سجلت التجارة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا تراجعا كبيرا في كانون الثاني (يناير)، الذي يعد أول شهر للانفصال الفعلي بين لندن والتكتل، بحسب ما أعلنه مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) أمس. ووفقا لـ"الفرنسية"، انخفضت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا 27.4 في المائة، عما كانت عليه في كانون الثاني (يناير) 2020 بينما تراجعت صادرات لندن إلى أوروبا 59.5 في المائة، لتبلغ 6.4 مليار يورو. وكان مكتب الإحصاء الوطني البريطاني أعلن في 12 آذار (مارس) انخفاضا في صادرات المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي 41 في المائة، تقريبا وتراجع 29 في المائة، في مشتريات المملكة المتحدة من المنتجات الأوروبية. ويعود الفارق بين الأرقام الأوروبية والبريطانية إلى الاختلاف في منهج الحساب. وأثر خروج المملكة المتحدة من السوق الأوروبية الموحدة، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني (يناير)، بقوة على تجارتها الخارجية، مع اختناقات في الموانئ، التي تخضع بالفعل للتدابير الصحية، والقيود على السفر في كانون الثاني (يناير)، وتراكم الطلبات المتراكمة منذ بداية الوباء. وأضيف إلى ذلك العديد من المعاملات الإدارية والتكاليف الإضافية والضرائب، التي أثرت في التجارة الخارجية. وتراجعت واردات الاتحاد الأوروبي من بقية دول العالم 16.9 في المائة، في الشهر الأول من العام، بينما تراجعت صادراته 10.8 في المائة، مقارنة بشهر كانون الثاني (يناير) 2020، بحسب يوروستات. وبالإجمالي، سجل الأوروبيون فائضا تجاريا قدره 8.4 مليار يورو في كانون الثاني (يناير)، مقارنة بعجز قدره 2.2 مليار يورو في الشهر نفسه من العام السابق. وكانت المملكة المتحدة جزءا من الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لها، لمدة تقارب نصف قرن. وأعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسل الإثنين، البدء في اتخاذ إجراء قانوني ضد بريطانيا بسبب انتهاك اتفاقية الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، وذلك على خلفية الخلاف حول تطبيق القواعد الخاصة المتعلقة بإقليم أيرلندا الشمالية البريطاني. وتتهم بروكسل الحكومة البريطانية بتغيير الاتفاقات بشكل تعسفي ومن ثم انتهاك اتفاق الخروج، الذي تم التوصل إليه في 2019. ومن المتوقع أن يؤدي البدء في الإجراء ضد بريطانيا بسبب مخالفة الاتفاق إلى مزيد من الضغط على العلاقات بين بروكسل ولندن المتوترة بالفعل. وتنص الفقرة، التي يطلق عليها في اتفاق الخروج "بروتوكول أيرلندا الشمالية" على استمرار سريان بعض قواعد السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي على أيرلندا الشمالية، وهكذا فلا توجد ضرورة لفرض إجراءات رقابية على الحدود البرية مع أيرلندا "الدولة العضو في التكتل" في الجزيرة الأيرلندية بموجب هذه القواعد. لكن هذا أوجد حدودا للسلع بين أيرلندا الشمالية وبقية البر البريطاني، حيث يتعين التفتيش على الواردات. وعلى الرغم من أنه تم الاتفاق على فترة سماح لشهور تتخللها ضوابط مخففة، فإن الشركات تشكو من مشكلات، كما أن أرفف المحال في أيرلندا الشمالية ظلت خاوية فترة من الوقت. وكان من المنتظر أن تنتهي أول فترة انتقالية بعد إتمام خروج بريطانيا نهاية العام الماضي بحلول نهاية آذار (مارس) الجاري، وبعد ذلك يتعين على موردي المنتجات الحيوانية أن تكون لديهم شهادات صحية للتوريدات من بريطانيا إلى أيرلندا الشمالية. غير أن الحكومة البريطانية أعلنت تمديدا أحادي الجانب، مشيرة إلى كثرة حدوث "عواقب مفرطة" لبروتوكول أيرلندا الشمالية، ولم تثمر محادثات الأزمة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. يأتي ذلك في وقت، أفادت فيه بيانات نشرها مكتب الإحصاء (يوروستات) بتراجع الفائض التجاري لمنطقة العملة الأوروبية الموحدة في كانون الثاني (يناير) عن الشهر السابق بسبب ضعف الصادرات. وتراجع الفائض التجاري إلى 24.2 مليار يورو، معدلة موسميا، مقابل 27.5 مليار يورو في كانون أول (ديسمبر). وتراجعت الصادرات 2.8 في المائة، على أساس شهري في كانون الثاني (يناير)، فيما تراجعت الواردات 1.3 في المائة. وبعد انتهاء