ردود فعل غاضبة ضد انسحاب تركيا من الاتفاقية الدولية لحماية المرأة

  • 3/22/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أثار قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالانسحاب من اتفاقية إسطنبول لحقوق المرأة، غضبا محليا ودوليا وسط دعوات للعدول عن قراره، حيث من شأن هذا القرار أن يعرض حقوق المرأة التركية إلى الخطر، كما سيزيد من قتامة المشهد الحقوقي في البلد، فيما يؤكد منتقدو الانسحاب من الاتفاقية أن مخالفة تركيا لقيم الاتحاد الأوروبي من جديد ستصعب عليها الانضمام إلى عضوية التكتل. إسطنبول- تعرض النظام التركي برئاسة طيب رجب أردوغان إلى إدانات وانتقادات دولية ومحلية واسعة على إثر قراره القاضي بالانسحاب من اتفاقية إسطنبول لحقوق المرأة، في خطوة تعكس حجم التراجع في ملف حقوق الإنسان، كما تفتح الباب للمزيد من الانقسامات داخل المجتمع التركي وصلب حزب العدالة والتنمية الحاكم بسبب الخلافات في شأن السياسة المتبعة في هذا الملف. وانتقد زعماء أوروبيون ما وصفوه بقرار تركيا المحير والداعي للقلق بالانسحاب من اتفاقية دولية تهدف إلى حماية النساء من العنف وحثوا أردوغان على إعادة النظر فيه. وأبدت ألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي الانزعاج من هذا القرار، وكان ذلك للمرة الثانية خلال أربعة أيام والتي انتقد فيها قادة أوروبيون أنقرة بسبب قضايا حقوقية، وذلك بعد تحرك الادعاء التركي لإغلاق حزب سياسي مؤيد للأكراد. وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي السبت “لا يسعنا إلا أن نبدي أسفنا العميق ونعبر عن عدم فهمنا لقرار الحكومة التركية”. وأضاف أن القرار “يجازف بتعريض حماية النساء والبنات في تركيا وحقوقهن الأساسية للخطر ويطلق رسالة خطيرة في مختلف أنحاء العالم. ومن ثم لا يسعنا إلا أن نحث تركيا على العدول عن القرار”. وفي تغريدة نشرت على تويتر الأحد قالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية التي تحدثت مع أردوغان قبل يوم من القرار التركي “تستحق النساء إطارا قانونيا قويا لحمايتهن” ودعت كل الأطراف الموقعة على الاتفاقية إلى المصادقة عليها. ووصفت ماريا بيجينوفيتش، الأمينة العامة للمجلس الأوروبي المؤلف من 47 دولة، قرار تركيا بأنه “مدمر” بالنظر إلى العنف الذي تواجهه النساء والفتيات. وأكدت باريس أن انسحاب تركيا يمثل ردة فعل جديدة في ما يتعلق بحقوق الإنسان بينما قالت برلين إنه لا يمكن أن تكون الثقافة أو الدين أو التقاليد “ذريعة لتجاهل العنف ضد النساء”. وكانت الاتفاقية قد أدت إلى انقسام في حزب أردوغان، العدالة والتنمية الحاكم، بل وفي عائلته أيضا. وطرح المسؤولون الانسحاب من الاتفاقية العام الماضي وسط نزاع على كيفية الحد من العنف الأسري في تركيا حيث زادت جرائم قتل النساء إلى ثلاثة أمثالها في عشر سنوات وفقا لما قالته جماعة حقوقية. غير أن عددا كبيرا من المحافظين في تركيا وفي حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية يقولون إن الاتفاقية تقوض البنية الأسرية وتشجع على العنف. ويعترض البعض على موقفها من التمييز على أساس التوجه الجنسي. جوزيب بوريل: القرار التركي يجازف بتعريض حقوق النساء للخطر وتشير أوساط سياسية تركية إلى أن المبررات التي تطرحها السلطات التركية غير مقنعة فالدفاع عن حقوق المرأة بمنع تعنيفها من القيم الكونية التي تتشارك فيها الإنسانية، ولا دخل للعادات والتقاليد في مثل تلك الممارسات. ويعتقد متابعون أن أردوغان استغل هذه الاتفاقية لحشد ناخبيه المحافظين، حيث رضخ بعد هذا الإجراء لضغوط مجموعات إسلامية محافظة تدعو منذ أشهر إلى التخلي عن هذا الاتفاق الذي أضر حسب رأيهم، بالقيم العائلية “التقليدية”، في الوقت الذي يخشى فيه العديد من النساء من أن التخلي عن الاتفاق سيفتح الباب أمام ارتفاع منسوب العنف ضد المرأة المتفشي أساسا. وقال منتقدو الانسحاب من الاتفاقية إنه سيزيد من مخالفة تركيا لقيم الاتحاد الأوروبي، الذي لا تزال مرشحة للانضمام إليه وبالتالي فان السياسات الحكومية في ما يتعلق بالمرأة ستصعب جهود أنقرة خاصة وأنها تتزامن مع إجراءات مناهضة للديمقراطية والتعددية. وتأتي الضغوط الدبلوماسية بعد أن قالت أوروبا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي إن التحرك لإغلاق ثالث أكبر حزب في البرلمان التركي وهو حزب الشعوب الديمقراطية المؤيد للأكراد يقوض الديمقراطية في تركيا. واستخدمت جماعات حقوقية والمعارضة وسائل التواصل الاجتماعي لشجب الخطوة، حيث كان ذلك الموضوع الشائع على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”. وقالت الكاتبة التركية إليف شفق على تويتر عن الانسحاب من الاتفاقية “هذا التعصب الأبوي وقسوة القلب التي تحمي المتنمرين والقتلة بدلا من النساء.. عار”. وقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، من حزب المعارضة الرئيسي، إن الانسحاب من الاتفاقية “مؤلم” بعد تجاهل نضال النساء على مدى سنوات. وأثارت الخطوة احتجاجات من قبل جماعات حقوق المرأة ومحامين ونواب المعارضة في عدد من المدن، بما في ذلك العاصمة أنقرة، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية. وهتف المتظاهرون خلف حواجز الشرطة في منطقة كاديكوي بإسطنبول السبت “ألغوا القرار، طبقوا الاتفاقية”. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها “لن تنحني النساء” و”المساواة للمرأة”. وأظهر مقطع فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي متظاهرين يهتفون بأسماء نساء قتلهن رجال. عدد كبير من المحافظين في تركيا وفي حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية يقولون إن الاتفاقية تقوض البنية الأسرية وتشجع على العنف وكانت حكومة أردوغان قد انسحبت السبت من اتفاقية إسطنبول، وبررت موقفها بأن القوانين المحلية هي التي ستحمي حقوق النساء لا حلول الخارجية. وتتعهد الاتفاقية التي أشرف عليها مجلس أوروبا بمنع العنف الأسري ومقاضاة مرتكبيه والقضاء عليه وتعزيز المساواة. ووقعت تركيا على الاتفاقية عام 2011 لكن البلاد شهدت ارتفاعا في جرائم قتل النساء خلال الأعوام الماضية. ولا تحتفظ تركيا بإحصائيات رسمية عن قتل النساء. وأظهرت بيانات منظمة الصحة العالمية أن 38 في المئة من النساء في تركيا يتعرضن للعنف من شريك حياتهن، مقارنة بنحو 25 في المئة في أوروبا.

مشاركة :