لجان تقصي الحقائق.. طوق النجاة لـ أشغال

  • 9/15/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تاريخ مشروعات الهيئة حافل بلجان تقصي الحقائق لتهدئة الرأي العام تقرير غرق أنفاق سلوى يكشف الفشل والتخبط والعشوائية في الإدارة استمرار العيوب الهندسية والطرق الغارقة يكشف عن خلل بمليارات الريالات الهيئة لم تعترف بأخطائها ولم تنفذ حلولها في غرق طريق دخان منذ 3 سنوات الدوحة - الراية: فوجئنا بمقالات صحفية تهيل كميات هائلة من مساحيق التجميل على وجه هيئة أشغال، باعتبارها هيئة وطنية تحقق إنجازات وأنه من غير الجائز انتقادها بتلك الحدة على صفحات الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي. ولم ينس كتاب تلك المقالات خلال وصلة العزف المنفرد أن يعطوا للساخطين على تكرار مسلسل أخطاء الهيئة دروسا في المهنية والموضوعية طالما أن الهيئة مشكورة "سربت" أخبار عن نيتها لفتح تحقيق حول أسباب غرق طريق دخان الشيحانية للمرة الثانية خلال 3 سنوات! وارتفعت درجة حرارة كتاب تلك المقالات وهم يلومون كل من تجاوز في وصف الهيئة بالفشل فراح يفتش في نوايا المنتقدين ، ليزعموا أن وراء الحملة على أشغال "اعتبارات شخصية" وشخصنة للقضايا .. وكأن رفض استنزاف أموال الدولة والمطالبة بلجنة محايدة لتوضيح الحقائق ومحاسبة المقصرين موضوع شخصي أو وراءه خصومة شخصية تدفع أصحابها لتصيد الأخطاء أو افتعال الأزمات.. فالصحف لم تخترع فيلم الطرق الغارقة في الشيحانية ودخان للمرة الثانية، ولم يفبرك المغردون الصور ومقاطع الفيديو التي تداولها الملايين حول العالم، وأطلقوا حولها آلاف التعليقات حول المشروعات العملاقة التي تنفذها الدولة ، فالطرق الغارقة لا تحتاج إلى دليل على فشل من صممها ونفذها وتسلمها.. ولكن يبدو أن الساعين لتجميل أشغال يؤمنون بنظرية المؤامرة وأن هناك هيئات تستحق الحصانة ضد النقد حتى ولو كان الغاضبون يمثلون الشريحة الأكبر من المجتمع .. وانتقاداتهم واجب وطني لكل غيور على المال العام للدولة. وبالطبع في وصلات العزف والتطبيل للهيئات والمؤسسات مهما كانت فداحة أخطاؤها ، يتقمص العازفون دور النيابة والمحكمة والخصوم أيضا، دون إصدار أحكام بالإدانة على المتهم ، ولذلك خلت مقالات العازفين المتيمين في حب أشغال من أي إشارة عن ضرورة محاكمة المقصرين في الهيئة ، أو تشكيل لجنة محايدة للتحقيق في مسلسل الأخطاء والعيوب الهندسية لمشروعات الهيئة .. فلم تتضمن مقالات "التلميع" أية حلول لمرحلة ما بعد تجميل الهيئة وتحويلها إلى ضحية ينتقدها مجموعة من المتشائمين والمغرضين والذين في قلوبهم مرض وغيرة وأهواء شخصية .. حتى لو تسببت تلك الأخطاء في استنزاف مليارات الريالات من ميزانية الدولة! نطمئن أصحاب تلك المقالات ونقول لهم ليس هناك مصلحة شخصية وراء انتقاد هيئة أشغال ، أو التجاوز أكثر باتهامها بالعجز والفشل والتخبط والعشوائية .. فتلك الأوصاف ظهرت في كثير من تقارير تقصي الحقائق التي ترصد أخطاءها .. بل إن المطالبة بإحالة المقصرين سواء أفراد أو شركات للنيابة العامة ليس