التحديات والفرص الضائعة..الرياض أنموذجاً

  • 3/18/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أتممت قراءة كتاب “ الإدارة المحلية والقطاع البلدي : التحديات والفرص الضائعة.. الرياض أنموذجًا “ بقلم سمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عيّاف. قضيت وقتًا ممتعًا وشيقًا ومفيدًا, حيث اطلعت على تجربة استثنائية تجمع بين النظرية العلمية والتطبيق العملي حيث قضى المؤلف 15 عامًا من عمره طالب علم وباحثاً واستاذاً جامعياً ثم 15 عامًا أخرى في الحقل العملي, في أهم القطاعات الحيوية في ميدان العمل البلدي, أمينًا لمنطقة الرياض ولم يكن خلال الفترة العملية بعيدًا عن النظريات العلمية والتجارب العالمية الناجحة حيث تضمّن الكتاب العديد من المبادرات التي تعتمد على الأساس العلمي والممارسات والأساليب التي طبقت وثبت جدواها في عددٍ من الدول, وأكد المؤلف أن أساس النجاح وأهم محفزات الإنجاز يكمن في الإدارة الناجحة وسرد العديد من المبادرات والإنجازات التي تحققت بحسن إدارة مهندس الرياض الأول مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض, حيث كان يمارس عمليًا أفضل أساليب الإدارة المحلية لمنطقة الرياض, ويذلل العقبات ويصدر القرارات والتوجيهات التي تحقق هدفه السامي بالوصول لأعلى مستويات الرضا لزوار وسكان المدينة. يحتوي الكتاب على ثمانية فصول وأكثر من 300 صفحة, تحدث في الفصل الأول عن الإدارة المحلية والصالح العام مقارنًا بين النظرية والتطبيق وتحسين الصورة الذهنية في القطاع البلدي ومد جسورٍ من الود بين الأمانة والمستفيدين من خدماتها, والإصغاء بإمعان إلى أرائهم ومقترحاتهم واستحداث عددٍ من وسائل التواصل معهم منها ( 940 ) واستقبالهم بصدر رحب في مكتب الأمين بوقت معين ومحدد خلال أيام الأسبوع, وعقد اللقاءات والندوات, ومشاركتهم بها بشكل أساسي وفعال, وتنفيذ عددٍ من المبادرات والبرامج لكسب رضاهم منها على سبيل المثال لا الحصر احتفالات العيد والمناسبات الوطنية والساحات البلدية والمراكز الإدارية الموحدة وغيرها العديد مما لا يتسع المقام لسردها هنا. وفي الفصل الثاني تناول تعزيز اللامركزية والتأسيس لنهج الإدارة المحلية وتجسير الفجوة بينهما والتطوير المؤسسي وفق المعايير والإجراءات والإمكانيات المتاحة وضع تصور عام لها وإعادة هيكلة التوزيع الجغرافي والمكاني للخدمات البلدية بمدينة الرياض وبرنامج تنفيذ المراكز الإدارية وتطوير وتقسيم عقود النظافة بالمدينة. وفي الفصل الثالث عرض خارطة طريق للقطاع البلدي, وتقديم خطة استراتيجية شاملة هدفها تطوير القطاع البلدي قدمها لوزارة الشؤون البلدية والقروية في عام 1424 هـ, تشتمل على مبادرات وحلول قابلة للتنفيذ تتناسب تمامًا مع رؤية المملكة 2030 وتحقق أهدافها, تلك الرؤية التي شملت جميع القطاعات الخدمية والتنموية بالمملكة بتوجيهات ورعاية سمو الأمير محمد بن سلمان, ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع, والتي تحقق تطلعات وأمنيات الشعب السعودي كافة. وفي الفصل الرابع يتحدث عن الجانب الإداري واقتناص الفرص الضائعة وتعظيم استثمارها والتأسيس لفكر جديد للاستثمار البلدي عام 1418 هــ وتطوير عددٍ من الأنظمة والتشريعات البلدية, حيث تضمن هذا الفصل آلية عملية لتنفيذ عدد من المبادرات والمقترحات التي قدمها بهذا الشأن. أما الفصل الخامس يتحدث عن تعزيز الجانب المالي والمبادرات التي قدمها لدعم تمويل القطاع البلدي والعلاقة المُثلى مع القطاع الخاص لتحقيق المصالح المشتركة لتطوير الأعمال والخدمات البلدية. وفي الفصل السادس تناول الخطة التي قدمها لتطوير التخطيط العمراني بالمدينة, وبعض المبادرات والإنجازات التي تحققت والحلول المناسبة لتلافي القصور في الجوانب التخطيطية والعمرانية في مدينة الرياض, لإيجاد أحياء سكنية تتوفر بها الخدمات والمرافق العامة والسلامة المرروية وتوفير أرصفة مشاة آمنة وبنية تحتية مكتملة مع واجهات عمرانية تعكس هوية الرياض والعمارة السلمانية المستوحاة من تراثنا