طهران - عادت إيران لتنشيط ورقة مزدوجي الجنسية المعتقلين لديها للمساومة على إطلاق سراح سجناء إيرانيين في الخارج وللضغط على دول أوروبية في الوقت الذي علق فيه ملفها النووي في مربع الشدّ والجذب والاشتراطات المتبادلة مع الولايات المتحدة التي فتحت الباب لوساطة أوروبية لإجراء محادثات غير مباشرة مع طهران. وفي أحدث فصول الابتزاز والمناورة بورقة مزدوجي الجنسية، كشف محام إيراني الاثنين أن الفرنسي الذي أكدت باريس الشهر الماضي أنه موقوف في إيران منذ مايو/ايار 2020، اسمه بنجامان بريير ومثل أمام المحكمة حيث يلاحق بتهمة "التجسس". وأورد المحامي سعيد دهقان في تغريدة عبر تويتر، أن الموقوف يلاحق بتهمتي "التجسس" و"الدعاية ضد النظام (السياسي في الجمهورية الإسلامية" وهي التهم ذاتها التي تواجها الناشطة البريطانية من أصل إيراني نازنين زاغري-راتكليف والتي أفرج عنها مؤخرا ثم أعيد استدعاؤها بتهمة التآمر والدعاية ضدّ النظام وهي تهم يقول حقوقيون إنها كيدية المراد منها التنكيل بـ"المتهمة" وتمديد حبسها حتى انتزاع مكاسب سياسية وأيضا مساومة حكومة بريطانيا على أموال ضخمة مجمدة تعود لصفقة سلاح أبرمها شاه إيران ولم تحصل عليها الجمهورية الإسلامية بعد إطاحة ثورة الخميني بنظام الشاه. ودهقان هو محامي الباحثة الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه التي أوقفت في طهران منتصف 2019 وحكم عليها بالسجن خمسة أعوام لإدانتها بـ"التواطؤ للمساس بالأمن القومي" و"نشر الدعاية الكاذبة". وخرجت عادلخاه من السجن في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي وهي قيد الإقامة الجبرية في طهران ومزودة بسوار رقابة الكتروني. وأرفق دهقان ما نشره على تويتر بصورة تظهر شابا ذا لحية خفيفة وفي الخلفية سلسلة جبلية قاحلة مشابهة لسلاسل تعرف بها إيران وأخرى لشاب يرجح أن يكون نفسه، يقفز على مقربة من عربة تخييم. وأوضح "مرافعة الدفاع عن بنجامان بريير بتهمتي التجسس والدعاية ضد النظام جرت"، مشيرا إلى أن "تهمة التجسس (هي بسبب) صور لمناطق محظورة (التقطها) هذا السائح الفرنسي" وتهمة الدعاية تعود إلى "طرحه سؤالا (عبر مواقع التواصل الاجتماعي) لمعرفة لماذا الحجاب هو إلزامي في الجمهورية الإسلامية، فيما أنه اختياري في دول مسلمة أخرى". وكانت وزارة الخارجية الفرنسية أكدت في 24 فبراير/شباط توقيف فرنسي في إيران، على إثر تقرير لمجلة "لو بوان" الفرنسية أفاد بأنه أوقف في مايو/ايار 2020 من دون توضيح الأسباب. وكان دهقان أورد حينها عبر تويتر أيضا، نبأ توقيف شخص فرنسي، كاشفا عن اسمه الأول فقط ومشيرا إلى أنه يواجه "اتهامات متناقضة وخاطئة". ووفق "لو بوان"، يبلغ بريير من العمر 35 عاما وأوقفته قوات الأمن في منطقة صحرواية قرب الحدود مع تركمانستان. وسبق لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية أن أوردت في تقرير سابق نبأ توقيف فرنسي في إيران في "منطقة صحراوية أثناء تشغيله طائرة مسيرة صغيرة"، من دون كشف تفاصيل بشأن هويته. ووفق معلومات "لو بوان"، كان بريير يجول في إيران ويتنقل في أرجائها على متن حافلة صغيرة. وأفادت المجلة في أواخر فبراير/شباط أن الشاب الفرنسي موقوف في سجن وكيل آباد في مدينة مشهد بشمال شرق البلاد. وكانت الخارجية الفرنسية أكدت لدى كشف التوقيف، أن دوائرها في باريس وطهران "تتابع باهتمام مسألة مواطننا" وأنه "يحظى بالحماية