تتعلق قلوب أقباط مصر والعالم بها لقدسيتها لديهم، ويمر عليها المسلمون كرمز تاريخي من رموز الحقبة المسيحية في مصر، يجاورها معبد عزرا اليهودي، وجامع عمرو بن العاص، هنا حيث تجتمع الأديان السماوية الثلاثة في مكان واحد على أرض القاهرة. في حي مصر القديمة تتوسط الكنيسة المعلقة المنطقة الأثرية المعروفة بمجمع الأديان، وهي واحدة من بين أقدم الكنائس في مصر على الإطلاق، وأهمها دينياً، فكانت أول مقر باباوي في القاهرة، وفيها تقام الاحتفالات الدينية الكبرى لفترة زمنية طويلة. يفسر الدكتور حجاجي إبراهيم، خبير الآثار سبب تسميتها بالكنيسة المعلقة، ويعود الأمر إلى برجين من أبراج حصن بابليون، حيث بنيت الكنيسة عليهما، ولهذا فهي معلقة فوق سطح الأرض على ارتفاع 13 متراً، ويمكن لأي شخص أن يرى كيف تتعلق الكنيسة فوق البرجين من خلال الممر الزجاجي الموجود بداخلها. اختلفت الروايات حول أسباب بناء الكنيسة، والذي بدأ فيه أواخر القرن الرابع الميلادي، وافتتحت في أوائل القرن الخامس الميلادي، فذهبت إحدى الروايات وأشهرها إلى أنها كانت مخبأ العائلة المقدسة عندما عاشت في مصر لمدة ثلاث سنوات، بعد الهروب من حاكم فلسطين. وحتى الآن توجد بعض الأسهم داخل الكنيسة تشير إلى كهف صغير كتب عليه، هنا اختبأت مريم العذراء وابنها المسيح، ويوسف النجار، ويحرص كل زائري الكنيسة من المسلمين والمسيحيين على دخول الكهف الصغير والتقاط صورة تذكارية أمامه. أما الرواية الأخرى، فتقول: إن هذا المكان كان سرداباً سرياً تذهب إليه بعض الراهبات عندما تريد أن تعبد إلى الله منفردة، دون أن يراها أحد، وهذه السراديب كانت ضمن حصن روماني يعود للإمبراطور تراجان وبناه في القرن الثاني الميلادي. يقدم خبير الآثار وصفاً للكنيسة المعلقة، فهي مستطيلة الشكل من الطراز البازيليكي، وبها ثلاثة أجنحة وهيكل يتكون من 3 أجزاء، وبها صحن رئيس، وجناحان صغيران، ولكل جانب من الكنيسة ثمانية أعمدة. وأهم ما يميز معمار الكنيسة هي الهياكل الثلاثة، الأيمن هو هيكل القديس يوحنا، ثم الأوسط هيكل القديسة مريم العذراء، وأخيراً الأيسر ويعود إلى القديس مارجرجس، وكل هذا يمتد على مساحة الكنيسة التي تبلغ 23 متراً، وبعرض 18.5 متر. كانت أول مقر بابوي في القاهرة، ومن هنا استمدت أهميتها التاريخية، وحدث هذا في القرن السابع الميلادي في عهد البطريرك السادس عشر «خرستودلس» عندما استخدمها بطريقة غير رسمية، ثم تعاقب عليها البطاركة حتى القرن الثالث عشر الميلادي، قبل أن تنتقل إلى منطقة العباسية بالقاهرة، وهى المقر الحالي لها، ولهذا فجدران الكنيسة شاهدة على جزء كبير من التاريخ القبطي في مصر. ويشير الدكتور حجاجي إبراهيم إلى أن الكنيسة المعلقة كانت مقر الاحتفالات الدينية الكبرى بها، وبها كانت تقام المحاكمات للكهنة والأساقفة، ودفن بها بطاركة القرنين الحادي والثاني عشر، أيضاً كانت تعقد رسامة البطاركة، ومازال بها 90 أيقونة حتى الآن موزعة على جدران الكنيسة، وهي من أهم معالم الكنيسة المميزة. وحرصت الحكومات المصرية المتعاقبة على الحفاظ على الكنيسة المعلقة؛ لما لها من أهمية تاريخية مصرية وقبطية، وقد استغرقت عمليات الترميم بالكنيسة أكثر من 16 عاماً، حتى يعاد فتحها مرة أخرى أمام الجمهور العام، فهي أحد أهم المقاصد السياحية بمنطقة مجمع الأديان بالقاهرة. وخضعت الكنيسة المعلقة للتجديد والترميم في العصر الإسلامي، عندما طلب البطريرك الأنبا مرقس من والي مصر السماح بتجديد الكنيسة، وكان ذلك في عهد الحاكم هارون الرشيد الذي سمح له بذلك.
مشاركة :