حتى في فاجعة الموت ذهبت عنهم أخلاق الإسلام التي يتشدقون بها، وعبروا عن شماتتهم في وفاة سيدة أفنت حياتها دفاعا عن الحريات والعقل والنساء، وتعرضت لمعارك عنيفة بسبب أفكارها التنويرية. رحلت الكاتبة المصرية الكبيرة نوال السعداوي التي كانت من أشهر عباراتها أن شرف الإنسان رجلًا أو امرأة هو الصدق، صدق التفكير وصدق الإحساس وصدق الأفعال، وأن الإنسان الشريف هو الذي لا يعيش حياة مزدوجة، واحدة في العلانية وأخرى في الخفاء. وعقب إعلان وفاتها ضجت حسابات تابعة لعناصر من جماعة الإخوان وأنصارهم ومتطرفين ومتشددين على مواقع التواصل بعبارات السب والقذف والرجم بل الشماتة في وفاة الراحلة، حيث وصفوها بالهالكة والمنحرفة والكافرة التي حاربت الإسلام والحجاب والأخلاق لكونها نادت بحرية المرأة ووقف جريمة ختان الإناث. وتبارى محبو ومؤيدو الكاتبة الراحلة في الرد على هؤلاء وفندوا مواقفها المشرفة، والتي ضحت بالكثير ثمنا لها، مؤكدين أنه من المفارقات اللافتة أن السعداوي والتي كانت أما لكل التنويريين والمثقفين توفيت في يوم عيد الأم الذي صادف الاحتفال به، الأحد، ولفظت أنفاسها في نفس توقيت إقرار مجلس الشيوخ المصري لقانون يغلظ عقوبة جريمة ختان الإناث، وهي التي كانت من أوائل المطالبين بوقف هذه الجريمة منذ سنوات وعقود طويلة. مؤيدو السعداوي واجهوا حملات تشويهها والإساءة إليها بعد وفاتها بعبارات من مؤلفاتها التي كانت تربط بين تحرير المرأة والوطن من الفاشية الدينية والتابوهات التي حاول المتشددون والظلاميون غرسها في عقول الجميع ، فقد كانت تقول للنساء "حطمن الأغلال وعشن أحرارا"، ورددوا عبارتها الشهيرة: "لا تحدث الثورات في الخفاء، الثورة والكتابة كلتاهما لا تعرف السرية.. حطمي قفل الدرج واكتبي في النور، اغضبي وثوري ولا تستكيني". وكان الموت قد غيب الأحد الكاتبة المصرية السعداوي عن عمر ناهز 90 عاما بعد صراع مع المرض. وتعرضت الكاتبة مؤخرًا لأزمة صحية نقلت على إثرها إلى أحد المستشفيات حتى لفظت أنفاسها الأخيرة. والكاتبة الراحلة من مواليد فى 27 أكتوبر عام 1931، وهي طبيبة وكاتبة وروائية مصرية مدافعة عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص، حيث فازت في العام 2005 بجائزة إينانا الدولية من بلجيكا، كما حصلت في العام 2012 على جائزة شون ماكبرايد للسلام من المكتب الدولى للسلام فى سويسرا. وقامت بتأليف العديد من الكتب عن المرأة في الإسلام، واشتهرت بمحاربتها لظاهرة الختان. شغلت الكاتبة الراحلة العديد من المناصب مثل منصب المدير العام لإدارة التثقيف الصحي في وزارة الصحة، والأمين العام لنقابة الأطباء بالقاهرة، ونالت عضوية المجلس الأعلى للفنون والعلوم الاجتماعية بالقاهرة. أسست جمعية التربية الصحية وجميعة للكاتبات المصريات وعملت فترة كرئيس تحرير مجلة الصحة بالقاهرة.
مشاركة :