لم يكن هذا ليتحقق بسهولة ولم تكن الأزمة مألوفة لتتجاوزها الدول لم يكن اجتماع اللجنة التنسيقية عدد 372 والذي عقد عن بعد برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء الخميس الماضي عاديا، فما تمخض عنه من قرارات وتوجيهات كان لها بالغ الأثر على المواطنين والمقيمين. ولن أنسى دموع زوجتي وهي تنهمر حين قرأت قرار السماح بعودة الطلاب إلى المدارس ولو بشكل اختياري. نعم كان ذلك موقفا مؤثرا جدا، فبعد قرارات الأسبوع الثاني من شهر فبراير الماضي وخاصة ما تعلق منها بإعادة غلق المدارس وتعليق الصلوات في المساجد لمدة أسبوعين ومنع تقديم الوجبات في المطاعم والمقاهي إلا من يملك فضاء خارجيا مفتوحا وبشروط معلومة، والعودة إلى نظام الدوام الجزئي في المؤسسات الحكومية وغيره من إجراءات احترازية... بعد كل ذلك استشعر الجميع عودة المخاطر بالرغم من شروع العديد في أخذ التطعيم. لكن انضباط المجتمع البحريني بكل مكوناته وثقته في قرارات المسؤولين وأولي الأمر، والتزامه بالبروتوكول الصحي، والضرب بيد قوية على المخالفين من أصحاب المطاعم والمقاهي وحتى المتجولين في الأسواق والشوارع... كل ذلك سارع بعودة أرقام الإصابات اليومية إلى الاستقرار والتراجع التدريجي. وهذه المؤشرات وغيرها كانت وراء السماح بعودة الصلاة في المساجد في مرحلة أولى (الفجر والظهر والعصر) ثم كانت بقية الانفراجة والفرحة الكبرى الخميس الماضي 11 مارس مع القرارات التي نزلت بردا وسلاما على جميع المواطنين والمقيمين في مملكة البحرين. لم يكن هذا ليتحقق بسهولة، ولم تكن الأزمة مألوفة لتتجاوزها الدول والمنظمات العالمية بسرعة... نعم لقد غيرت أزمة كورونا نمط حياتنا، وصارت الكمامة من لوازم حياتنا اليومية حتى لكأننا المكممون في الأرض.. وصار المعقم ملء أيدينا حتى لكأننا في صراع مع الجراثيم بشكل لحظي.. ودخلت حياتنا مصطلحات جديدة لا عهد لنا بها، ولعل أسوأها (التباعد الاجتماعي) لا لأنه فقط مصطلح خاطئ للتعبير عن فكرة التباعد الجسدي المطلوب في وضع كهذا، وإنما أيضا لأننا قوم نحب التقارب بل التقارب من قيمنا الروحية والاجتماعية والأسرية. وبعد... فإننا ولله الحمد نسير على خطى ثابتة، وها قد هل هلال شعبان ويدعونا للاستعداد لشهر الخير والبركات شهر رمضان المعظم.. ها نحن على أبواب أمل جديد وفرصة أخرى لإثبات أننا نستحق هذه القرارات بعودة الصلوات الخمس وإعادة فتح المدارس والمرافق العامة تدريجيا.. ها نحن أمام فرصة لنقول للجنة التنسيقية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء، شكرا وسنكون في مستوى هذه القرارات. نعم حققنا مكاسب ولكن الحذر واجب: الحذر واجب في المطاعم والمساجد والمدارس والمقاهي وكل الأماكن العامة وكذا في المنازل.. الحذر واجب، فلبس الكمامة يبقى ضروريا لتفادي أي عدوى ممكنة لا قدر الله.. الحذر واجب، فلا نتهاون في المجالس، ولا نتراخى عن تعقيم أيدينا في الأماكن العامة وحتى في المنازل.. الحذر واجب لمن لا يزال مترددا في أخذ التطعيم أن يحسم أمره ويتوكل على الله، لأن في التلقيح سلامة لك ولغيرك.. الحذر واجب في المدارس، فكم اشتقنا إلى عودة الطلاب إلى مدارسنا.. نعم من الضروري العودة اليوم ولو بشكل تدريجي.. ومن الضروري حث أبنائنا على العودة التدريجية إلى مقاعد الدراسة.. نعم، تحققت مكاسب بفضل التدريس عن بعد، ولكن يظل التدريس المنتظم في المدارس هو الأساس وسيتواصل التدريس عن بعد في السنوات القادمة بشكل أو بآخر، فهو إنجاز عظيم تحقق لمملكة البحرين ومكسب ثمين تحول معه التحدي العام الماضي إلى فرصة وتلك الفرصة تحولت اليوم إلى إنجاز حقيقي أشاد به القاصي والداني، ولكن تبقى العودة الفعلية إلى مقاعد الدراسة ضرورة لا مندوحة عنها. نعم تحققت بفضل الله مكاسب ولكن يبقى الحذر واجبا على الجميع فلا تفوتوا هذه الفرصة ولا تتهاونوا مع هذه الثقة، ولنكن جميعا في مستوى المسؤولية التاريخية إزاء صحتنا وحياتنا وحياة كل من نحب. ويبقى الأمل..
مشاركة :