فريال نعامي ابنة فايزة أحمد في أول حوار: عندما أسمع أغنية ست الحبايب أبكي وأشعر بحضن أمي

  • 3/21/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

صوتها كان يطرب أم كلثوم بعذوبته وقوته وبحته، التي لا ينافسها فيها أحد، إنها "كروان الشرق" فايزة أحمد ذلك الصوت الذي أسعدنا، وأبكانا، رحلة طويلة من الإبداع والنجاح تربعت خلالها على عرش الغناء العربي بألحان محمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وبليغ حمدي ومحمد سلطان، من منا يحتفل بعيد الأم بدون أغنية "ست الحبايب" لـ"كروان الشرق" فايزة أحمد، هذه الأغنية الخالدة التي شاركها فيها المبدعان الموسيقار محمد عبدالوهاب والشاعر حسين السيد. "سيدتي" انفردت بأول حوار مع ابنتها فريال نعامي بعد رحيل فايزة أحمد بـ39 عاماً، الأمر لم يكن سهلاً لإقناع فريال التي تعيش في فلوريدا؛ فهي بعيدة تماماً عن الأضواء منذ أن رحلت والدتها ولكن كانت مناسبة يوم الأم ولما تحمله مجلتنا العريقة من مكانة ومصداقية سبباً في إقناعها بأن تخرج عن صمتها وتتحدث عن ست الحبايب الأم والفنانة فايزة أحمد. فريال تشبه والدتها إلى حد التطابق، لدرجة أن بعض الناس كانوا يتصورون أنها هي عندما يشاهدونها في الشارع في حياة أمها أواخر السبعينيات، بدأنا حوارنا معها: أمي دائماً معي لا تتركني لحظة وأشعر أن روحها في كل مكان، أنا "ابنة عمرها" كما كانت تقول لي عندما تدللني وتأخذني في حضنها وأنا صغيرة وتقبلني، فهي أنجبتني وعمرها أربعة عشر عاماً فكانت الأم والأخت والصديقة بالنسبة لي، لم تحرمني من أي شيء. ألحقتني بمدارس داخلية فرنسية وعلمتني البيانو والباليه، وكانت تشتري الكتب والقصص لي لأكون فتاة مثقفة، وعندما أسافر معها إلى أي بلد تأخذني وتشتري لي ملابس وأحذية ماركات عالمية، وتقول لي اختاري يا حبيبتي أحب أن أراك سعيدة دائماً. ولدت أمي عام 1934 في صيدا بلبنان، فهي من عائلة الرواس الشهيرة هناك، جدي أحمد الرواس كان صاحب حمامات (جاكوزي وتجميل حالياً) في صيدا، فهي المدينة التي شهدت طفولة أمي الأولى، ثم انفصل جدي عن جدتي وحرمت أمي من السند وحنان الأب، وجدتي لبنانية تحب الغناء والموسيقى، وكانت الداعم الأول لأمي في حبها للغناء منذ طفولتها. أما جدي فكان لبنانياً أيضاً ولكنه اعترض على أن تعمل أمي كمطربة إلا أنها سرعان ما أقنعته عندما بدأت كمطربة محترفة بعد ذلك.عمر نعامي والد فريال وأخواتها التوأم من والدها وعماتها أبي سوري جاء من حلب إلى لبنان وكانت أمي عمرها في ذلك الوقت ثلاثة عشر عاماً، وتعرف عليها كمطربة هاوية لدى رئيس الإذاعة اللبنانية نجاح إسلام الذي قدمها إلى أبي، وقال له "هذه البنت الصغيرة موهوبة شوف يطلع منها إيه"، وكان أبي في ذلك الوقت يدرب الهواة على الغناء في الإذاعة، والوقوف على المسرح ويملك أوتيل هيلتون إلى جانب أنه فنان يكتب كلمات الأغاني ويمثل مسرحيات ويؤدي منولوجات، تزوج أبي من أمي وأخذها إلى حلب، وبدأت تجتاز امتحانات عديدة للغناء، ونجحت في سوريا ثم أنجبتني ولم يستمر الزواج أكثر من عامين فقط؛ لأن جدتي لأمي اكتشفت أن أبي متزوج قبل أمي وله من الأبناء توأمان وكان ذلك سبباً