نحن أمام توقيت خطير، تهدد فيه إسرائيل، القدس، عبر محو ملامحها الأساسية، والمعركة في حي الشيخ جراح المطل على المسجد الأقصى، واحدة من هذه المعارك هذه الأيام.إسرائيل تريد هدم عشرات البيوت، وتشريد مئات العائلات، بقرار قضائي، بذريعة تقول إن الفلسطينيين في هذه المنطقة لا يمتلكون الأرض، ولا البيوت، والمفارقة هنا، أنه لا اثباتات تؤكد ملكية أي إسرائيلي لأي قطعة أرض في حي الشيخ جراح، الذي كان قرية في وقت سابق، لكنه أصبح من احياء القدس، وقد أخذ حي الشيخ جراح اسمه من الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، طبيب صلاح الدين الأيوبي، وقد أنشئ حي الشيخ جراح بالقدس العام 1956 بموجب اتفاقية وقعت بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين والحكومة الأردنية، وفي حينه استوعب 28 عائلة فلسطينية هجرت من أراضيها المحتلة العام 1948، إضافة الى عشرات العائلات في وقت سابق، وكلها لديها وثائق من الأردن، تثبت ملكيتها لهذه الأرض، ولهذه البيوت، وهي وثائق قدمها الأردن، أخيرا، لأصحاب هذه البيوت.المفارقة هنا، ان إسرائيل لا تعترف بالوثائق الأردنية، وتريد وثائق مختومة وموقعة، وفقا لشروط محددة، لكنها بالمقابل تعترف بوثائق مزورة يقدمها المتطرفون، الذين احتلوا القدس منذ عشرات السنين فقط، فيما أصحاب الأرض الأصليون الذين يعيشون فيها منذ الاف السنين، يجهدون وهم يحاولون إثبات ملكيتهم للأرض في حي الشيخ جراح، أمام قضاء يقف ضدهم.الذي يجري خطير جدا، وهو محاولة لتهويد المدينة، وشطب كل وجود عربي فيها، عبر سحب بطاقات الإقامة، والسجن والملاحقة، وهدم البيوت، والاستيلاء على الأرض، وحين نتحدث عن حي مثل حي الشيخ جراح، فإن أهميته تكمن في قربه من المسجد الأقصى، حيث تريد إسرائيل إخلاء البيوت حول الاقصى، وإسكان مستوطنين فيها، من أجل إحاطة الحرم القدسي من كل الجهات، بوجود إسرائيلي، وتنفيذ مشاريع مختلفة، لتغيير هوية المدينة.في ظل التوترات في العلاقة الأردنية الإسرائيلية، ووجود انتخابات إسرائيلية، وتشاغل السلطة الوطنية الفلسطينية بالانتخابات أيضا، فإن ملف حي الشيخ جراح، يجب ألا يغيب، وهو ملف قد يؤدي الى انفجار الأوضاع في القدس، على مستويات مختلفة، خصوصا، ان القضية لا تمس فرداً واحداً، بل عشرات العائلات، ومئات الأفراد، وبيوت كثيرة، كما أن معركة الشيخ جراح تكمن خطورتها، في كونها قابلة للتكرار في مواقع ثانية، مثل سلوان وبقية القرى المقدسية، التي باتت اليوم، جزءا من المدينة المقدسة، وليس في إطارها الريفي.النائب خليل عطية كان وجه سؤالا إلى رئيس الحكومة هنا، قال فيه: ” ماذا ستفعل الحكومة من أجل وقف المخطط الصهيوني والمعلن عنه من خلال إخطار سكان حي الشيخ جراح بقرار من محكمة الاحتلال الصهيوني والقاضي بترحيل نحو 500 مقدسي وهدم حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة الذي تمت إقامته عبر اتفاقية بين الحكومة الاردنية ووكالة الغوث تاعام 1956 لتسكين العشرات من العائلات؟”.سكان الحي يطالبون بوثائق إضافية من الأردن تثبت ملكيتهم، ويقولون إن المطلوب أن يزودهم الأردن بالعقود الرسمية المختومة والمروسة التي تم توقيعها العام 1956 بين وزارة الإنشاء والتعمير الأردنية آنذاك وسكان الحي، لأن الوثائق لم تأخذ بها المحاكم الإسرائيلية.المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية السفير ضيف الله علي الفايز قال في تصريحات صحفية سابقا: ” جميع الوثائق المتوفرة لدى الأردن تم تقديمها للسلطة الفلسطينية، وكل ما طُلب وكان متوفراً تم تسليمه مصدقاً، حتى تلك الاتفاقية الموقّعة مع وكالة الغوث، وتسكين هذه العائلات كان أيام وجود الجيش الأردني، وهو مصلحة أردنية”.ملف الوثائق في هذه القصة، على أهميته، ليس كافيا، حتى لا تتحول القصة إلى قصة وثائق الأردن في ملف الشيخ جراح، وقصة صراع قضائي، لأن الأساس هو وجود مشروع إسرائيلي سوف يسطو على كل شيء في فلسطين، بما في ذلك أملاك الغائبين، وحتى أولئك الذين لديهم وثائق تم سلب ملكياتهم، وهذا يعني أن القصة تتجاوز بكثير قصة الوثائق.هذا الملف بأكمله بحاجة إلى معالجة سريعة، وإلا فإن الخسارة في القدس كبيرة جدا .الغد
مشاركة :