تجاوزا في حق الهيئة التي تستحوذ على مئات المليارات من ميزانية الدولة لتنفذ مشروعات الطرق والبنية التحتية .. ولكن الجريمة أن نصمت ونطبل ونبرر استمرار مسلسل الأخطاء التي تستنزف ميزانية الدولة، ونبرر سياستها التي أغرقتنا في الطرق الموحلة .. ونضفي على الهيئة قداسة وحصانة ونكتفي بمباركة تشكيل لجان نعرف مسبقا ما ستنتهي إليه من نتائج وتوصيات لا تضع آليات للتنفيذ أو تقدم المقصرين للتحقيق. فالرأي العام لم يتحمس لأخبار الـ "تسريبات" التي تقول إن هيئة أشغال شكلت لجنة للتحقيق في أسباب غرق طريق الشيحانية - دخان .. ليس فقط لأن الهيئة تجاهلت الرأي العام ولم تصدر مجرد بيان تعتذر فيه للمواطنين عن تكرار غرق الطريق للمرة الثانية خلال 3 سنوات .. ولكن لأن تشكيل الهيئة للتحقيق في اتهامات موجهة لها بالتقصير تبدو نكتة أثارت موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي .. فكيف تجمع أشغال بين الخصم والحكم؟! كما أن تاريخ أخطاء المشروعات التي تشرف عليها أشغال حافل بلجان تقصي الحقائق، سواء التي شكلتها الهيئة أو تلك اللجان المحايدة التي كشفت حقائق مذهلة عن العيوب الإنشائية والخلل الإداري الذي أدى لاستنزاف مليارات الدولة على مشروعات معيبة .. وفي كل الأحوال فإن الهيئة لم تستفد من أخطائها بدليل استمرار مسلسل اكتشاف العيوب الهندسية بعد استلام المشروعات بسنوات قليلة. حقائق صادمة من المهم هنا إعادة قراءة تقارير تقصي الحقائق في العديد من المشروعات العملاقة التي تحدد بدقة موضع الخلل في إدارة هيئة أشغال. ويتصدر تقرير لجنة تقصي الحقائق حول غرق أنفاق سلوى والصادر نهاية أبريل العام الماضي أقوى تقرير يكشف بدقة مواطن الخلل في أداء الهيئة . . فاللجنة شكلها معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بناء على ما حدث خلال موسم الأمطار في 2013 وما صاحبه من تجمّع للمياه في أنفاق طريق سلوى بتقاطع (فالح بن ناصر آل ثاني) وتقاطع (السوق المركزي) بشكل أدى إلى تعطل الحركة المرورية. وأكدت اللجنة في تقريرها أن الهدف من تشكيلها كان للوقوف على أسباب المشكلة والحلول المقترحة لتفادي تكرارها مستقبلاً ، ومحاسبة المسؤولين والجهات المعنية إن ثبت تقصيرها، وترأسها سعادة وزير البلدية والتخطيط العمراني وضمت في عضويتها عددا من الخبراء الفنيين المختصين بهذا الشأن. وتبين للجنة عدم وجود مصب نهائي لتصريف مياه الأمطار والمياه الجوفية والمياه السطحية والطرق المتصلة به، ما أدى إلى امتلاء قنوات الصرف، وتوصلت اللجنة إلى نتائج مذهلة وصادمة وفي مقدمتها ضعف مستوى التنسيق بين الإدارات المعنية بهيئة الأشغال العامة والاستشاري ومدير المشروع، وتقصير الإدارات المعنية بالهيئة (إدارة الطرق السريعة - إدارة التشغيل والصيانة) فيما يتعلق بمتابعة المشروع والتشغيل والصيانة، والتأكد من مدى فاعلية نظام الصرف لمياه الأمطار. وكشفت اللجنة التي حملت الهيئة وإدارة مشروع طريق سلوى مسؤولية التقصير عدم وجود نظام للطوارئ وإدارة الأزمات بالهيئة، وعدم وجود تنسيق بين الهيئة ومركز القيادة