أكد صندوق النقد العربي أن دول الخليج ستكون أقل تأثرا بانخفاض أسعار النفط عن غيرها من الدول العربية المنتجة والمصدرة للنفط الخام. فيما توقع أن يكون نمو اقتصادات الدول العربية كمجموعة بنسبة 2.8% خلال 2015 وارتفاعه إلى 3.5% العام المقبل. وأوضح الصندوق في تقرير أصدره اليوم حول "آفاق الاقتصاد العربي" أن النشاط الاقتصادي العالمي لم يشهد تحسنا ملحوظا خلال النصف الأول من عام 2015 بخلاف ما كان متوقعا من قبل عدد من المؤسسات الدولية وهو ما يعزى إلى عدد من العوامل لعل من أهمها .. الأداء الأقل من المتوقع للاقتصاد الأمريكي واستمرار المخاطر المحيطة بالنمو الاقتصادي في منطقة اليورو إضافة إلى تراجع وتيرة النمو في بعض الدول النامية واقتصادات السوق الناشئة على رأسها الصين. وأوضح أن إصدار سبتمبر من تقرير "آفاق الاقتصاد العربي" يتضمن تحديثا لتوقعات النمو الاقتصادي واتجاهات تطور الأسعار المحلية في الدول العربية خلال عامي 2015 و 2016 لدعم متخذي القرار في الدول العربية. ولفت التقرير إلى أن الأسواق العالمية للنفط لا زالت متأثرة بالتعافي الهش للاقتصاد العالمي وبضغوط وفرة الإمدادات النفطية ورغم تحسن مستويات الأسعار العالمية للنفط خلال الربع الثاني من العام مقارنة بالربع الأول إلا أن متوسط الأسعار المسجلة خلال العام الجاري لا تزال أقل من مثيلاتها المسجلة خلال عامي 2013 و 2014 بنحو 50 و 40 دولارا للبرميل على التوالي. وأشار التقرير إلى أن هذه التطورات ستؤثر على مستويات الطلب العالمي ومن ثم على أداء الاقتصادات العربية خلال عامي 2015 و 2016 خاصة على ضوء مساهمة الصادرات العربية الإجمالية بنحو 53% من الطلب الكلي وارتفاع الأهمية النسبية للإيرادات النفطية إلى ما يشكل 68% من إجمالي الإيرادات العامة للدول العربية كمجموعة. وتوقع صندوق النقد العربي في هذا السياق انخفاض معدل نمو الناتج بالأسعار الثابتة للدول العربية المصدرة للنفط إلى 2.7% خلال عام 2015 مقارنة بنحو 3% للنمو المسجل عام 2014 مع استمرار التباين في وتيرة النمو المحققة داخل المجموعة العربية. مؤكدا أن تأثر اقتصادات دول الخليج سيكون بدرجة أقل بانخفاض أسعار النفط مقارنة بالدول العربية النفطية الأخرى سواء نتيجة لجوء بعضها إلى زيادة كميات الانتاج النفطي خلال العام أو لحرص عدد من حكومات هذه الدول على تبني سياسات مالية معاكسة للدورات الاقتصادية لدعم النمو الاقتصادي. كما توقع الصندوق في هذا الصدد تراجع معدل نمو اقتصادات دول مجلس التعاون إلى نحو 3% عام 2015 مقارنة بنحو 3.4% لمعدل النمو المحقق عام 2014 فيما توقع انكماش الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية الأخرى المصدرة للنفط باستثناء الجزائر بما يعكس تأثير تراجع الأسعار العالمية للنفط والغاز على اقتصادات هذه الدول التي زاد من حدتها التطورات الداخلية في هذه الدول. ونوه التقرير بتوقع الصندوق ارتفاع معدل نمو الدول العربية المستوردة للنفط التي كانت قد شهدت خلال السنوات السابقة تطورات غير مواتية على صعيد النمو الاقتصادي إلى 3.4% لعام 2015 مقارنة بنحو 2.5% للنمو المسجل العام الماضي الدول العربية نتيجة استفادتها عام 2015 من الاستقرار النسبي المحقق في بعضها ومن الأثر الإيجابي الناتج عن تنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية إضافة إلى استفادة