العريق واكمال عناصر الطرق وجميع ما نتمناه في أحياءنا السكنية من خلال مبادرة التطوير الشامل. وعرج المؤلف في الفصل السابع علىى قضايا ملكيات ومنح الأراضي وبين المعالجات والحلول للعديد من قضايا الأراضي في المدينة وخطة تطوير أراضي المنح والاستفاده منها وإيصال الخدمات والمرافق الحيوية لها لتصبح قابلة للبناء لتوفير عددٍ كبير من المساكن للمواطنين, وكذلك إيجاد الأراضي للقطاع الحكومي واستثمارها. كما تناول في الفصل الثامن برامج ومبادرات الأنسنة ولا يُخفى على سكان مدينة الرياض أن العيّاف يعتبر هو ( عراب الأنسنة ) حيث شهدت المدينة بعد توليه الأمانة, تنفيذ أرصفة المشاة والساحات البلدية والفعاليات والمهرجانات والأنشطة المختلفة وأصبحت مدينة الرياض أكثر جاذبية وحيويه وسعد سكانها وزوارها بإيجاد الأماكن والفراغات العامة التي تستوعب البرامج الترويحية التي يقضى بها لحظات ممتعة سواءًا للأفراد أو العائلات, كم كانت سعادتي الشخصية وأنا أشاهد في مراحل عمري المبكرة طفرة برامج ومبادرات الأنسنة في تلك الفترة وشهدنا بدايات تنفيذ عددٍ من ممرات المشاة والحدائق والفعاليات والاحتفالات والمسرحيات, وعلى المستوى الشخصي لا تزال الذكريات الجميلة وأنا أحتسي فنجان القهوة بطعم لذيذ ومميز في شارع التحلية ذلك المكان الرحب وممرات المشاة الآمنة التي أضافت للمكان رونقًا خاصًا, ولي كمحب للكتابة والقراءة جوًا مريحًا ومساعدًا على العطاء والإبداع, حقًا تفاعل الناس بإيجابية مع أرصفة المشاة الآمنة والإنارة والأشجار والحدائق والساحات البلدية وشعروا بعلاقة وطيدة وحاجة ملحة للشعور بقرب مدينتهم في تلبية متطلباتهم قبل أن تكون ملتقى لهم ومقراً للأنشطة المختلفة وعلاقتهم مع بعضهم البعض, وسرعان ما أصبحت مدينة الرياض مثالاً يحتذى به في جميع مناطق المملكة في هذا المجال ونال أمينها العديد من الجوائز بهذا الشأن, وألف سموه كتاب “ تعزيز البعد الإنساني في العمل البلدي – الرياض أنموذجًا “ في عام 1437 هـ, الذي يحكي قصة نجاح نحن شهودها. واختتم الكتاب بملامح واضحة عن خطوات المستقبل الواعد بعون الله لمدينة الرياض بدعم وتوجيهات القيادة الرشيدة - حفظها الله – لتحقق عاصمتنا الغالية مركزًا متقدمًا في التنافسية بين المدن العالمية, وأكد على أهمية تحقيق وتنفيذ الملامح العريضة لتفيذ خطة تطوير العمل البلدي المستقبلي بتنفيذ صندوق للمدينة يساهم في تمويل مشاريعها وبرامجها وبين سمات الخصخصة البلدية الناجحة لرفع مستوى الخدمات, وذكر بعض التجارب والأمثلة الناجحة التي قامت بها أمانة منطقة الرياض, ووضح الصيغة التشاركية بين القطاع العام والقطاع الخاص, لتحقيق مستوى عالٍ من الرضا لسكان المدينة عن البلديات وخدماتها وأكد على أهمية الإدارة المحلية, مستندًا بدارسة تجارب إقليمية وعالمية واجراء مقارنات مع مدن عالمية مماثلة لمدينة الرياض, وذكر خارطة طريق للإدارة المحلية بمستويات مختلفة وبدائل وخيارات ممكنة لضمان نجاحها وانسجامها مع رؤية المملكة 2030, والعلاقة الفاعلة بين أمراء وأمناء المناطق لخدمة المدن وتطويرها وتحقيق جودة خدماتها واستدامتها ورفاهية سكانها. وختامًا يعد هذا الكتاب من أهم المراجع للباحثين في مجال الإدارة وخاصة إدارة المدن وتطوير الأعمال البلدية ويمتاز بالمقارنة بين النظرية والتطبيق والمصداقية والشفافية في الطرح حيث تضمن ذكر المعوقات والتحديات لبعض المبادرات وعدم ظهور بعضها حتى الآن وهنا تتضح قناعة العيّاف بجدواها وثقته بأنها سوف ترى النور مستقبلاً, والحرص كل الحرص على رضا المستفيدين وعدم زيادة التكاليف على المواطن مع أخذ مرئياته ومقترحاته بعين الاعتبار في جميع المبادرات والمشاريع التطويرية, ولم ينسى الإشادة والتقدير عدة مرات لفريق العمل الذي ساهم معه في قصص النجاح بأمانة منطقة الرياض, وأتمنى أن يُستفاد من هذا الكتاب القيّم في جامعاتنا لما يحتويه من حالات دراسية فريدة لطلاب وطالبات الإدارة والهندسة والتخطيط العمراني, وأن يعمم على قيادات المدن والقطاع البلدي.

مشاركة :