الفترة الانتقالية، انخفضت الصادرات للمملكة المتحدة بنسبة كبيرة بلغت 31.9 في المائة بين كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير)، في حين ارتفعت الصادرات إلى الدول الأخرى غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي 4.9 في المائة. وعلى أساس غير معدل، انخفض إجمالي الصادرات والواردات 11.4 في المائة، و14.1 في المائة، على التوالي على أساس سنوي. وبلغ الفائض التجاري 6.3 مليار يورو مقابل 1.5 مليار يورو في الفترة نفسها من العام الماضي. من جهة أخرى، ذكرت أورزولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية أمس الأول، أن الاتحاد الأوروبي من المحتمل أن يشدد قواعده لتصدير لقاحات مضادة لفيروس كورونا، بالسماح فقط بتسليم الجرعات للدول، التي تسمح أيضا بتصدير الجرعات. وبموجب سجل التصدير الحالي، الذي تم استحداثه في كانون الثاني (يناير) الماضي، يتعين على الشركات بأن تتقدم بطلب للحصول على إذن تصدير للقاحات، التي يتم إنتاجها في الاتحاد الأوروبي. وإذا تبين للسلطات الوطنية أن شركة ما لديها جرعات التكتل، استنادا إلى الاتفاقية، التي وقعت عليها، يمكن أن ترفض تصدير أي من الجرعات، التي يتم تصنيعها في تلك الدولة، لكن فون دير لاين أوضحت أن المفوضية تدرس تشديد القواعد بصورة أكبر. ويمكن أن تعتمد التراخيص على مبدأ المعاملة بالمثل، بمعنى آخر، إذا تم إنتاج لقاحات في دولة غير عضو بالاتحاد الأوروبي، لكن تلك الدولة تحظر صادرات اللقاحات، يتعين على الاتحاد الأوروبي وقف التسليم إلى تلك الدولة، طبقا لما ذكرته رئيسة المفوضية الأوروبية. وقالت إن هذا لن يؤثر في الولايات المتحدة، حيث إن مبدأ المعاملة بالمثل مكفول هناك، وبدلا من ذلك، يمكن اعتبار الإعلان بمنزلة تحذير لبريطانيا، حيث تزعم المفوضية أن الدولة العضو السابق بالتكتل لا تصدر أي جرعات من اللقاح، بينما تلقى عشرة ملايين جرعة من التكتل. وأضافت فون دير لاين: "ما زلنا ننتظر الحصول على جرعات من المملكة المتحدة، لذا فهذه دعوة لإظهار أن هناك أيضا جرعات من المملكة المتحدة قادمة إلى الاتحاد الأوروبي حتى يكون هناك معاملة بالمثل". وردا على تصريحات فون دير لاين، قال مات هانكوك وزير الصحة البريطاني إن بلاده "تتوقع تماما" أن يتم الوفاء بعقود اللقاح المضاد لكورونا الموقعة مع منتجي الأدوية. وذكر هانكوك في بيان، أن لقاح أسترازينيكا/ أكسفورد تم إنتاجه بعد إجراء أبحاث مولتها الحكومة البريطانية، وأن الحكومة ساعدت في إنشاء سلسلة التوريد في كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي. وأضاف أن بريطانيا "وقعت عقدا قانونيا" لتسليم 100 مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا/ أكسفورد للشعب البريطاني، مرددا تعليقات فون دير لاين السابقة ، بأنه لا ينبغي فرض "قيود على تصدير اللقاحات من قبل الشركات، التي تفي بالمسؤوليات التعاقدية". وأضاف: "أن توريد اللقاحات من منشآت إنتاج الاتحاد الأوروبي إلى المملكة المتحدة يفي بالفعل بالمسؤوليات التعاقدية، ونتوقع تماما أن يتم الوفاء بتلك العقود بالكامل". وفي وقت سابق من هذا الشهر، نفت الحكومة البريطانية تقارير عن منع الصادرات، قائلة إنها "لم تمنع تصدير لقاح واحد لكوفيد- 19". وقالت فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي سمح بتصدير ما إجماليه 41 مليون جرعة إلى 33 دولة منذ بداية شباط (فبراير)، بينما كانت الدول الأعضاء تكافح لتطعيم مواطنيها. ويجب على التكتل أيضا النظر، فيما إذا كان سيستمر في السماح بالتصدير إلى البلدان ذات معدلات التطعيم الأعلى من الاتحاد الأوروبي. وقالت: "نريد توصيل موثوق للقاحات، وهذا يتعلق بالتأكد من أن أوروبا تحصل على نصيبها العادل". وقالت فون دير لاين إن المفوضية ستقدم الاقتراح في اجتماع لرؤساء دول الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق من هذا الشهر. يأتي هذا الإعلان وسط تأخير في التسليم من قبل شركة أسترازينيكا وتباطؤ في بدء حملات التطعيم في جميع أنحاء الكتلة. واتهمت فون دير لاين الشركة بعدم الوفاء بوعودها: وأنه من بين 180 مليون جرعة وعدت بها الشركة، سيتم تسليم 70 مليونا فقط في الربع الثاني من العام، على حد قولها.
مشاركة :