ظاهرة قطع الطرق في المدن اللبنانية تتواصل للأسبوع الثالث تواليا احتجاجا على غلاء الأسعار وانهيار الليرة، فيما تعجز القوى السياسية إلى الآن عن تشكيل حكومة تمضي قدماً بإصلاحات عاجلة لضمان الحصول على دعم دولي ينقذ البلد من سيناريو أخطر. بيروت - وسط غضب متصاعد جراء تدهور المعيشة قطع محتجون الأربعاء طرقاً عدة في بيروت ومناطق لبنانية أخرى في ظاهرة تكررت خلال الأسبوعين الماضيين ، في وقت حاولت مجموعة منهم اقتحام وزارة الاقتصاد احتجاجاً على ارتفاع الأسعار الجنوني مع تسجيل الليرة تدهوراً قياسياً. ودفع التغير السريع في سعر الصرف خلال الأيام الأخيرة عدداً من المحال التجارية الكبرى إلى إقفال أبوابها لإعادة تسعير سلعها. كذلك توقفت مصانع عن الإنتاج بانتظار استقرار سعر الصرف. وشهدت متاجر صدامات بين المواطنين على شراء السلع المدعومة، كما توقفت محطات وقود عن العمل. وصباح الأربعاء، تجمّع عدد من المحتجين أمام مقر وزارة الاقتصاد في وسط بيروت، وفق مراسلة وكالة فرانس برس. وحاول بعضهم اقتحام المبنى، ما أدى إلى وقوع إشكال بينهم وبين القوى الأمنية، بحسب ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام. وقال أحد المحتجين لقناة محلية "نتشاجر مع بعضنا البعض من أجل كيس حفاضات للأطفال أو عبوة حليب" داخل المتاجر، مضيفاً بانفعال "لقد أذلّونا". وتوجه المحتجون لاحقاً إلى الطريق المؤدية إلى القصر الجمهوري في بعبدا قرب بيروت، إلا أن القوات الأمنية والعسكرية منعتهم من إكمال طريقهم. وأقدم محتجون آخرون على قطع طرق رئيسية بالإطارات المشتعلة في بيروت ومناطق أخرى، في البقاع شرقاً وطرابلس شمالاً وعلى الطريق السريع جنوب بيروت. وعادت منذ مطلع الشهر الحالي الاحتجاجات إلى شوارع لبنان. وقطع متظاهرون لأيام طرقاً رئيسية في أنحاء البلاد. وتستمر التحركات بشكل شبه يومي، لكن بصخب أقل. وعلى وقع تدهور الليرة، التقى وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني الأربعاء بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، العائد حديثاً من فرنسا. وقال سلامة إثر اللقاء، وفق بيان للوزارة، إنه عرض بعض الاقتراحات التي "ستؤدي إلى انخفاض سعر صرف الدولار". ومن المفترض أن يدرسها وزني كما المجلس المركزي في مصرف لبنان خلال الأربع وعشرين ساعة المقبلة. وينعكس انهيار العملة المحلية على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج. وارتفعت أسعار السلع بنسبة 144 في المئة، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي. وبات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر. وأعلن ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا الأربعاء زيادة جديدة في سعر الوقود تجاوزت الأربعة آلاف ليرة لليتر الواحد خلال أسبوع. وبذلك، يكون سعر البنزين قد ارتفع حوالى 49 بالمئة بين 24 يوليو/تموز و17 مارس/آذار. وعلى وقع شح السيولة ونضوب احتياطي المصرف المركزي المخصص لدعم السلع الاستهلاكية الرئيسية، يحذر خبراء بأنّ "الأسوأ لم يأت بعد"، فيما تعجز القوى السياسية عن تشكيل حكومة تمضي قدماً بإصلاحات عاجلة لضمان الحصول على دعم المجتمع الدولي. ومن شأن نفاد احتياطي المصرف المركزي بالدولار الذي يُستخدم بشكل رئيسي لدعم استيراد القمح والمحروقات والأدوية، أن يجعل الدولة عاجزة عن توفير أبسط الخدمات. ومن المقرر أن يتوجه رئيس الجمهورية ميشال عون عند الساعة الثامنة مساء بكلمة يتحدث فيها عن التطورات الأخيرة في البلاد، ومنها تأخر تشكيل الحكومة.
مشاركة :