاد حلول غير تقليدية لمختلف التحديات، والإتيان بأفكار مبتكرة من شأنها خلق فرص جديدة لهم ولوطنهم». وتطرق سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى ضرورة العمل على تأهيل الأطفال، مشيراً إلى أنه ينبغي تربية الأطفال على الإصرار والشغف كركيزة لتعليمهم من أجل تشجيعهم على استثمار كل طاقاتهم لتحقيق أهدافهم، وذلك من أجل تنمية روح العزيمة في نفوسهم وعدم الاستسلام للواقع. وقال سموه: «نهدف إلى بناء إنسان قادر على تقديم 10 أضعاف الجهد المنتظر منه، وإن هذا النموذج هو ثقافة عمل لا تعرف المستحيل وتقود الناس والدول إلى تحقيق النجاح المستمر وعدم التعثر أو الفشل أمام أية متغيرات أو أزمات». وأكد سموه أن الإمارات تدعم تجارب الشباب، وتساهم في إنجاحها وتقويمها من أجل خلق قادة وعلماء وخبراء متميزين، يؤمنون أن تحقيق النجاح يقوم على التجارب والتعلم من الأخطاء، ومن ثم تحقيق التميز والريادة على الصعد كافة. وقال سموه: «إن النجاح يُصنع ولا يُمنح، والنجاح في عالم اليوم لم يعد سهلاً، بل يحتاج إلى فكر استباقي ورؤية مستقبلية واضحة وتخيط دقيق لأن المنافسة كبيرة والتحديات أكبر، ووحدهم الذين يبذلون مجهود بحجم 10 أضعاف المتوسط، هم من سوف يصنعون المستحيل، ويكون لهم مكان في المستقبل». واختتم سموه حديثه قائلاً: «الإمارات وطن لا يرضى إلا بالمراكز الأولى... وتمتد مساهماته من سماء المريخ إلى مساعدة الدول المنكوبة حول العالم.. الإمارات وطن ظل يحقق النمو والصعود طيلة الخمسين عام الماضية رغم كل مشكلات العالم.. إن ما وصلت إليه دولة الإمارات لم يكن أبداً مصادفة، بل إن من يخدمون هذا الوطن بذلوا ويبذلون عشرات الأضعاف من الجهد. فيا شباب الوطن.. هذه فرصتكم لتكملوا المسيرة، وتبنوا فوق هذه الإنجازات صروحاً من النجاح.. بكم ستكبر دولة الإمارات، ويعلوا شأنها أكثر في الخمسين عاماً القادمة وما بعدها».
مشاركة :