لا يخفى ما للتقييس والمواصفات القياسية من دور كبير في وضع الأسس والقواعد الكفيلة لأي نشاط يزاوله المجتمع في كافة أنشطته الاستهلاكية والتجارية والزراعية والصناعية لتطوير العمليات المرتبطة بتلك الأنشطة مما يساعد في فتح آفاق جديدة نحو زيادة الكفاية الإنتاجية التي تساهم بدورها في خفض تكاليف الإنتاج بالإضافة إلى تحسين نوعيته وتطوير جودته ورفع كفاءته كمًّا ونوعًا إلى جانب التخفيف من الهدر والحد من التكاليف والخسائر، مما يساعد في زيادة فرص الاستثمار والتسويق والتوسع والانتشار. وبما أن التقييس وصناعة المواصفات القياسية يرتكز بشكل أساس على المبادئ الراسخة للمعرفة والمراس والتجربة والخبرة والتطوير والابتكار إلى جانب اكتساب التجارب الحديثة وتبني التقنيات المستجدة، فلعل ما سيتم تقديمه في هذا العرض من تصورات ورؤى يسهم في ما نأمله جميعًا نحو تحقيق الأهداف الوطنية والمجتمعية التي تتوخاها الدولة في مسيرتها التنموية الحثيثة ورؤيتها المستقبلية البصيرة، ومنها على سبيل المثال ما يختص بدور الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة في هذا المجال، والتي يمكن تلخيصها وعرضها في الحيثيات التالية: أولاً- القطاع السكني: القطاع السكني (أو المستهلك النهائي) هو ما تحرص المواصفات القياسية على توفير كافة الظروف والإمكانات التي تكفل سلامته وتضمن كفاءة وحسن أداء الأجهزة والمعدات التي يستخدمها ويتعامل معها في مختلف أنماط حياته. ولقد روعي في إعداد المواصفات القياسية ذات العلاقة بالمستهلك السكني اعتبارات وجوانب متعددة تنحصر على سبيل المثال في توعيته وتعريفه بماهية وأهمية بطاقات كفاءة الطاقة الملصقة بالمنتجات الاستهلاكية والكيميائية والكهربائية والميكانيكية مما يساعد التاجر في عملية التسويق ويسهل على المستهلك في عملية الشراء. كما روعي في إعداد المواصفات بالاهتمام والتحقق من مستوى كفاءة الأجهزة والمعدات وضمان أعلى مستويات السلامة عند تشغيلها واستخدامها، وإذا كان ثمة أخطاء قد ترتكب في بعض الحالات أثناء عمل التركيبات والإنشاءات في المباني فإن ذلك ناتج عن قيام أناس غير مؤهلين وغير مرخصين بمزاولة المهنة وتولي تلك الأعمال والمهمات الأمر الذي يعكس آثارًا سلبية على سلامة تلك التركيبات والإنشاءات في المباني وتعاظم مخاطرها. ثانياً- القطاع الصناعي: يعد القطاع الصناعي أحد القطاعات المهمة والمؤثرة لما له من علاقة وثيقة بالمنتجات الصناعية ولما عليه من معول كبير في تبني وتطبيق والالتزام ببنود المواصفات القياسية في تحسين المنتج الصناعي من نواح وجوانب متعددة كالتصميم والكفاءة والجودة والموثوقية والسلامة والبيئة. كما من المعروف عن القطاع الصناعي أنه أكبر مؤثر إيجابي من حيث استهلاك الطاقة الكهربائية فهو يستطيع أن يزيح متطلباته الكهربائية إلى خارج أوقات الذروة الأمر الذي تستفيد منه جهة الإمداد (شركة الكهرباء) في استهلاك الطاقة في فترات انخفاض الأحمال. ثالثاً- القطاع التجاري: القطاع التجاري هو ذلك القطاع الذي يعهد له باستيراد المنتجات الصناعية والسلع الاستهلاكية التي يقوم المستهلك (المواطن والمقيم) باستهلاكها أو استخدامها والاستفادة منها في ممارساته اليومية وأنشطته العملية، ولذا تقوم الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة من جانبها ومن منطلق مسؤولياتها بالتأكيد على المستوردين باستيراد تلك المنتجات والسلع التي تحقق رضا المستهلك وتوقعاته وتضمن راحته وأمنه وسلامته، ومنها ضرورة الحصول على شهادات المطابقة التي تفيد مطابقة المنتجات المراد تصديرها إلى المملكة للمواصفات القياسية السعودية الخاصة بتلك المنتجات. رابعًا- القطاع التعليمي (الجامعات والمؤسسات التعليمية): لاشك أن تضمين التقييس في برامج ومناهج وخطط التعليم على المستويين الجامعي والدراسات العليا يصب في مصلحة اقتصادنا الوطني ويعزز من توجهات مملكتنا نحو اقتصاد المعرفة واستثماره في مجالات التصنيع وتحسين المنتج الصناعي إلى جانب تطوير القدرات البشرية والملكات الذاتية والمهارات الإبداعية لدى خريجينا من شباب جامعاتنا المرموقة. كما سيعمل على تأهيل المهندسين بما يساعدهم في استيعاب المواصفات القياسية ونشر ثقافة التقييس والمواصفات القياسية بين أوساط الطلاب والمتعلمين في الجامعات والمؤسسات العلمية لإحاطتهم وتعريفهم بأهمية المواصفات القياسية الصادرة بشأن المنتجات الصناعية في شتى أشكالها وأنواعها الميكانيكية والكهربائية والإنشائية والكيميائية ومن ثم تضمينها في مشاريعهم البحثية ورسائلهم العلمية. خامساً- الجهات المعنية حول تطبيق المواصفات القياسية: يقصد بالجهات المعنية هنا وزارة الطاقة ووزارة الصناعة والثروة المعدنية وهيئة تنظيم الكهرباء والشركة السعودية للكهرباء إلى جانب بعض الجهات المعنية الأخرى مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية وتحلية المياه ومديرية الدفاع المدني والمكاتب الاستشارية الهندسية والمختبرات المعتمدة. لذا تقوم الهيئة بالتنسيق والتعاون مع تلك الجهات حول التفاهم حول كيفية تطبيق المواصفات القياسية في شتى المناحي ذات المساس بالمستهلك والارتباط بحياته وبيئته ومتطلبات أمنه وسلامته.جامعة الملك سعود
مشاركة :