تركيا تستكمل مسلسل ممارسات القمع باعتقال نائب مؤيد للأكراد

  • 3/21/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إسطنبول - اعتقلت الشرطة التركية النائب عمر فاروق جرجرلي أوغلو المؤيد للأكراد من مقر حزبه بالبرلمان في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد، حيث كان يعتصم منذ أربع ليالٍ للاحتجاج على إسقاط عضويته بسبب قضية أخرى. وقال حزب الشعوب الديمقراطي إن الشرطة اعتقلته قبل صلاة الفجر مباشرة في أنقرة، ونشر مقطعا مصورا ووثيقة قضائية توضح بالتفصيل أحدث التهم الموجهة للحزب. ويواجه ثالث أكبر حزب في تركيا حملة قمع بلغت ذروتها يوم الأربعاء عندما تحرك المدعي العام لإغلاقه بسبب اتهامات بأنه على صلة بالمسلحين الأكراد، وهي اتهامات ينفيها حزب الشعوب الديمقراطي ويصفها بأنها "انقلاب سياسي". وقبل ساعات من تلك الخطوة جرد البرلمان النائب جرجرلي أوغلو الناشط في مجال حقوق الإنسان، من عضويته والحصانة المرتبطة بها بسبب إدانته من قبل بنشر دعاية إرهابية من خلال مشاركة رابط موضوع إخباري على تويتر. وكان النائب جرجلي أوغلو ينوي أن يظل معتصما داخل مقر الحزب بالبرلمان. لكن وثيقة المحكمة أوضحت أن الشرطة اعتقلته فيما له صلة بتحقيق جديد في هتافات قيل إنها سُمعت يوم الأربعاء خلال انتقال أعضاء الحزب من الجمعية العامة إلى مقر حزب الشعوب الديمقراطي. وقالت الوثيقة إنه تم سماع هتاف "يعيش الزعيم آبو" في إشارة على ما يبدو إلى مؤسس حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان المسجون منذ عام 1999. وتعتبر تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني جماعة إرهابية. وأوضحت الوثيقة أنه في إطار التحقيق الجديد، قررت الشرطة أن جرجرلي أوغلو "لا يزال يتصرف مثل النائب (رغم إسقاط عضويته) وأنه، على نحو غير قانوني، لم يغادر مبنى حكوميا". وكان النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي ثالث أكبر أحزاب في البرلمان، قد رد الأربعاء على تجريده من مقعده، قائلا "سأقاوم هذا الانقلاب على البرلمان. لا يمكن أن تُداس إرادة الشعب". في 2018 حُكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف بتهمة "الدعاية الإرهابية" بعد نشره مقالًا على مواقع التواصل الاجتماعي حول محادثات محتملة بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني. ويدافع جرجلي أوغلو عن حقوق الإنسان منذ فترة طويلة، ولاسيما مكافحة سوء المعاملة والتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون. وهتف العديد من نواب حزب الشعوب الديمقراطي الأربعاء في البرلمان "لن نستسلم!" رافعين لافتات عليها صورة جرجلي أوغلو. وندد حلفاء تركيا الغربيون بخطوة إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي في حين دافع حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب اردوغان والذي يتمتع بأغلبية في البرلمان مع القوميين عن هذه الخطوة. واحتشد آلاف الأكراد الأتراك أمس السبت في إسطنبول دعما لحزب الشعوب الديمقراطي. وعبر أكراد أتراك عن غضبهم السبت من محاولة قضاء الرئيس التركي حظر حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، مما حوّل احتفالاتهم بعيد النوروز في أنحاء البلاد إلى استعراض للتحدي. وتجمع الآلاف في مسيرة حاشدة وسط إجراءات أمنية مشددة، للتنديد بقمع السلطات التركية وسعيها لحظر ثالث أكبر الأحزاب في البرلمان. وقال عباس مندي (45 عاما) أحد المشاركين في المسيرة وهو من مدينة شرناق في جنوب شرق تركيا الذي تقطنه غالبية كردية، "لقد أغلقوا سبعة أو ثمانية أحزاب مماثلة من قبل وعادت أقوى"، واصفا النوروز بأنه "عيد سلام ومقاومة ونهوض". بدوره قال رضوان أقطاش (30 عاما)، "أعتقد أنه لا توجد مجموعة عرقية في العالم عانت من القمع مثل الأكراد"، واتهم حكومة الرئيس التركي باستهداف أي شخص يعارضها. وتقول الحكومة إنها تعامل جميع المواطنين على قدم المساواة. وأثارت المطالبة بإغلاق الحزب المؤيد للأكراد مخاوف الدول الغربية بشأن سيادة القانون في تركيا، فيما تسعى أنقرة إلى تهدئة التوتر الذي يخيم على علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا. وحذّرت الولايات المتحدة الأربعاء من أن الجهود التي تبذل لحظر حزب رئيسي موال للأكراد في تركيا ستشكل تقويضا للديمقراطية. ولطالما انتقدت الدول الأوروبية سلوك اردوغان تجاه الأكراد وممارسات القمع المجحفة بحق المعارضة وأثارت تلك الممارسات مخاوف الأوربيين إزاء الديمقراطية والحقوق الأساسية في تركيا. والجمعة نظم عشرات المتظاهرين وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، تنديدا بممارسات الرئيس التركي، حيث أظهرت مشاهد رفع المحتجين للافتات كتب عليه عبارة "توقف اردوغان". وكثفت السلطات التركية متجاهلة الانتقادات الغربية والأوربية، في السنوات الأخيرة عمليات الاعتقال وعزل مسؤولين منتخبين أعضاء في الحزب واستبدلت الغالبية العظمى لرؤساء البلديات الستة والخمسين المؤيدين للأكراد. وينفي الحزب بشدة الاتهامات الموجّهة له بممارسة "أنشطة إرهابية"، ويقول إنه ضحية حملة اضطهاد بسبب معارضته لاردوغان. وتأتي محاولات اردوغان لدحض المعارضة وتقليص في الانتخابات المرتقبة في وقت يشهد في الرئيس التركي وحزبه تآكلا في الخزان الانتخابي وتراجع القاعدة الجماهيرية والمناصرين. وسيؤدي الحظر المحتمل لحزب الشعوب إلى تغير كبير في المشهد السياسي قبل سنتين من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يبدو أنها ستكون صعبة بالنسبة لاردوغان، في ظل التحديات الاقتصادية. وأمام تلبد الأفق يشدد حزب الشعوب الديمقراطي على قدرة الحركة الكردية السياسية على الاستمرار. فقد سبق وحظرت أحزاب كثيرة مؤيدة للأكراد مثل حزب ديمقراطية الشعب في العام 2003 المتهم بإقامة روابط مع حزب العمال الكردستاني.

مشاركة :