بعضها نسبيا من تراجع الأسعار العالمية للنفط.. وأضاف التقرير أن الصندوق يتوقع ارتفاع وتيرة النمو الاقتصادي في الدول العربية كمجموعة إلى نحو 3.5% المقبل عام 2016 في ظل التحسن المرتقب للأنشطة الاقتصادية في كل من مجموعتي الدول العربية المصدرة للنفط والمستوردة له على حد سواء. لافتا إلى أن الدول العربية المستوردة للنفط ستستفيد من التحسن المتوقع للطلب العالمي الذي سيدعم الأنشطة الانتاجية والخدمية ويساعد على توفير المزيد من فرص العمل. فيما قد تتأثر آفاق النمو في بعض تلك الدول بمعاودة أسعار النفط اتجاهها نحو الارتفاع الأمر الذي قد يؤثر على أوضاعها المالية ويضغط على الموارد المتاحة للإنفاق الاجتماعي والاستثماري. ويتوقع التقرير تراجع معدل التضخم في الدول العربية كمجموعة إلى 7.4% خلال عام 2015 مقارنة بنحو 8.2% في عام 2014. مشيرا إلى وجود عدد من العوامل التي من شأنها خفض الضغوط التضخمية في الدول العربية كمجموعة عام 2015 ومنها انخفاض مكون التضخم المستورد الذي يعد من أهم محددات التضخم في عدد من الدول العربية سواء نتيجة تراجع أسعار النفط والسلع الغذائية أو نتيجة استفادة بعض الدول العربية التي ترتبط عملاتها بالدولار من ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى. ولفت إلى وجود عوامل قد تحد نسبيا من أثر الانخفاض المتوقع في المستوى العام للأسعار في الدول العربية كمجموعة من بينها ظهور ضغوط تضخمية ناتجة عن صدمات جانب العرض في بعض الدول العربية نتيجة التطورات الداخلية. ونوه بتوقع الصندوق أن تشهد مجموعة الدول العربية المصدرة الرئيسية للنفط ارتفاعا في معدل التضخم إلى نحو " أربعة " في المائة عام 2015 مع تباين اتجاهات تطور الأسعار المحلية داخل دول المجموعة. ففي حين من المتوقع تراجع معدلات التضخم في دول الخليج إلى 2.4% في عام 2015 من المتوقع ارتفاعه في مجموعة الدول العربية الأخرى المصدرة للنفط إلى 4.3%. في المقابل من المتوقع تراجع معدلات التضخم في الدول العربية المستوردة للنفط خلال عام 2015 إلى 10.7%. وأشار إلى توقع ارتفاع التضخم في الدول العربية كمجموعة لعام 2016 إلى 7.8% خلال العام المقبل بما يعكس تأثير الارتفاع المتوقع في الأسعار العالمية للنفط وبعض الضغوط التضخمية المحتملة نتيجة تسارع مستويات الطلب المحلي في ظل التحسن المتوقع في النشاط الاقتصادي في عدد من الدول العربية وتسارع وتيرة تنفيذ عدد من المشروعات الاستثمارية الضخمة في بعضها. ولفت إلى أنه من شأن مضي عدد أكبر من الدول العربية بما فيها الدول العربية المصدرة للنفط قدما في إصلاح نظم دعم الطاقة أن يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار العام المقبل خاصة في ظل الزيادة المحتملة للأسعار العالمية للنفط والغاز. فيما قد تنتج بعض الضغوط التضخمية عن أثر التمرير الناتج عن التراجع المحتمل في قيمة بعض العملات العربية مقابل الدولار خلال العام المقبل. كما يتوقع على صعيد مجموعات الدول العربية عام 2016 ارتفاع المستوى العام للأسعار في الدول العربية المصدرة للنفط ليصل إلى نحو 4.3% في ظل التوقعات بارتفاع التضخم في دول الخليج إلى 2.8% ومواصلته الارتفاع في الدول العربية الأخرى المصدرة للنفط إلى 4.6% فيما توقع ارتفاع معدل التضخم في الدول العربية المستوردة للنفط إلى نحو 11.4% عام 2016.
مشاركة :