يُضاف العديد من الأصوات إلى الأفلام السينمائية والأعمال التليفزيونية وذلك بالاستعانة بأدوات نستخدمها في حياتنا اليومية. وربما تشكل عملية إضافة هذه الأصوات أمرا غريبا ورائعا يستحق المشاهدة، كما يكشف لنا أحد الأفلام القصيرة حول أسرار صناعة المؤثرات الصوتية. بدأت فكرة فيلم العالم السري لفن إضافة المؤثرات الصوتية، وهو فيلم قصير من إخراج دانييل جِويل، كمشروع يهدف إلى إلقاء الضوء على إحدى أكثر الوظائف غموضا في عالم صناعة السينما، وهي في واقع الأمر وظيفة مبهمة إلى حد جعل جِويل نفسه لا يعرف عنها سوى القليل قبل شروعه في إخراج هذا العمل. يقول جِويل: عندما كنت بصدد إنهاء العمل في فيلم آخر؛ قال شخص ما سنعمل على إضافة المؤثرات الصوتية للفيلم (مُستخدماً المصطلح الفني الدارج في هذا الصدد). لم أكن أعلم ماهية ذاك الشيء الذي يتحدثون عنه. ويضيف: لكن عندما شرحوا الأمر لي بدا كل شيء مفهوما. وأعتقد أن ذلك هو حال الكثير من الناس. وتستهدف هذه العملية - التي يُطلق عليها بالإنجليزية اسم Foley (فولي) – إضافة الأصوات إلى الأفلام بعد الانتهاء من تصوير مشاهدها. ويرجع ذلك إلى أن المخرجين يتجنبون في أغلب الأحيان تسجيل الصوت مع الصورة بشكل متزامن وذلك لعدة أسباب؛ مثل وجود ضوضاء ناتجة عن حركة المرور، أو رياح ذات صوت غير مرغوب في وجوده في المشهد. وفي بعض الأحيان، تتمثل مسؤولية الخبير أو الفنان المسؤول عن إضافة المؤثرات الصوتية للأفلام في أن يُحْدِثْ مثل هذه المؤثرات بداخل استوديو تسجيلات باستخدام أدوات نستخدمها في حياتنا اليومية، وذلك بالتزامن مع عرض اللقطات التي يُفترض أن تكون مصاحبة لمثل هذه الأصوات على إحدى الشاشات. ويشكل فنانو المؤثرات هؤلاء محور الفيلم القصير الذي أخرجه جِويل. تُضاف الأصوات في الاستوديو خلال عرض المشاهد الملتقطة على إحدى الشاشات، وذلك لتعزيز القوة التعبيرية للقطات وعادة ما يعمل فنانو المؤثرات في فرق يتألف كل منها من فردين. وفي هذه الحالة، يستعين هذان الفنانان بمعدات منخفضة التقنية نسبيا بمعايير صناعة السينما في هوليوود. ويجسدان حركات الممثلين عبر المؤثرات الصوتية، وذلك بينما يعكفان على تحريك أقمشة ما لإحداث صوت حفيف، أو النقر بحذائيهما على الأرض في رقصة ساحرة وفاتنة. يقول جِويل: أنت بحاجة إلى أن تتفهم وعلى نحو مدهش (تحركات) كل منهما. ويوضح قائلا : أنت لا تسعى لمحاكاة الحركة الظاهرة على الشاشة (بالصوت) فحسب، وإنما تعمل على خلق تطابق ما بين حركات كل من هذيّن الفنانيّن، والحفاظ على تزامن هذه الحركات. ويُظهر فيلم العالم السري لفن إضافة المؤثرات الصوتية بيت وسو؛ العامليّن في هذا المجال، وهما يُحدِثان المؤثرات الصوتية الملائمة لمصاحبة مشاهد تُظْهِر مجموعة من صيادي السمك في منطقة ديفون، وهم يمارسون أنشطتهم اليومية. ويستطيع هذان الفنانان إصدار مختلف الأصوات اللازمة في هذا الشأن؛ بدءا من صوت رفرفة أجنحة الطيور، التي يجسدانها عبر لطم قطع قماش من نوع الشمواه ببعضها البعض، وصولاً إلى الأصوات الناتجة عن سحب قارب فوق حصى الشاطئ. ويقول جِويل إن وظيفة هذيّن الفنانيّن تتمثل في ترجمة أحداث الفيلم وتفسيرها صوتياً. تنطوي عملية إضافة المؤثرات الصوتية على عنصر من عناصر الأداء الحي. إذ أنك ترى هذين الشخصين واقفيّن أمام شاشة تليفزيون ضخمة، وهما يؤديان أحداث الفيلم (المعروض أمامهما). ويضيف: إذا ما نظرت إلى وجهيّ بيت وسو خلال (عرض) الفيلم ستجد عليهما علامات الاستغراق والتركيز الشديديّن فيما يُعرض أمامهما. إنهما يستغرقان تماما في متابعة الفيلم الذي يتوليان مهمة تقديم المؤثرات الصوتية الخاصة به. وصوّر جِويل فيلمه في استوديوهات بينوود في المملكة المتحدة، وهي الاستوديوهات التي يصفها بأنها مكان مذهل. فهي مغارة علاء الدين فيما يتعلق بالإكسسوارات. يستخدم فنانو المؤثرات الصوتية تشكيلة متنوعة من الأدوات (الإكسسوارات) غير المعتادة للحصول على الأصوات المرغوبة ويضيف: أتذكر إغلاقي باب السيارة وأنا صغير في السن، وخيبة الأمل التي كانت تراودني حينذاك، لأن ذلك لم يكن يُحْدِثْ ما كنت أرغبه من صوت دوي مرضٍ بالنسبة لي. ويتابع: عندما ذهبت إلى الاستوديو في بينوود رأيت كل أبواب السيارات هذه معلقة على الجدار، عدد كبير من الطرز المختلفة، وعندئذ فهمت السبب الذي يجعل أبواب السيارات في الأفلام تُصْدِرُ ذلك الصوت المقنع للغاية. وهكذا تتمثل مهمة فنان المؤثرات الصوتية في الاهتمام بكل تفاصيل المشهد، وصولا إلى الملابس التي ترتديها كل شخصية. يقول جِويل: عندما يفكر الناس في (مهمة) فنان المؤثرات الصوتية، فربما يفكرون في أصوات أزيز رصاصات تمرق بسرعة فائقة. لكن بوسع هؤلاء الفتية أن يرووا قصصاً رائعة من خلال إحداث صوت طقطقة أصابع، أو (احتكاك) أقدام بالحصى، أو صوت حفيف نوع معين من الملابس. الأمر يتعلق بأصوات الحياة اليومية. فاز فيلم العالم السري لفن إضافة المؤثرات الصوتية بعدة جوائز خلال عام 2015؛ ومنها جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان فيلم فيست السينمائي الذي يُقام سنويا بالعاصمة الأمريكية واشنطن، وجائزة الجمهور في مهرجان ميكال السينمائي الذي أقيم بمدينة برشلونة الإسبانية، وكذلك جائزة أفضل إعداد موسيقي في إطار جوائز المملكة المتحدة للصوتيات والموسيقى. يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future.
مشاركة :