القنصلية". وتتيح الحماية القنصلية التحقق من ظروف حبس أي فرنسي موقوف في الخارج ووضعه الصحي وحصوله على محام. وبعد انسحاب الولايات المتحدة بشكل أحادي من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني في عام 2018 وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، سجل تزايد في حالات توقيف الأجانب في إيران، خصوصا حملة الجنسيات المزدوجة والذين غالبا ما توجه إليهم اتهامات بالتجسس أو تهديد الأمن القومي. وفي الأشهر الماضية، أفرجت السلطات الإيرانية عن بعض الموقوفين في خطوات تزامنت مع إطلاق سراح إيرانيين موقوفين في دول أجنبية، كان من بينهم من يمضون أحكاما بالسجن أو ينتظرون إجراءات محاكمة أو مطلوب تسلمهم من قبل الولايات المتحدة. وأفرجت طهران في مارس/اذار 2020، عن رولان مارشال الباحث الفرنسي وشريك عادلخاه الذي أوقف معها وذلك إثر إطلاق باريس الإيراني جلال روح الله نجاد الذي كان يواجه احتمال تسليمه إلى واشنطن لاتهامه بتهريب مواد تكنولوجية إلى إيران تشكل خرقا للعقوبات الأميركية. ويرى محللون أن مصير بريير وعادلخاه قد يرتبط في نهاية المطاف بقضية الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي الذي حكم عليه القضاء البلجيكي في فبراير/شباط الماضي، بالسجن 20 عاما لإدانته بالضلوع في مخطط لاستهداف تجمع لمعارضين إيرانيين قرب باريس عام 2018. وأفاد القضاء البلجيكي في الثامن من مارس/اذار بأن أسدي استأنف الحكم الصادر بحقه. ويأتي كشف التهم الموجهة إلى بريير، غداة مثول الإيرانية البريطانية نازنين زاغري-راتكليف مجددا أمام المحكمة بتهمة "الدعاية" ضد الجمهورية الإسلامية بعد أسبوع من انقضاء فترة محكوميتها بالسجن خمسة أعوام لإدانتها بـ"التآمر". ونفت زاغري-راتكليف البالغة من العمر 42 عاما، هذه التهمة التي وجهت إليها بعد توقيفها في أبريل/نيسان 2016 في مطار طهران وهي في طريق العودة إلى بريطانيا بعد زيارة عائلية. ودعت طهران لندن الاثنين إلى عدم "تسييس" قضية زاغري-راتكليف التي مثلت أمام المحكمة في الجمهورية الإسلامية الأحد لمواجهة تهمة جديدة، بعدما أنهت فترة سجن لخمسة أعوام في قضية أخرى. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في مؤتمر صحافي الاثنين إن قضية زاغري-راتكليف هي "مسألة قضائية شفافة". وأضاف "الطريقة الفضلى للمساعدة في حل ملفات كهذه هو تفادي تسييسها"، متابعا "أنصح الحكومة البريطانية التي اتبعت ذات مرة مسار تسييس القضية بالسماح لأن يأخذ الإجراء القانوني والقضائي مجراه". وتلاحق زاغري-راتكليف بتهمة "الدعاية ضد النظام (السياسي في الجمهورية الإسلامية)"، على خلفية مشاركتها في تجمع خارج السفارة الإيرانية في لندن عام 2019، وفق ما أفاد محاميها. وأوضح المحامي حجت كرماني أن موكلته التي أوقفت في إيران عام 2016، مثلت الأحد أمام محكمة في طهران وتنتظر حاليا الحكم بحقها في هذه القضية. واعتبرت لندن التي سبق لها مطالبة إيران بالسماح لمواطنتها بمغادرة البلاد بعد انتهاء فترة محكومتيها، أن المحاكمة الجديدة "تعسفية". وكتب وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب على تويتر "من غير المقبول أن تكون إيران اختارت مواصلة محاكمة ثانية تعد تعسفية في حق نازنين زاغري-راتكليف. يجب أن يسمح لها بالعودة إلى أسرتها في بريطانيا دون تأخر"، مضيفا "سنواصل جهودنا لدعمها بأي طريقة ممكنة".
مشاركة :