للانفصال. جدتي كانت غير متعلمة، لكنها كانت امرأة قوية عندها رؤية وخبرة بالحياة، ودائماً كانت تعطي النصيحة الصائبة لأمي، فقد أخذت منها والدتي طيبة القلب والتدين والمحافظة على الصلاة والصوم، وكانت تعطيها القوة لمواصلة الحياة وتحمل صعابها، رحلت جدتي قبل جدي وبالرغم من انفصالهما ظل يحبها وقد أوصى عائلة جدتي بأن يدفن بجوارها بعد وفاته. أمي كانت تحب وتعشق جدي وتفتقد وجوده، فقد غنت له "تعالى لي يا با تعالى لي" والتي غنتها في فيلم "أنا وبناتي". أشقاء أمي خالي محمد الأخ الأكبر ثم خالتي نظمية ثم خالي مصطفى ثم أمي آخر العنقود، كانت تحب أشقاءها جداً، وهي الأخت الغالية لهم، ودائماً كان بيتها في القاهرة مفتوحاً لأشقائها وأبناء خالتي وأخوالي، وتقوم بحسن ضيافتهم وتكون سعيدة جداً بهم، وأيضاً عندما تسافر إلى لبنان تقيم معهم ولا تستطيع أن تعيش بدون جو العائلة، وأنا أعتبر خالتي نظمية أمي الثانية وأخوالي كل واحد بمثابة أبي الثاني . كانت تخلع حذاءها عند تسجيل أي أغنيةفايزة أحمد طيبة القلب وحنونة، وكنت أذهب معها إلى جميع حفلاتها وبروفاتها، تحب عملها كثيراً، وكانت قبل أي حفلة بيوم في حالة توتر وقلق كبير، وأتذكر عندما كانت تسجل أي أغنية كانت تخلع حذاءها لتقف وهي مستريحة، وتقوم بنفسها بعمل مونتاج الأغنية في إستوديوهات الإذاعة، وقبل أي حفلة كانت تهدئ نفسها بالصلاة وقراءة القرآن، وكان يسعدها كثيراً قول الجمهور أثناء الحفلة "الله يا فايزة" فتنسى أي تعب أو قلق. أتذكر في إحدى حفلاتها التي أحيتها في لبنان وأثناء بروفات الحفلة كان الموسيقار عازف الجيتار عمر خورشيد يمزح مع أمي، وكانت هناك حشرة دفعها عمر بقدمه لتمر من تحت فستانها لكنني منعته وقلت له لماذا تفعل هذا المقلب مع أمي، وكنت أتضايق من أي شيء يسبب أي قلق لها فضحك، وقال لي:" أنا أمزح معها". وتفهمت الموقف وأنه لا يقصد أن يضايقها، وهناك موقف آخر كنت أسير مع أمي في أحد شوارع لبنان، وكنت أحرص دائماً على أن أمشي وراءها وكأني سكرتيرة لها أو حارس خاص أقوم بحمايتها، وأثناء السير قابلتنا فتاتان علّقتا على أمي "مو حلوة". فقلت لهما بتهكم عندما مرتا بجواري "أنتوا اللي أحلى" وكنت أنظر لهما بغضب شديد. أمي بدأت مشوار الهواية في الغناء في عمر صغير عشر سنوات، أما مشوارها كمطربة محترفة فبدأ وهي في سن 17 عاماً وذلك في أوائل الخمسينيات، وأتذكر أنها كانت يومياً تذهب من لبنان إلى سوريا لتحيي حفلات وتعود في نفس الليلة حيث كنا نقيم مع عائلة أمي، وكانوا يقومون برعايتي في الفترة التي تعمل فيها وكنت في ذلك الوقت في سن سبع سنوات، ولا أنسى هذه الليلة عندما تعرضت أمي لحادث كبير حيث وقعت بسيارتها في الوادي ونقلت على أثرها إلى المستشفى، وعندما وجدت خالتي وأخوالي في حالة من القلق وعرفت أن أمي نقلت إلى المستشفى، دخلت غرفتها وفتحت خزانتها وحضنت ملابسها وقلت "يا رب اشفِ ماما". في عام 1956 جئنا إلى مصر وأقمنا في فندق الكونتيننتال وعدنا مرة أخرى إلى لبنان، ثم جئنا مرة ثانية في أواخر الخمسينيات، وأقمنا في منزل بالموسكي، ولا أنسى هذا المنزل، عشنا فيه أجمل أيامنا أنا وأمي وجدتي وشاهدت فيه الموسيقار