الوطني (NCC) في حال الطوارئ. وفي نهاية تقريرها أوصت اللجنة بوضع نظام دائم للطوارئ وإدارة الأزمات والتنسيق مع الجهات ذات الصلة بالدولة، ووضع نظام بالهيئة لمراقبة قنوات تصريف مياه الأمطار والمياه السطحية والتحكم في تصريفها، ومحاسبة إدارة مشروع طريق سلوى، ومحاسبة شؤون قطاع الأصول وشؤون البنية التحتية بالهيئة لعدم القيام بالمسؤوليات الوظيفية المنوطة بهم. غرق طريق دخان تقرير لجنة تقصي الحقائق "المحايدة" حول غرق أنفاق سلوى عكس حرص واهتمام المسؤولين بالدولة على التعامل بشفافية وواقعية، وحفاظاً على الأرواح ومن ثم المال العام.. ولذلك جاء حاسما دقيقا، حتى إنه لم يتردد في المطالبة بمحاسبة مسؤولين بعينهم .. احتراما لدولة سيادة القانون وإعلاء للمصلحة العامة وحفاظا على المال العام . تبدو الصورة مختلفة في تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها هيئة أشغال قبل عامين حول غرق طريق دخان الشيحانية والعديد من شوارع الشيحانية وفشل تلك الطرق الحديثة في الصمود أمام موجة الأمطار. في ذلك الوقت ظهر المهندس ناصر المولوي رئيس الهيئة العامة للأشغال ليعلن عن تشكيل لجنة تضم ممثلين من إدارات التصاميم والجودة والتشغيل لكشف أسباب عجز شبكة تصريف مياه الأمطار عن العمل بكفاءة.. في الوقت الذي انتظر الرأي العام تقديم الهيئة بلاغا للنائب العام لتشكيل لجنة محايدة لكشف المقصيرن ومحاكمتهم ، سواء كانوا أفرادا أو شركات منفذة .. ولكن هذا لم يحدث قبل عامين .. كما لم يحدث الأسبوع الماضي بعد تكرر الكارثة. بلاغ للنائب العام انتظر الرأي العام تقديم "أشغال" بلاغًا للنائب العام ضدّ الشركة المنفذة للطرق الغارقة قبل 3 سنوات، فإذا بها تعلن عن بدء تحقيق فنيّ لتحديد المسؤوليّة، دون الإعلان عن موعد انتهاء أعمال تلك اللجنة، والإجراءات القانونية التي سيتم اتخاذها ضدّ المسؤولين عن إصابة أحدث الطرق التي تكلّفت مليارات الريالات بالشلل بعد ساعة واحدة من هطول الأمطار. التصريحات التي أطلقها المولوي قبل 3 سنوات وبعد الغرق الأول لطريق دخان حول مراجعة المُخططات التصميميّة أو التنفيذيّة تضمّنت بحث الحلول المستقبلية لتجنب تَكرار المشكلة، مثل تكملة شارع دخان والتأكد من عدم وجود أخطاء في شبكة التصريف هناك.. فلماذا لم يتم تنفيذ تلك التوصيات ليغرق الطريق مرة أخرى في أمطار سبتمبر؟! وقد قالت الراية في ذلك الوقت: "من حق الرأي العام أن يتوجس كثيرًا من تعهد المهندس ناصر المولوي بالإعلان عن الأسباب الحقيقية الكاملة "بكل شفافية" لتحديد المسؤولية، خاصة أن "أشغال" ليست جهة محايدة مثل النيابة العامة أو أي لجنة مستقلة أخرى، نظرًا لأن الهيئة بإداراتها التخطيطية والتنفيذية والميدانية ذات علاقة بالقضية ذاتها، وتتحمل جزءًا كبيرًا من الانتقادات التي تصاعدت خلال الأيام الماضية" . مثل هذه التعهدات تفتقد أيضًا إلى الجدية، كونها تفتقد إلى أية آليات، فحينما سأل الصحفيون المولوي في ذلك الوقت عن الجزاءات أو الإجراءات المنتظر اتخاذها ضد الجهة المسؤولة قال: لا يجب أن نستبق الأحداث