طرابلس - تسلمت حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في ليبيا مهام عملها اليوم الثلاثاء من إدارتين متحاربتين حكمت إحداهما شرق البلاد والأخرى غربها، لتكمل بذلك انتقالا سلسا للسلطة بعد عقد من الفوضى المشوبة بالعنف. وعانق فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني السابقة في طرابلس، عبدالحميد الدبيبة رئيس الحكومة الجديدة أثناء تسليمه السلطة. وقال خلال مراسم مقتضبة "إنني هنا اليوم لترسيخ مبادئ الديمقراطية". وكان البرلمان المنقسم منذ وقت طويل صادق الأسبوع الماضي على حكومة الدبيبة التي خرجت من رحم محادثات شاركت فيها الأمم المتحدة. وستكون هذه الحكومة مسؤولة عن تحسين الخدمات وتوحيد مؤسسات الدولة والإشراف على انتخابات عامة في ديسمبر/كانون الأول. إلا أنها تتولى مهامها مثقلة بالكثير من التحديات من ضمنها حصر السلاح بيد الدولة وإنهاء سطوة الميليشيات وبعضها متشددة مدعومة من تركيا. كما يقع على عاتقها اخراج القوات الأجنبية وآلاف المرتزقة ومن بينهم ما يزيد عن 10 آلاف مرتزق من السوريين المتطرفين الذين جندتهم تركيا من فصائل سورية موالية لها وأرسلتهم إلى ليبيا. وأصدرت وزارات الصحة والتعليم والمالية في طرابلس بيانات تؤكد تسليم السلطة للوزراء الجدد. وأظهرت صور منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا وهو يغادر في سيارته الخاصة. ودعا باشاغا جميع القطاعات الأمنية بوزارة الداخلية إلى التعاون مع وزير الداخلية بحكومة الوحدة خالد مازن لمواصلة جهود الوزارة في أداء عملها. واعتذر في كلمة له بمناسبة مراسم تسليم السلطة من حكومة الوفاق إلى حكومة الوحدة الوطنية لليبيين عن أي تقصير طيلة تحمله مسؤولية الوزارة، مضيفا أن تسيلم السلطة اليوم شكل حضاري يجسد الوجه الذي يليق بتضحيات الليبيين، مضيفا "لم يعد هناك أي مجال لحكم الليبيين بالقوة، وما نشهده اليوم يعكس إرادة كل الليبيين". وتأتي حكومة دبيبة بعد شهور من وقف إطلاق النار بين الطرفين الرئيسيين في الحرب الأهلية. وتمثل على ما يبدو أفضل أمل لليبيا منذ أعوام للخروج من الأزمة بعد عشرة أعوام من الفوضى. لكن ثمة مشكلات كبيرة باقية، ففي الشوارع لا تزال السلطة في قبضة جماعات مسلحة محلية تنهب ثروة البلاد النفطية. ولم تسحب القوى الخارجية التي دعمت طرفي النزاع مقاتليها أو أسلحتها، كما قد يعرقل الزعماء السياسيون الليبيون الذين يخشون من فقد النفوذ العملية الانتقالية أو يفسدونها. ومن المستبعد أيضا أن تتخلى تركيا التي ألقت بثقلها العسكري دعما للحكومة المنتهية ولايتها وميليشياتها التي لاتزال تحتفظ بوجود قوي، عن مصالحها ونفوذها في ليبيا وهو ما قد يعقد مهمة حكومة الوحدة الوطنية ويفجر المزيد من الانقسامات. وفي علامة على استمرار انعدام الثقة، لا يزال الطريق الساحلي الرئيسي مغلقا بين مصراتة وسرت، حيث استقرت خطوط القتال الصيف الماضي. ولم تحرز لجنة لوقف إطلاق النار عُينت العام الماضي تقدما يذكر لمعاودة فتحه. وتعيين دبيبة نفسه يشوبه مزاعم فساد لم يكشف عنها بعد فريق الأمم المتحدة المعني بمراقبة العملية. ومن شأن إجراء انتخابات وصياغة عملية دستورية للسماح بانعقادها أن ينطوي على تحديات هائلة خلافا لمهمة الحكومة المحددة الأخرى، وهي استعادة الخدمات الموحدة.
مشاركة :