محمد عبدالوهاب والشاعر حسين السيد أثناء جلسات العمل للتحضير للأغنية الخالدة "ست الحبايب"، اشتركوا الثلاثة في حب وعشق أمهاتهم، وكانت هذه الأغنية بداية الاحتفال بيوم الأم، والذي كان فكرة الكاتبين الكبيرين علي ومصطفى أمين. "ست الحبايب"، أغنية خالدةفايزة أحمد والموسيقار محمد عبد الوهاب أثناء بروفات أغنية ست الحبايب لأنهم جميعاً كانوا صادقين في التعبير عن حب أمهاتهم. أبكي وأشعر بحضن أمي الذي أفتقده كثيراً، فقد كنت أقضي هذا اليوم معها حتى بعد زواجي، كانت سعادتها في أن تراني سعيدة في حياتي. وكنت أدخر الأموال لهذا اليوم حتى أشتري لها هدية تسعدها. محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي والموجي ومحمد سلطان. أزواج فايزة أحمدفايزة أحمد وزوجها الثاني مختار العابد سوري الجنسية أبي عمر نعامي كان سوري الجنسية، وصاحب فندق هيلتون ومركز تجميل ويقال عليه في ذلك الوقت حمامات، وبعد طلاقهما تزوجت من مختار العابد، وكان ضابطاً بالجيش السوري وبعد طلاقهما، تزوجت بعد ذلك من عازف الكمان عبد الفتاح خيري لتأخذ الإقامة في مصر، ثم عادت مرة أخرى لتتزوج من مختار العابد لكنها كانت مشغولة بفنها، ولم تكن متفرغة للحياة الزوجية وفشلت مرة أخرى حياتها معه، وتم الطلاق للمرة الثانية وبعده تزوجت من حب عمرها عمو محمد سلطان زواج استمر سبعة عشر عاماً، وبعد طلاقها تزوجت من ضابط شرطة وكانت أسوأ زيجة استمرت شهوراً قليلة ثم عادت مرة أخرى لعمو محمد ورحلت بعدها بأسبوعين. عندما رأت أمي عمو محمد سلطان للمرة الأولى في منزل صديق عمرها الموسيقار فريد الأطرش، وكان في ذلك الوقت عمو محمد في بدايات مشواره كملحن وممثل أيضاً شعرت بارتياح تجاهه وبأنه سيكون زوجها، وكان هذا الشعور متبادلاً بينهما، وربطت بينهما صداقة قوية قام أثناءها بتلحين أكثر من أغنية لها، وتحولت الصداقة إلى حب ثم زواج، ووجدت أمي مع الموسيقار محمد سلطان أو عمو محمد كما أناديه إلى الآن الله يعطيه الصحة، الاستقرار والهدوء والأمان والحب الحقيقي، وجعلها تعدل عن فكرة عودتها إلى لبنان وترك مصر بعد أن أحجم الملحنون الذين عملت معهم من قبل عن إعطائها أي ألحان لأغان جديدة، ولم تكن تعرف السبب مما أصابها بحالة نفسية سيئة. كان زواج الاستقرار والحياة الهادئة التي نعمت بها أمي لمدة 17 عاماً أنجبت خلالها أخويّ الغاليين التوأمين طارق وعمرو الله يحفظهما، وهما الآن في فرنسا أطباء كبار وعلاقتي بهما طيبة وأطمئن عليهما بالتليفون. قضيت بعض الوقت معهما في أول الزواج، وكنت أعتبره أبي الثاني لكني كنت أحترم مشاعر أمي بأن أرتدي ملابس محتشمة، وأن أحترم خصوصية العلاقة بينهما، وكنت أسافر إلى لبنان لأستكمل دراستي ثم أعود مرة أخرى لأقضي الإجازة معهما. مشاكل وخلافات أدت إلى الطلاق ولكن انفصلا عام 1981 وكل منهما يحب الآخر. يوم بكت فايزة أحمد  بسبب أجرها في مهرجان قرطاج تزوجت من رجل يصغرها بعشر سنوات لكنها ندمتفايزة أحمد وزوجها الموسيقار محمد سلطان-- بعد طلاق أمي من محمد سلطان كانت في حالة نفسية سيئة تعرفت بالصدفة فيها على رجل أقنعها بأنه يحبها، ولطيبة قلبها صدقته ولكن بعد الزواج وجدته رجلاً