طارق الشناوي يكتب: قصقصة ريش المخرج!

  • 3/20/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قال لى المخرج الشاب إنه ظل يطارد النجم الشهير بضعة أشهر حتى يوافق على أن يعرض عليه مشروعه الفنى الجديد، قال له أثناء النقاش مبدئيًّا أنا موافق، وطلب منه أن يقدم له رؤيته الإخراجية مسبقًا، ليحدد بعدها موقفه النهائى.أجابه بأن الرؤية هى ما تخصه كمخرج وليست من حق النجم الإلمام المسبق بها، عليه أن يمنحه الثقة، ليتحمل المسؤولية أمام الجمهور، جاء رد النجم: لا تنس أن الجمهور يحاسبنى أنا أولًا؛ ولهذا يجب أن أقتنع قبل التوقيع، ومن بعدها تعطلت لغة الكلام، وعاد المخرج الشاب للمربع رقم واحد، يبحث عن نجم يعترف بأن من حق المخرج تقديم رؤيته بلا وصاية مسبقة من أحد.هذه الواقعة هى قطعًا الاستثناء، لأن أغلب مخرجينا حتى الكبار منهم صاروا يقدمون فروض الطاعة والولاء للنجم صاحب العصمة الأول فى المنظومة السينمائية.فى الحياة الفنية كثيرًا ما تتحول معالم الضعف إلى قوة، المخرج صاحب الإرادة فى كثير من الأحيان مستبعد، النجم يريد أن يعمل تحت مظلة المخرج المطيع الذى ينفذ أوامره، وهكذا قد يبتعد عن العمل مخرجون لديهم وجهة نظر وإرادة بينما يتواجد بكثرة فى السينما والدراما التليفزيونية حاليًا هؤلاء الذين يقع اختيار النجوم عليهم، وهم واثقون تمامًا من استجابتهم دون قيد ولا شرط لما يريدونه، المخرج محدود الموهبة يعلم أن الوحيد الذى له حق الوصاية على العمل الفنى هو النجم، ولهذا فهو على استعداد لأن يقدم له فاصلًا كوميديًّا من عجين الفلاحة ونومة العازب.الخضوع يصل بالمخرج إلى توصيل رسالة علنية ليس فقط للنجم ولكن للنجوم الآخرين بأنه سيظل دائمًا وأبدًا حريصًا على ألا يغضبهم وأن مبدأه هو (عشان الشوك اللى فى الورد بحب الورد) ومع الأسف فإن أغلب نجومنا يفضلون العمل مع هؤلاء الضعفاء، رغم أن التجربة العملية أثبتت أن النجم حتى يحتل مكانة ينبغى أن يستند إلى وجهة نظر مخرج، مثلًا فى مرحلة فارقة فى عقد التسعينيات ارتكن عادل إمام إلى المخرج شريف عرفة الذى قدم مجموعة من الأفلام بدءًا من «اللعب مع الكبار» الذى كتبه «وحيد حامد»، تشعر فيه بروح مخرج لديه إرادة.. صحيح أن الثلاثة الكاتب المخرج والنجم التقوا فى منطقة متوسطة، ولكن لا شك أن هناك روح مخرج تستطيع إدراكها وأيضًا ما نراه فى اللقاءات التى جمعت بين «شريف» والجيل الثانى من النجوم مثل علاء ولى الدين «الناظر»، هنيدى «فول الصين العظيم»، السقا «مافيا»، «الجزيرة»، كريم عبد العزيز «أولاد العم» وغيرها تؤكد ذلك.من صالح النجوم أن يدركوا حاجتهم إلى عين مخرج إلا أن على أرض الواقع فإن النسبة الغالبة من النجوم يبحثون فقط عن المخرج المنفذ لأفكارهم، ولهذا كثيرًا ما تغيب عن الشاشة أسماء مخرجين من نوعية داود عبد السيد ومحمد ياسين وهانى خليفة وساندرا نشأت وغيرهم، الجيل الأسبق من النجوم كانت لديه قدرة على أن يخرج من تلك الشرنقة وهكذا قدم «نور الشريف» و«أحمد زكى» و«محمود عبد العزيز» عددًا من الأفلام السينمائية المغايرة للسائد اعتمدت على نبض مخرجيها أكثر من سيطرة نجومها، إلا أن نجوم هذا الجيل صار أغلبهم يبحثون عن محدودى الإرادة والموهبة، المخرج الذى تمت قصقصة ريشه هو المطلوب لأنه داخل وخارج الاستوديو لا يهش ولا ينش.[email protected]

مشاركة :