فنحن لا نعرف هل المسؤولية تقع على الشركة المنفذة أو التصميم أو شيء خارج عن الإرادة" في إشارة إلى أن كل الخيارات مفتوحة بما فيها "الحل القدري" ، وبلا سقف زمني لإعلان النتائج للرأي العام.. وفي كل الأحوال فإن نتائج التحقيقات حصرت الأسباب في خلل وقصور في شبكة تصريف الأمطار دون أن تعلن إليه لتنفيذ الحلول المقترحة وقبل ذلك تحديد ومحاسبة المقصرين!! مشروعات الطرق إذا كانت الأمطار هي موسم الكشف عن خلل شبكات تصريف مياه الأمطار .. فإن بقية العام يكفي للكشف عن خلل تنفيذ مشروعات الطرق. ولعل طريق 22 فبراير شاهد على أخطاء وعناد الهيئة .. فرغم الانتقادات والاتهامات الموجهة .. فالهيئة لم تعترف بالعيوب الفنية .. ومع تصاعد انتقادات الرأي العام، وما كشفه العديد من الخبراء ومنهم الدكتور خليفة ناصر آل خليفة، مدير مركز قطر للدراسات المرورية بكلية الهندسة في جامعة قطر، الذي أكد أن سوء تصميم شارع 22 فبراير وراء الازدحام المروري، والذي وصف تقاطع شارع مسيمير المؤدي إلى مدينة بروة بأنه من المناطق السوداء في الدوحة بسبب كثرة الحوادث المرورية فيه.. تراجعت "أشغال" خطوة بعمل بعض التعديلات على الطريق وإعادة النظر في بعض المداخل والمخارج .. ورغم أنها نفت في البداية زيادة المسارات عادت وأعلنت عن زيادتها. نفس السياسة تم التعامل بها مع العديد من مشروعات الطرق التي تثير عيوبها الرأي العام .. مثل طريق الكورنيش والعديد من الطرق والجسور التي ظهرت بها تشققات بعد فترة بسيطة من افتتاحها، ليتم تشكيل لجان تحدد الأسباب دون أن تحدد المقصرين ومن يتحمل تكلفة الملايين التي سيتم إنفاقها لإصلاح عيوب طرق ومشروعات معيبة تم تسلمها دون مطابقتها للمواصفات. نزيف المليارات فقد أثار بيان هيئة أشغال الشهر الماضي حول إعادة رصف شارع الكورنيش مرة جديدة عاصفة من الجدل بين الخبراء، الذين أكدوا أن هناك أسبابا خفية وراء ظهور التشققات في الشوارع المرصوفة حديثاً. فرغم تأكيدات الهيئة أنها استدعت المقاول لتصحيح الخطأ وتحميله المسؤولية فإنها لم توضح الأسباب الحقيقية لظهور التشققات ، وكيف تم تسلم الطريق دون التأكد من الالتزام بالمواصفات ، ودون أن توضح للرأي العام حقيقة استخدام منخفضة الجودة في رصف الطريق، وهو ما تكرر قبل ذلك في طرق أخرى والنتيجة تحمل ميزانية الدولة ملايين الريالات لإعادة رصف تلك الطرق التي تكلفت مليارات الريالات. الكيل طفح تواجه أشغال أيضًا انتقادات مستمرة خلال السنوات الماضية بشأن بطء وتيرة تنفيذ مشروعات الطرق، ، وهي مشروعات يعاني المواطنون من إغلاق العديد من الطرق الحيوية لتنفيذها ، وبعد افتتاحها تظهر عيوبها ليدفع المواطنون الثمن مرة أخرى، بمزيد من الإغلاقات لعلاج العيوب الفنية، في مسلسل مملّ لا ينتهي، ويلتهم في طريقه مليارات الريالات من ميزانية الدولة.. ليظهر من يبرر تلك الأخطاء بالحديث عن الإنجازات التي يعتبرونها رصيدا يسمح بمزيد من الاخطاء .. حتى لو قال الخبراء ان " الكيل طفح " .. ويرفع المواطنون لـ أشغال شعار " عفواً لقد نفد رصيدكم" !

مشاركة :