آخر يعاملها بقسوة وعدم احترام وكان يطمع في ثروتها وفي شقتها بالزمالك التي تعيش فيها معه، وقد عاتبتها لموافقتها على الزواج منه وأنه نصاب، وكان يريد أن يقتلني ويلقيني من شرفة منزل أمي ليتخلص مني ثم يلقيها بعدي ليأخذ كل ثروتها وأملاكها لكن قاومناه وأصيبت أمي بانهيار، ولم يطلقها إلا بعد ما أخذ منها مقابلاً مادياً فقد كانت تجربة مريرة عاشتها فايزة. أمي وعبد الحليمفايزة أحمد كانت منافسة شريفة بينهما، ولم تكن خلافات شخصية وفنية، ولكن أتذكر أنها حكت لي أن في بعض الحفلات التي أقيمت في المغرب بناء على طلب الملك الحسن الثاني طلب عبد الحليم من المنظمين للحفلة أن يحذفوا اسم أمي من قائمة المطربين المشاركين في الحفل مما أصابها بالحزن الشديد، ولكن اعتذر عبد الحليم لها بعد ذلك وأصبحا صديقين مقربين جداً. كان صوتهما مليئاً بالإحساس الجميل ويتشابهان في عذوبة الصوت وقوته. بالنسبة لوردة الجزائرية لم تكن خلافات معها لكنه تنافس شريف بدأ عندما كانتا تحييان حفلات في بداية احترافهما في بيروت، والتي كانت تقام لزيادة انتشارهما كأصوات جميلة في بداية نجوميتهما إلى جانب أن هناك علاقة صداقة بين أمي والفنانة وردة الجزائرية تعود إلى صلة قرابة بين جدتي ووالدة الفنانة وردة؛ حيث كانت والدتها لبنانية الجنسية وكانت أمي ووردة تتزاوران بشكل دائم، وأتذكر عندما كانت تزور أمي في المستشفى أثناء مرضها، أما الفنانة نجاة فلم تكن هناك أي علاقة بينها وبين أمي، ويجمع بينهما دائماً الاحترام المتبادل. تابعي المزيد: في لقاء نادر.. فايزة أحمد تكشف أسباب خلافاتها مع عبد الحليم أمي كانت معجبة بملابس صباح وتسريحات شعرهافريال وأحمد السنباطي وابنتهما فايزة لا لم تكن تقلدها كانت معجبة بملابس صباح وتسريحاتها، وكانت تحبها كشخصية مرحة لكنها لم تقلدها، وكانت تختار أمي تسريحتها على أحدث موضة في ذلك الوقت وتشتري ملابسها من أحدث بيوت الأزياء العالمية، فقد كانت دائماً تحب أن يراها الجمهور في أحسن صورة. أم كلثوم كانت تحب أمي كثيراً، وتقول دائماً في حواراتها التلفزيونية والصحفية أكثر صوت يطربني فايزة أحمد، وكانت أمي حريصة على أن تعرف رأي الست أم كلثوم في أي أغنية جديدة تغنيها، كما كانت حريصة على سماع حفلاتها، وتتصل بها وتقول لها "بنتعلم منك يا ست". ماما والفنانة فيروز كانتا جارتين في لبنان، واشتركتا معاً في أغنية "دويتو" لحن حليم الرومي وذلك في الخمسينيات، وكانت علاقتها بها علاقة طيبة مليئة بالاحترام، وكانت أمي تعشق صوت فيروز. لأنها كانت تجد نفسها في الغناء فقط، ولم تجد نفسها في التمثيل. هذه ضمن الشائعات التي كانت تطلق على أمي، بالعكس كانت تحترم كل كلمة تكتب بحيادية وأمانة عنها، وكانت تربطها بكثير من الصحفيين صداقة وطيدة وتعاتب بعضهم إذا كتب خبراً عنها لم يتأكد من صحته. كانت أمي طيبة القلب وتسامح وتنسى الإساءة، وكريمة وخيّرة وأتذكر أنني قابلت شيخاً كان يأتي عندنا يقرأ القرآن في المنزل قبل العيد الصغير بعد وفاة أمي، وسألني:" حضرتك ابنة الفنانة فايزة أحمد"؟ فقلت له نعم فقال لي:" والدتك عملت حسنات كثيرة، وكانت تساعد كثيرين مادياً". شعرت بحزنها الشديد لأنني سأبتعد عنها، وفي نفس الوقت تمنت لي حياة سعيدة وخلال فترة زواجي التي استمرت حوالي سبع سنوات كنت دائماً على اتصال بأمي وقمت بزيارتها في مصر عام 1977 و1980 و1981، وبعد سماعي أغنيتها "حبيبي يا متغرب"، وكانت تغنيها لي وكان قد تم طلاقي في ذلك الوقت. بعدما شعرت بالمرض أخذتها معي إلى أميركا، وهناك أخبروني بأنها تعاني من سرطان الثدي في المرحلة الأخيرة وقتها قررت ألا أخبرها لكنها كانت تشعر بأن النهاية قد اقتربت. فقد كان هناك إحساس يسيطر عليها بأنها ستموت مبكراً، وفوجئت أنها تقول لي "أريد أن أموت في مصر"، وعندما عادت اتصل بها بعض المعجبين ليطمئنوا عليها وأخبروها بدون قصد منهم أنهم يدعون لها بالشفاء من السرطان فكانت صدمة أن تعرف أنها مريضة به، وكانت تظن أنها آلام مؤقتة وستشفى، وبدأت جلسات العلاج الكيماوي وأصرت على أن تسجل أغنيتها الأخيرة "لا يا روح قلبي أنا" وهي مريضة قبل أن يؤثر المرض على صوتها، وكان أحمد السنباطي يكمل عمل والده الموسيقار رياض السنباطي، والذي لم يكمل تلحين الأغنية وفي ذلك الوقت بدأت قصة حب تجمع بيني وأحمد فتم الزواج، وقالت لي أمي:" الآن اطمأننت عليك"؛ لأنها كانت تحب أحمد جداً وتشعر بأنه مثل ابنها بأخلاقه وأدبه وشهامته، وفي تلك الأيام الصعبة كنت أريد أن يعود عمو محمد سلطان لأمي؛ لأنها في أشد الاحتياج إليه فحاولت أن أقرّب بينهما وبالفعل عادا كزوجين، وكان كل منهما يحتاج للآخر. وكان عمو محمد لا يفارقها أبداً في المستشفى، فقد كانت أمي تشعر بالارتياح والأمان لوجوده وأتذكر أنها بالرغم من مرضها وألمها الشديد إلا أنها أثناء نقلها لغرفة العناية المركزة ودخولها المصعد قام بتحيتها بعض الجالسين في المستشفى وأهل بعض المرضى وقامت وجلست على السرير، وسلمت عليهم ونسيت أنها مريضة. ودخلت أمي في غيبوبة وشعرت بأن الأجل اقترب فدخلت عليها وقبلت قدمها ورأسها. نعم كانت تعتبره أباً روحياً لها، وكانت من أعز صديقاتها السيدة رقية السادات ابنة الرئيس الراحل أنور السادات. أحفاد فايزة أحمدفريال نعامي أبنائي خالد وعبير ريان ورياض وفايزة أحمد السنباطي يعشقون جدتهم ويعرفون قيمتها جيداً فهم حريصون على مشاهدة أغانيها على اليوتيوب، وفخورون بأنهم أحفاد فايزة أحمد، أمي شاهدت خالد وعبير، وهما صغيران وكانت تتمنى أن تراهما في أيامها الأخيرة في المستشفى، ولكن فضلت ألا يرياها، وأن تظل صورتها في ذاكرتهما وهي بكامل صحتها، ولا أنسى عندما رزقت بابنتي فايزة عام 1984 بعد رحيل أمي بسنة وكان ذلك في يوم عيد الأم، وكنت أحتضن ابنتي، وتذاع أغنية "ست الحبايب" في التلفزيون، فامتزجت دموعي على أمي بفرحتي بميلاد ابنتي وقررت في ذلك الوقت أن أسميها فايزة أحمد. كل أغاني أمي وخاصة "ست الحبايب"، و"حيران"، و"بيت العز"، و"يامّا القمر على الباب"، و"لا يروح قلبي أنا"، و"حبيبي يا متغرب"، وغيرها من الأغاني الوطنية، فهي كانت تعشق مصر وأنا أيضاً. دفنت في مقابر عائلة زوجها الموسيقار محمد سلطان. تبرعت لبعض العرائس المحتاجة اللاتي لا يستطعن شراء فستان فرح، ولبعض العائلات بصيدا بلبنان وأحتفظ ببعض الفساتين وبخاتمين وعقد وحلق. فايزة أحمد30

مشاركة :